|
ثقافة ثم تتابعت عبر أكثر من خمسة عشر معرضاً فردياً , أقيمت في حلب ودمشق وبيروت . إضافة لمشاركاته في العديد من المعارض الجماعية الرسمية والخاصة داخل سورية وخارجها. يطرح المعرض من جديد جمالية التعامل مع عناصر المنظر الطبيعي والأشكال القديمة والصامتة والزهور والطيور (بالأخص الحمامة ) وضمن النهج الحامل ملامح تقنية سبق وتميز بها منذ سنوات طويلة واتخذها كمدخل لاقتناص الشاعرية البصرية المتصاعدة من وتيرة البحث اللوني والتقني. واللافت في تجربة يوسف عقيل المتواصلة دون توقف اوانقطاع , ذلك الأداء الهادئ والمكثف والهادف الى إظهار إيقاعات الضوء على أرضية لونية خافتة أو معتمة , حيث يبحث عن شاعرية في التعبير اللوني ونورانية بمنظورية البعد والعمق المتبعة في الرسم التقيليدي الواقعي, كما أن الأشجار والأغصان والبيوت القديمة والعناصر المختلفة , لاتأخذ في لوحاته لونها الأصلي المتوفر دائماً في الواقع أو في الصورة الضوئية. وهو اذ يبتعد عن توجهات ومعطيات الفنون الاستهلاكية ويطلق مشاهد وعناصر لوحاته نحو الرؤى الحلمية , فإنه لايفصح في دلالاتها الزمنية المتتابعة في التعتيق اللوني , الذي يصل إليه بأداء عقلاني يحد من الطفح البصري الانفعالي , ويدخلنا أحياناً في أجواء بصرية تاريخية قادرة على التألق والتواصل مع معطيات ثقافة وجمالية فنون العصر. وهذه المظاهر البصرية المنضبطة والواعية والمقروءة في مساحة اللوحة , تجعله يغوص في المسائل التقنية ,ليحقق درجة من الخشونة في أماكن متفرقة من بعض لوحاته الجديدة , وليصل إلى التأليف الفني , الذي يحافظ على المناخ البصري الخاص الشاعري والرومانسي . ويمكن القول : إن اللوحة الجدارية قد منحته حرية أكبر في استخدام المواد المختلطة , على الأقل في تأسيس أرضية اللوحة , وإيجاد تضاريس لونية ومساحات ضوئية واسعة ومحاطة بمساحات داكنة. وبذلك تظهر فروقات في الأمزجة والخيارات والموضوعات أحياناً بين لوحاته القديمة والجديدة , الشيء الذي يمنحنا الانطباع أن معرضه ا لحالي أو على الأقل في بعض لوحاته الجديدة يبدو أكثر حرية وعفوية . ومن هنا يمكن القول : إنه يتعاطف في معالجاته اللونية مع معطيات الاختبارات التقنية الحديثة , ثم يرتد مرة أخرى نحو مظاهر الاهتمام بالأناقة والدقة والدرج اللوني والشاعرية وإضاءة مساحات من اللوحة, ويعمل على موازنتها مع المساحات الخافتة , مع إعطاء أهمية كبرى للأداء التقني المركز , ليكون النموذج الأمثل المعبر عن إحساسه المنظم في الرسم والتشكيل والرؤية الفنية. وهذا يعني ابتعاده الكلي عن الصياغة الواقعية في مدلولها الإنشائي أومنظورها الاستعراضي , وعدم تعاطفه مع الأداء اللوني الارتجالي وماتمنحه الحركة الداخلية الانفعالية من تجليات لونية تلقائية, وتكوين عفوي متحرر ,حيث يمارس حريته في عملية بناء لوحته , ضمن منطق تصويري مدروس وموزون ,ويتنقل من تفصيل إلى آخر , دون أن ينسى أن لوحته هي وليدة تأملات فنون العصر القادمة هنا من علاقته المزمنة مع رموز المدينة القديمة والتي عرفها في طفولته , باحثاً منذ البداية عن مناخاتها اللونية وشاعريتها البصرية . |
|