تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عن المعهد العالي للفنون المسرحية..عمران: رغم محاولات البعض التوسط لا واسطة في قبول الطلاب

ثقافة
الاثنين 27-10-2014
مصطفى علوش

سأتذكر هذا اليوم طويلاً، يوم الثلاثاء الواقع في 21/10/ 2014، حيث عشت يوماً في المعهد العالي للفنون المسرحية، بدأت القصة من رغبتي في معرفة هذا المعهد عن قرب والآن، وفي الأسباب الأخرى: أنا شخص منحاز للمسرح.

قبل يوم واحد اتصلت بالأستاذ سامر عمران عميد المعهد أخبره برغبتي هذه، بداية شعرت أنه توجس من الفكرة، وبعد دقائق من الحوار رحّب فرتبت موعد اللقاء.‏‏

في المعهد‏‏

في هذا المكان «المعهد العالي للفنون المسرحية»، ومنذ لحظة وصولي عادت بي الذاكرة إلى كل العروض المسرحية التي حضرتها على خشبات: القباني والحمراء واتحاد العمال ودار الأوبرا، حيث القسم الأكبر من ممثلي المسرح السوري تعلموا هنا و تدربوا، إذا هنا يتم إعداد الممثل المسرحي والناقد المسرحي، وبعد افتتاح أقسام جديدة عرفت انه يتم تخريج مصممين، وتقنيين وممثلين راقصين. وتساءلت من أين أبدأ؟ مع أنني تركت لروحي التعرف على المسرح والمسرحيين منذ سنوات طويلة.‏‏

في مدخل المعهد، جلست على أحد المقاعد الخشبية، كانت شمس شهر تشرين تضيء أرواح الطلاب والطالبات الذين توزعوا على مختلف المقاعد والأدراج ينتظرون دروسهم، وبالقرب من ضوء الشمس كانت دعابات الطلاب وضحكاتهم تعطي للمكان فرحه الخاص، كمكان دافئ وخاص جداً.‏‏

ساعتان من الحوار مع العميد‏‏

في مكتب العميد د. سامر عمران،بدأ الحوار من الكلام السياسي المتعلق باللحظة السورية الصعبة والمعقدة، مروراً بالثقافة وصولاً إلى أحوال المعهد، لم يرغب بتسجيل الحوار على كاسيت وأنا مثله شعرت بأن عدم التسجيل أبعد الحوار عن الشكل التقليدي، ولعل الجسر المشترك بيننا (المسرح، الثقافة) قد جعل الحوار يأخذ هذا الشكل الصريح.‏‏

سأبدأ من الجزء الأخير من الحوار حيث ناقشته بموضوع طريقة قبول طلاب المعهد العالي، حيث يقبل المعهد سنوياً 14 طالباً فقط، قلت له بصراحة: ماذا عن الواسطة في قبول الطلاب؟‏‏

في جوابه الواقعي والصادق عبّر تماماً عما يحصل، ورغم أنه أكد في النهاية أنه لا توجد واسطة، واخبرني أن الطالب غير الموهوب سيبقى في مكانه يراوح في المعهد بينما يجد زملاؤه يتقدمون، لذلك يحرصون كإدارة على انتقاء الموهوب، فهناك مئات يتقدمون للاختبار، يقبلون حوالي الخمسين طالباً، ولهؤلاء يقيمون ورشات عمل لانتقاء الأفضل فيقبلون 14 طالباً من خمسين.‏‏

وأكد عمران أنه هو شخصياً دخل إلى المعهد بدون واسطة، في تلك الأيام كان العبقري فواز الساجر في المعهد، وعدد من أهم من اشتغل بالمسرح السوري، قال له أحدهم وكان في حلب في تلك الأيام: لابد أن تتكلم مع الدكتورة نجاح العطار شخصياً وزيرة الثقافة آنذاك لتنجح، وتحتاج إلى واسطة منها شخصياً، بينما تكلم شخص آخر قائلاً: الموهوب سينجح ففي اللجنة ممثلون ومخرجون ولابد سيلاحظون موهبتك.‏‏

الحوار مع الأستاذ سامر عمران كان مسرحياً بامتياز، حيث كان يطعّم الكلام بما يستحقه من أدوات تعبير، حيث قلّد كثيرين من أولئك «الطاحشين» في واسطاتهم، ومن أمتع ما ذكره لي:‏‏

« قبل اختبار القبول بدأت هواتف الواسطات تنهمر عليّ مثل زخ المطر، وكلها من أجل قبول طالب، حفظت اسمه غيباً وحفظت رقم هاتفه، وعندما دخل هذا الطالب إلى الاختبار فوجئت بطالب قصير لا يتجاوز الـ 155 سم ووزنه حوالي الـ120 كغ، ولا يتمكن من النطق السوي، سألته عن اسمه فقال متلعثماً بالنطق، قلت «يا حبيبي على هل علقة»، سألناه عدة أسئلة فظهر جهله التام بكل الأجوبة، فاكتمل رفضي ورفض كامل أعضاء اللجنة له، فأنا أعطيته الصفر، بعد الاختبار بدأت الهواتف تهلّ عليّ من أجل الاطمئنان على النتيجة وأنا أجيب مجاملاً: إنشاء الله خير.‏‏

ظهرت النتائج وتم عدم قبول هذا الشخص، في هذه الأثناء زارني أحد الخريجين وسألني عن نفس الطالب فقلت له رسب في الاختبار ومن المستحيل أن ينجح، وكانت المفاجأة أن الطالب الخريج قد بدأ يحدثني عن الشرط والمراهنة التي دخل بها هذا الطالب مع عدة أشخاص، منهم الطالب الخريج، حيث أكّد أنه سيتقدم وينجح وبالواسطة، ولكنه لم ينجح ولن ينجح أي مثيل لهذا الطالب.‏‏

عن الأنا عند الطالب في المعهد‏‏

بعد سؤالي عن العلاقة الإنسانية الخاصة بين الطلاب وأساتذتهم، وبين الطلاب أنفسهم، أجاب عمران وأفاض في الجواب متحدثاً عن ضرورة أن تبقى الأنا عند الطالب في حدودها الطبيعية، ففي أحد المرات ذهب أحد الطلاب للتمثيل أثناء الدراسة فقال له مخرج العمل أنت أهمّ من نصف أساتذة المعهد، فتورمت الأنا عند هذا الطالب من كلام هذا المخرج، لقد قضى على مستقبل هذا الطالب، الذي لم يتخرج من المعهد نهائياً، لأنه صدّق أنه أهم من في المعهد وأساتذته.‏‏

كنت أستمع باهتمام كبير لهذه الفقرة الهامة في حديث العميد عمران، حيث تتورم أنا البعض لاسيما في حقل التمثيل.‏‏

وطبعاً نعتقد أن هذه الأنا قد تتورم بعد التخرج وبدء العمل في الدراما التلفزيونية، حيث يجهّز هذا المعهد طلابه ليكونوا ممثلين وينجحوا في ذلك، ولكن في بلدنا مازلنا نردد عندنا عروض مسرحية ولكن لا يوجد عندنا مسرح، طبعاً كنت أتساءل دائماً: كيف لنا أن نضبط هذه العلاقة بين الفنان والناس؟ كيف يمكن أن تبقى متواضعاً محبّاً للناس؟‏‏

في هذا الموضوع المتعلق بالأنا حدثني د.عمران عن رفضهم لطلاب جيدين تمثيلياً، لكنهم لا يملكون قدرة التعلم والمثابرة والإصغاء والمرونة اللازمة للتعلم.‏‏

M3alouche@hotmail.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية