تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشاهد مرعبة وصمت دولي مريب?

شؤون سياسية
الاثنين 28/1/2008
غالب حسن محمد

لما كان الجدار الذي يفصل الألمانيتين إلى شرقية وغربية في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية, قد اعتبر أهم حاجز سياسي شهده القرن العشرين, فإن الجدار نفسه يعتبر أهم حدث تم بعد نهاية الحرب الباردة وذلك بسقوطه بيد الشعب الألماني الذي فرض إرادته على العالم أجمعه.

إننا الآن أمام مشهد فظيع يتمثل في رؤية العالم للوضع المأساوي الذي تعيشه غزة والذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً دون أن يحرك ساكناً, فالأوضاع الاقتصادية والطبية والبيئية والإنسانية في أسوأ شكل لها بسبب الحصار الاقتصادي والعسكري الذي تفرضه إسرائيل, إضافة إلى الاعتداءات الوحشية والبربرية الهمجية الإسرائيلية على القطاع المنكوب, وقفل المعابر مع العالم الخارجي أسوأ مما يتخيله عقل بشري.‏

غزة تموت جوعاً ومرضاً ودماراً بيئياً, سكانها يعيشون تحت خط الفقر, الوظائف معدومة, حتى الموظفون لا يجدون رواتب بسبب الحصار المالي, الطلاب محرومون من التعليم والمدارس وأقسى ما لاحظه المرء هو زيادة عدد موتى الجوع في عالم يعيش فيه سكان الشمال حالة من الترف على حساب سكان الجنوب, المئات من المرضى لا يجدون دواء, الأطفال محرومون من الحليب في عالم يكاد يموت من التخمة.‏

إنها مفارقة عجيبة - حصار إسرائيلي بتأييد غربي كامل وهو أمر يعد في حقيقته جرماً قانونياً دولياً من الدرجة الأولى.‏

إن تجويع شعب بكامله, ومنع الغذاء والدواء عنه يعتبر جريمة (إبادة جماعية) أين المحاكم الدولية..? أين هيئات حقوق الإنسان?‏

إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن وينتظر إجابة هو: إلى متى ينتظر العالم?‏

ألم يحن الوقت لكسر هذا الحصار الرهيب الظالم?‏

أين مسؤوليات العرب الأخلاقية تجاه (إخوة لهم) يموتون جوعاً ومرضاً وغرقاً وحرقاً..إلخ..‏

إن لم يكن تبعاً للمسؤولية الأخلاقية فليكن تبعاً للمسؤولية القانونية?‏

أين المدافعون عن القوانين الأخلاقية والإنسانية? أين حقوق الإنسان? أليس من حق أطفال غزة الحصول على الحليب والدواء? أليس من حق المرضى الحصول على الدواء والماء والغذاء والكهرباء? من خول هذه العصابة المحتلة أن تقرر مصير شعب بكامله?‏

العالم كله مسؤول أمام التاريخ وأمام الله وأمام الأجيال القادمة, أمام أطفالنا الذين شاهدوا بشكل يومي أطفال غزة وهم لا يجدون علبة حليب ولا علبة دواء ولا رغيف خبز, بماذا سيبرر لهم العالم هذا الصمت الرهيب?‏

السجاد الأحمد يغطي الأرض في القدس وبيت لحم ورام الله ليطأه الحذاء الأميركي الملطخ بالدماء التي تغطي أرض غزة والإعلام العربي لا يزال يتحدث عن السلام, أي سلام تطلبون وتأملون? إلى متى سيبقى صوت الطفل الفلسطيني في غزة يناديكم, هذا الطفل الذي فضح زيف الادعاءات الإسرائيلية عند المواطن الغربي, الطفل الذي يواجه الدبابة وآلة الدمار الصهيونية بصدر عار, ألا يستحق هذا الطفل وقفة إعلامية مسؤولة جريئة تجعل العالم من حولنا يرى بشكل صحيح ما يجري على أرض الواقع من قتل وتدمير وتهجير وإبادة وتجويع تمارسها السلطات العسكرية الصهيونية على أرض فلسطين المقدسة بمباركة أميركية غربية شاملة? أليس من الواجب القيام برفع الصوت عالياً مطالباً العالم مناشداً ضمير العالم برفع الظلم عن أطفالنا في غزة? إلى متى سيبقى الصوت خافتاً? إن حصار غزة ليس مجرد عزل وحرب ضد (حماس) وإنما مسألة عزل وإبادة شعب بكامله?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية