|
ثقافة وفي تاريخ سورية الحضاري قصص أعلام من رجال ونساء، تألق نجم شهرتهم في عالم الإبداع والابتكار والاختراع وذلك بفضل أهمية منجزاتهم الحضارية التي خلدتهم وكان (أبو لودور الدمشقي) أحد هؤلاء الأعلام. هذا ما بدأ به الأستاذ فاروق الرباط رئيس جمعية العاديات محاضرة (أبو لودور الدمشقي) التي أقيمت في مكتبة الأسد التي قرأها عوضاً عن الأستاذ بشير زهدي الذي اضطر لظرف طارىء السفر خارج البلاد. حيث قال: إن المهندس المعمار (أبو لودور الدمشقي) من أبناء هذه الأرض العربية الطيبة والخيرة فقد ولد في مدينة دمشق في نحو 60 م حسب رأي بعض الباحثين أو عام 70 م حسب رأي الأخرين، وكان أبوه بناء يمارس مهنة البناء والعمارة، وقد تأثرت بجمالية العمارة السورية في بلاده وتكونت لديه مفاهيم معمارية ومبادىء جمالية تجسدت فيما بعد بمنجزاته المعمارية. أدرك أهمية فن العمارة كأحد أهم ميادين التراث الحضاري، كان يميل إلى فن العمارة وكان طموحاً، أدرك أن لفن العمارة رواداً كباراً تميزوا بالعبقرية والنبوغ وعندما تولى الرومان حكم سورية عام 64ق.م قرروا القيام بمشاريع معمارية هامة، ما جعل دمشق تشهد حركة عمرانية ومعمارية هامة فجرت في المهندس المعمار (أبو لودور الدمشقي) الطاقات المعمارية والإمكانات الإنشائية في عصر تميز بهذه النهضة المعمارية والميل إلى تذوق فن العمارة وجمالية الضخامة التي تليق بالعصر الروماني وطموحاته المعمارية. أراد الامبراطور (تراجان) أن يرى هذا الشاب المعمار ويشجعه في عمله ويفيد من مواهبه المعمارية وعبقريته وخبرته فدعاه إلى روما ليقوم بتنفيذ مشاريعه المعمارية فيها. - أبو لودور الدمشقي وأهم منجزاته المعمارية إذا كان المهندس المعمار أبو لودور قد بدأ حياته المعمارية باسهامه في إقامة (معبد جوبيتير الدمشقي الكبير في دمشق) فإن الرومان اكتشفوا مواهبه المعمارية وإمكاناته المتميزة فدعوه إلى روما ليفيدوا منه في تصميم المشاريع الكبرى وأهم هذه المشاريع المعمارية مايلي: - السوق - فوروم تراجان - دار العدل الأولمبية - عمود تراجان التذكاري - الجسر العملاق على نهر الدانوب في رومانيا - قوس النصر في مدينة أنكونا ... الخ - تراجع شهرة أبو لودور الدمشقي ومأساته في أواخر أيام حياته هناك عدة آراء عن تراجع شهرة أبو لودور أهمها: - تم حصر حق البناء والعمارة بالعسكريين ما جعل أبو لودور يتخلى عن ممارسة عمله المعماري - غضب الإمبراطور الجديد هادريان على المهندس أبو لودور فقرر الخلاص منه، ومهما يكن من أمر فقد تراجعت شهرة أبو لودور وضعف نفوذه وبعد وفاة الامبراطور تراجان، ويذكر هؤلاء الباحثون منجزات حققها المهندس أبو لودور في عهد الامبراطور الجديد هارديان وهي: اقترح أبو لودور إقامة تمثال ضخم لربة القمر (لونا) مقابل تمثال رب الشمس (هيليوس) الذي يعود إلى عهد نيرون - تأليف مخطوط في الهندسة الحربية عنوانه (آلات الحصار)...الخ لقد أنجبت سورية المهندس المعمار أبو لودور الذي بدأ عمله المعماري في ورشة بناء معبد جوبيتير الدمشقي في دمشق وذلك بجد وإخلاص وشغف واهتمام، وكان أبو لودور موضع ثقة واحترام الامبراطور تراجان واعتبر مدرسة معمارية وفنية أخذ عنها كثيرون من المعماريين والفنانين. وبعد وفاة (تراجان) اعتلى عرش روما الامبراطور هادريان الذي اختلف مع المهندس أبو لودور في مواضيع العمارة فكانت حياة هذا المهندس المعمار نهاية مأساوية. إننا مازلنا نجهل الكثير من جوانب حياة هذا العبقري الموهوب ومنجزاته المعمارية وإذا كان هذا المهندس العبقري قد مات عام 125 م فإن منجزاته المعمارية خلدته وبقيت شاهدة على عبقريته ونبوغه مؤكدة الحكمة القائلة: إذا كان الإنسان فانياً فإنه خالد بآثاره ومآثره. |
|