تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حل الدولتين.. شرارة الخلاف بين نتنياهو وأوباما

مجلة TIME الأمريكية
ترجمة
الخميس 9-4-2009م
ترجمة: ليندا سكوتي

في يوم الثلاثاء الفائت، أدى القسم رئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينية بنيامين نتنياهو، وأعرب عن معارضته لحل الدولتين الذي كان موضعا للحوار حتى الأمس القريب، الأمر الذي ينبئ عن بدء ظهور الخلاف مع إدارة أوباما.

يتوقع الجميع أن مكاشفة ستحصل بين نتنياهو وواشنطن في القريب العاجل، عندما يلتقي قائد حزب الليكود المتشدد نتنياهو مع مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في القدس بتاريخ 16 نيسان، ولاريب أنه سيتم في هذا اللقاء مناقشة موضوع الزيارة التي يزمع رئيس الحكومة العتيدة القيام بها إلى واشنطن في بحر شهر أيار المقبل، لإجراء محادثات مع كل من الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اللذين سبق لهما ان اعربا عن رغبتهما في اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة التي تشكل في مضمونها المفتاح الرئيس للسلام في المنطقة برمتها.‏

في خطاب القسم الذي ألقاه نتنياهو أمام الكنيست، ظهر بعض من التخفيف في المواقف المتشددة المعلنة حيال الفلسطينيين، وأكد به العمل على تحسين الروابط السياسية والأمنية مع جيران إسرائيل من العرب بقوله:« لانريد أن نحكم الفلسطينيين». إلا أنه لم يتطرق إلى حل الدولتين الذي تؤيده واشنطن الامر الذي جعل الفلسطينيين يشعرون بالإحباط والتشاؤم، ما دعا أحد كبار مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للتصريح إلى مجلة تايم أن الفشل في الحصول على تنازلات من رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت جعلهم يتوقعون عدم تحقيق أي تقدم مع نتنياهو في الأمور المتعلقة بالقضايا الرئيسة مثل بناء المستوطنات اليهودية غير الشرعية، وازالة 550 نقطة تفتيش عسكرية في الضفة الغربية تشل حركة الفلسطينيين. وذكر أحد المقربين من عباس إلى مجلة تايم أن السلطة الفلسطينية لا تواجه الحكومة الإسرائيلية فحسب، وإنما تواجه أيضا هيمنة حماس على قطاع غزة، وأن عباس قد أفصح لأحد مساعديه عن احتمال تقديمه الاستقالة من منصبه على خلفية ما ألم به من إحباط جراء مفاوضاته مع إسرائيل. وفي هذا السياق قال أحد مساعديه: إن الأمل الوحيد لبقاء عباس في السلطة يتمثل بما قد يمارسه أوباما من ضغط على إسرائيل للمباشرة بمفاوضات حل الدولتين.‏

وفي غزة صرح أحد قياديي حماس لمجلة تايم إن فوز نتنياهو يشكل أكبر دليل إثبات على أن الإسرائيليين يعارضون منح الفلسطينيين أي حقوق، وأنهم على قناعة أن الامر الوحيد الذي يؤمن به نتنياهو هو التصعيد العسكري ضد الفلسطينيين.‏

مازال الغموض يكتنف خطة واشنطن في تحقيق السلام الذي يدعو إليه أوباما، حيث ذكرت الصحافة الاسرائيلية أن مبعوث الولايات المتحدة ميتشل سوف يعرض صيغة جديدة على نتنياهو تتمثل بانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 ما عدا المستوطنات اليهودية المقامة حول مدينة القدس، وأن تكون القدس عاصمة لدولة إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية، وأن يكون ثمة وضع خاص للمدينة المقدسة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين وأن يسمح بعودة اللاجئين إلى دولة فلسطين مع إقرار إسرائيل بمسؤوليتها عن تهجيرهم، وأن توضع قوة متعددة الجنسيات في الأراضي الفلسطينية لفترة مؤقتة لضمان امن إسرائيل من الهجمات الإرهابية.‏

