تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فاعلــــــون في كل المساحات

شباب
الخميس 9-4-2009م
غصون سليمان

احتلت قضايا الشباب موقعاً متقدماً في قائمة أولويات الحكومات والمنظمات الأهلية خلال العقود الأخيرة، ما يفسر بشكل أو بآخر

اعترافاً واضحاً بخصوصية القضايا المتعلقة بهذه الشريحة ومدى تشابك قضاياها مع مجمل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المجتمعات المعاصرة.‏

وتؤكد الدراسات والمعطيات بكافة أشكالها من أن الشباب لا ينظر إليه اليوم باعتباره صانع المستقبل فحسب وإنما فاعل اجتماعي بالكامل ومؤثر في الحاضر وإن تعددت وتراوحت تقييمات ذلك التأثير بين سلبية وإيجابية تغلب عليها الرؤية التنبؤية الجامعة بين الخوف والتفاؤل إزاء المستقبل.‏

ولعل أكثر ما يحرج الشباب والمجتمع على السواء هو فترة الشباب المراهق حيث يصفها البعض أنها مشكلة اجتماعية نظراً لخصوصيات المرحلة وصفاتها النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية، وبالتالي فإن فهم هذه المشكلات التي يتعرضون لها والتي تعوق تقدمهم ونموهم تجعلنا أكثر قدرة على توجيههم ورعايتهم بما يتناسب وطبيعة المرحلة المعنية.‏

وبعيداً عن معنى المراهقة والمواصفات والخصائص التي تمر بها على الصعيد الفيزيولوجي والنفسي والاجتماعي وغيره يبقى الصراع النفسي أحد أهم العوامل التي يعانيها الشباب في مقتبل العمر نظراً للانتقال الشامل في كيانه الجسمي والعصبي والدموي والعقلي فهو يحتار بين ما يرفضه ويقبله ويتأمل ملياِ في عالم الكبار وامتيازاتهم وحقوقهم حالماً بشكل أو بآخر أن يتحرر من سلطة الراشدين انطلاقاً من الرغبة في الاستقلال الذاتي دون سيطرة الأسرة والمجتمع، وإقناع المحيطين به على الاعتراف بأنه قد أصبح كبيراً ولم يعد ذلك الطفل المدلل، وعلى الجميع أن يلحظ كامل المساحات التي تحيط بهذه الفترة المتذبذة في عمر الشباب فقد يكون هناك بحسب الدراسات الاجتماعية عامل التفكك الذي أصاب بعض الأسر نتيجة للمتغيرات التي صاحبت ظاهرة العولمة في السنوات الأخيرة والتي اختزلت كيان الإنسان في البعد الاستهلاكي حيث تتسابق المحطات التلفزيونية بجميع أقنيتها وحتى الانترنت وغيرهما من الوسائل الأخرى إلى جذب الشباب بأي صورة من خلال المواد الترفيهية وعرضها لأفلام والمسلسلات المليئة بالعنف والجريمة وقصص الحب والمغامرة العاطفية والإثارة، ما يعزز العديد من المظاهر السلبية خاصة في غياب سلطة الأب التي تعتبر نقطة ارتكاز وحماية واطمئنان للأبناء ما يجعل القلق سيد الموقف، يضاف لها العلاقات الهشة التي تحيط بالأسرة بشكل عام في ظل غياب الانسجام والتفاهم وحضور الاضطراب الأسري الذي بدا يعكس بشكل واضح فقدان الدور التربوي الذي كانت تتمتع به الأسرة سابقاً دون منازع لتأتي المدرسة في المرحلة الثانية.‏

إن الحديث في هذا الشأن يطول كثيراً لكن مانريد التأكيد عليه أن نحقق المصالحة مع ذاتنا أسراً وأفراداً وأن نرصد بعقلانية كل حاجاتنا وفق ظروفنا وإمكاناتنا وقناعاتنا وأن نكيف الوسط المحيط بنا كما نريد نحن لا كما تفرضه حالة الفوضى والموضة والموديل وقيم الاستهلاك التي غزت حتى الأجنة في بطون أمهاتها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية