|
فضائيات تصوروا أن تتوافر كل هذه وتتأتى لأحدهم بذات الوقت على ما فيها –ظاهريا-من تناقضات،أن تتحقق هذه المعادلة في آن واحد وتنسكب هذه التركيبة الآدمية بشخص إنسان واحد وفريد.
هو أمر قليل الحدوث..لكنه يدهش ..يسعد ...والاهم من هذا وذاك،أنه يغبطنا ويفائلنا أن لانزال نقوى على إنتاج هكذا نموذج حي لإنسان من هذا الزمان،ومن وسطنا الفني(العتيد). بسام كوسا الذي كان ضيفا لبرنامج علامة فارقة...الفنان(على طاقين) تنطبق عليه تسمية(المشخصاتي) دون أن تكون هذه التسمية تهدف عزله،عن دوره المجتمعي،بل على العكس،وخلافا للمعنى القديم الذي استخدمها به مقدم البرنامج فهو مشخصاتي ليس لأنه يشخص الأدوار..بل لأنه قادر وبوعي على تشخيص حال المجتمعات العربية. المشخصاتي الحريف كوسا،لم يزل يردد قول حسنين هيكل(مشكلتنا كأمة أننا أمة عقائد ولسنا أمة أفكار). ونحن نقول : من أين لنا بالأفكار؟والقدرة على ابتكارها ونحن لم نزل نستكين لثقافة الأجوبة...نخضع بموجب ضعفنا –على أنواعه-لسلطة الأجوبة الجاهزة،وننسى الغوص عمقا في تلافيف السؤال وتفرعاته خلقا لأسئلة جديدة،واستطالات استفهامية تهدف اجتراح اللامألوف الخلاق؟ هو إذاً وعي الفنان بأهمية دوره،الحقيقي في مجتمعه،تأكيدا لذلك وردا على السؤال لماذا الاهتمام بقضايا الشأن العام،يقول كوسا: إنه لم يأت إلى هذه الحياة للسياحة،فهناك بلد ينتمي إليه،يعنيه،واشتغاله بالفن لم يكن إلا وسيلة... والغاية هي أن تكون هناك(زبالة أقل في الشارع)-على حد قوله-والعبارة موارة،بمعان رمزية كثيرة. وبينما يركز مقدم البرنامج على صدامات كوسا مع غيره من الفنانين ومع مؤسسات حكومية..ينجح هذا الأخير بتقديم إجابات موضوعية،تنكأ في الجرح –الهم- العام،مؤكدا أنه صاحب هم وآمال وأنه لايؤمن بالأشخاص أصحاب المشاريع،متسائلا،أليس مشروعا أن تنتمي إلى أمة راقية،هو مشروع ولكنه يحتاج إلى مؤسسات،فالدولة الحديثة الحلم (لاتبنى إلا بالمؤسسات) ثانيا وثالثا...يعيد المقدم محاولة لاستفزاز كوسا، ونلمح طيف رغبة بإحراجه عبر تذكيره بما قاله الغير عنه...فهل أنت ممثل غير جيد...هل أنت متطفل على المهنة...؟بهدوء تام يرد كوسا،إن من حقهم أن يقولوا مايشاؤون... وبالعودة إلى خلطة (الفنان،المثقف،العادي) لكن الساعي لأن يكون فاعلا حقيقيا بأداة فنه،لامنظرا فحسب، تتأكد لدينا طفرة (الفنان المثقف)،الأصيل..أوليس هذا الشيء الطبيعي..ألا يفترض بمن يقدمون أنفسهم على أنهم (نخبة)أن يكونوا –كأضعف الإيمان- مهتمين بشؤون محيطهم البشري،الذي يصيرهم نجوما،تلمع وتبرق حتى لتكاد تعمي عيونهم هم أنفسهم دون غيرهم. ثم لماذا هذه المقارنة مع نجوم الفن الغربيين التي يسوقها مقدم البرنامج،مستهجنا ظاهرة الممثل المثقف لدينا،قائلا...في الغرب الممثل هو الممثل وفقط. هو استهجن وجود الظاهرة ونحن بدورنا نستهجن أن يسمي وجود بعض من الفنانين المثقفين،لايتجاوز عددهم أصابع اليدين في-وسطنا الفني-(بالظاهرة)! هل هي فعلا ظاهرة؟إذاً لماذا لانشاهد على شاشاتنا أكثر من نسخة( لبسام - الممثل)،بنفس العقلية والذهنية الواعية.. ثم إذا سلمنا بأن الممثل هو ممثل وحسب في الغرب،لماذا نغفل ونسهو عن أدوارهم الفاعلة بقوة في خدمة مجتمعاتهم...هم كنجوم غربيين يعون أهمية مواقعهم..يوظفونها،خدمة للقضايا الهامة...صحيا،تعليميا...إذ ليس أقل من أن يتبنى الفنان موقفا ويطلق كلمة لها أن تعبر عن آمال الكثيرين. لن نذكر بمواقف الكثير من نجوم هوليوود الداعمة للرئيس أوباما،في حملته الانتخابية(جنيفر لوبيز،أوبرا...) ولن نطالب بجهود كل من تشارلز ثيرون،ودرو باريمور التعليمية والصحية كلٌّ في موطنها... بل ندلل بهذه الأمثلة أن للم هويدا في أغانٍ جديدة مثل تأثيرا ملموسا في حياة الغير،وقد يكون تأثيرا أقوى وأجدى من تأثير أصحاب الأمر والنهي. |
|