لكن تلك الخطة ستلقى معارضة شديدة من نتنياهو، وسيقف إلى جانبه الائتلاف اليميني الذي دأب على رفض تقسيم القدس ويطالب بالاستمرار في بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، إضافة إلى ما تعهد به نتنياهو بالموافقة على بناء مستوطنة جديدة تضم 3500 منزل خارج القدس، وتحيط بالأحياء العربية للمدينة وبدت جدية مواقفه ووضوحها عندما عهد إلى افيغدور ليبرمان بوزارة الخارجية، ذلك الرجل الذي سبق ان اعلن عن وجهات نظره المعادية للعرب ويجري التحقيق معه مؤخرا بشأن تلقيه الرشاوى. الأمر الذي أصاب الاميركيين والاوروبيين بالاحباط حيال ايجاد حلول لمعضلات الشرق الاوسط.‏

بذل نتنياهو جهودا حثيثة لعدة اسابيع لتشكيل الحكومة الائتلافية، وكانت النتيجة مفاجئة للجميع عندما شكل وزارة قوامها 30 وزيرا وسبعة نواب وزراء ولا يبدو اهمية وضخامة هذا الرقم إلا عند مقارنته مع عدد وزراء الحكومة البريطانية التي لا تضم سوى 22 وزيرا فقط على الرغم من أن مساحة بريطانيا تعادل 10 أضعاف مساحة إسرائيل. الأمر الذي دعا تسيبي ليفني قائدة المعارضة وزعيمة حزب كاديما إلى استهجان ذلك ووصف الحكومة الجديدة بفقاعة الصابون والوزراء بعدم الفعالية. كما اكد استطلاع اجرته صحيفة هآرتس بعد مضي اقل من 24 ساعة على تسلم نتنياهو مقاليد الحكم أن 54٪ من الإسرائيليين غير سعيدين بتشكيل هذه الحكومة، على الرغم من كونها تحظى بتأييد ائتلاف قوامه 69 مقعدا في الكنيست من أصل 120 مقعدا، وهذا الائتلاف يشكل رقما كبيرا بالنسبة لعدد أعضاء الكنيست الاسرائيلي، الامر الذي يمكن نتنياهو من الضغط لتحقيق القبول باتفاقية سلام ترعاها اميركا. أما بالنسبة لما يعلنه ليبرمان بشأن الحرب مع العرب، فقد أكد مساعدو نتنياهو أن رئيس الحكومة سيتولى بنفسه معالجة العلاقات مع واشنطن ودول الجوار.‏

من المؤسف أن نجد معظم الإسرائيليين لا يكترثون بموضوع السلام مع الفلسطينيين، بل تتركز جل اهتماماتهم في الوقت الحاضر على تراجع الاقتصاد الاسرائيلي والتهديد النووي الايراني، لأنهم يعتقدون أن بيبي قادر على حل هاتين المعضلتين.‏

مازال نتنياهو غير مكترث بمطالب الفلسطينيين، في الوقت الذي تعد به حماس نفسها لخوض جولة جديدة من القتال مع إسرائيل، وثمة توقعات تشير إلى إمكانية اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية.‏

إن السلام الشامل مع الدول العربية لن يتحقق إلا باقامة دولة للفلسطينيين، وقد نبه رئيس الحكومة المستقيل إيهود أولمرت إلى ذلك في خطاب الوداع عندما قال:« ليس ثمة دولة إسرائيلية دون اغلبية يهودية، وليس هناك من اغلبية يهودية في إسرائيل العظمى (بما فيها الضفة الغربية) حيث يقيم ملايين الفلسطينيين».‏

لقد خانت الشجاعة اولمرت عندما تهيب من تقديم الدعم السياسي لمساعدة الفلسطينيين في اقامة دولة خاصة بهم، أما الآن فقد اصبحت الكرة في ملعب نتنياهو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية