|
شؤون سياسية غير مكترثة بما يسببه حصارها في كارثة إنسانية, كأنه لم يكفها ما ارتكبته من جرائم وحشية ذهب ضحيتها عشرات الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى. فهذه الحرب الاجرامية التي تدور رحاها على مدى الساعة تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الفتاكة والتكنولوجية الحربية الصهيونيتين بضوء أخضر من الولايات المتحدة التي تشكل الضامن والحاضن والحامي لارهاب الدولة الإسرائيلي. ومما لا شك فيه أن حكومة العدو ما كانت لترتكب كل هذه الفظائع والجرائم في القطاع لو وجدت موقفاً عربياً موحداً وحازماً ضد هذه السياسات الوحشية واللاإنسانية أو لو كانت الكلمة الفلسطينية كذلك موحدة. وعلى مرأى من العالم ترك الشعب الفلسطيني لوحده يواجه آلة العدوان الوحشي بالأيدي والصدور العارية والبطون الخاوية والأجسام السقيمة, فزادت آلة الغدر والعدوان من عنفها وبطشها ووحشيتها بعد لقاء أنابوليس, وعملية السلام الموهومة, وزيارة الارهابي جورج بوش إلى المنطقة, بما يعني أن إسرائيل حصلت منها على الضوء الأخضر لمواصلة حرب الإبادة التي يبدو أنها إلى اتساع بعد أن أكدت, أنها ستكون بلا رحمة, فيما تباركها واشنطن بالدعم والحماية والرعاية والتأييد من خلال اعتبارها أن إسرائيل حين ترتكب تلك الجرائم, فإنما تدافع عن نفسها. الأمر الذي يضفي شرعيته على هذا العدوان الإسرائيلي المتمادي والمتصاعد, وكأن لسان حال بوش يقول: امضوا قدماً في إبادة الفلسطينين, طالما لم يرضخوا ويستسلموا لشروط الوحش الإسرائيلي المذلة ويرقصوا للدولة اليهودية الصافية العرق والدين. بات واضحاً أن هناك قراراً إسرائيلياً, وافقت عليه واشنطن بتحويل قطاع غزة إلى حقل للموت لا حياة فيه, ما دام ذلك يحقق لإسرائيل والولايات المتحدة هدفهما في الحرب على الارهاب الذي تحت ذريعته تتم تصفية المقاومة ومعها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. إن أميركا شريكة إسرائيل بالمطلق في جرائمها ووحشيتها وقتل الأطفال والشيوخ والنساء, بالأسلحة الأميركية وبالغطاء الأميركي, وهي عندما تتحدث عن الارهاب الفلسطيني تنسى الاشارة إلى ارهاب الدولة الإسرائيلي المدعوم بارهاب السلاح الأميركي. لقد بات قطاع غزة اليوم ساحة مكشوفة تمارس فيها إسرائىل وبحرية مطلقة كل حقدها وعنصريتها وجرائمها في شهية مفتوحة للدم الفلسطيني المراق والمسفوح. إن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل اليوم في قطاع غزة لتؤكد السباق الدموي المحموم لدى حكام تل أبيب, وتجسد العقلية الإسرائيلية الاجرامية, وهي عقلية بعيدة كل البعد عن مفهوم السلام, تعجز كل ضروب الأكاذيب والأضاليل الإسرائيلية عن تجميلها أو اخفائها عن أعين العالم التي ترى كل شيء. جرائم إسرائيل وللأسف تمر دون عقاب, ما شجع الثلاثي الارهابي: أولمرت -ليفني -باراك, على التصريح وبالفم الملآن بأن الحرب على غزة مفتوحة, وأن الحصار, سيستمر ما دام الرد على هذه الحرب القذرة لن يتعدى الشجب والاستنكار. إن العدوان على غزة يكشف عن أزمة حكومة العدو, وخاصة محاولة الفاشي أولمرت الهروب إلى الأمام من تقرير (فينوغراد) الذي أصبح على الأبواب ويحتوي على انتقادات حادة ستكون بمثابة صفعة قوية له بعد فشله في حرب تموز .2006 لقد أثبتت الأحداث الدموية التي توالت منذ أنابوليس أنها ليست سوى غطاء لكل الجرائم التي خططت لها إسرائيل لارهاب الشعب الفلسطيني بالقتل الذي استخدمت فيه أحدث أنواع الأسلحة الأميركية وأكثرها فتكاً. إن ما يجري في قطاع غزة ليست مجرد حصار وأعلام معابر, بل هو حرب إبادة مسكوت عنها, تماماً, كماحصل في حرب تموز على لبنان في عام 2006 انتظاراً لنتيجة لم تحصل. الدم الفلسطيني المسفوح والمراق في القطاع ليس ابن وقته, وإنما هو قائم منذ خروج الصهاينة من القطاع, وآلة القتل والاغتيال والتجريف والتدمير والتجويع ظلت سارية المفعول بشكل يومي. إن ما تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني يومياً من إبادة وقتل جماعي وحصار وتجويع, إنما هو جرائم ارهاب دولة, وهي حقيقة لا تستطيع أن تحجبها كل الأباطيل الأميركية, ولا المفاوضات العبثية المكرسة لمزيد من الاذلال والخنق والابادة والتهديد ودفن القضية وإهالة التراب على جثتها. شعب غزة يدفع اليوم ثمن الكبرياء ومقاومة الذل وسط الحديث والثرثرة عن تكثيف المفاوضات وعدم توقفها, ووسط الحديث عن (تسوية) تأكل أجساد الشهداء, ووسط غيبوبة عربية صارت رهينة للأفاعي الصهيونية. إن معادلة الصمت لن تزيد العدو إلا إصراراً على القتل والتدمير, ولذا لابد من وقفة مع الذات العربية, وقفة تعيد لهذه الأمة توازنها وقدراتها المصادرة وثرواتها المنهوبة. من زمان كان حكام تل أبيب يحلمون برمي غزة في البحر, فهل نساعدهم اليوم بصمتنا وتفرجنا ودفن رؤوسنا في الرمال?! |
|