تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل شق َساركوزي طريقاً مغايراً ?

لوموند
ترجمة
الاثنين 28/1/2008
ترجمة: مها محفوض محمد

في العام 2001 وبمناسبة نشر كتابه ( الحر) عبر ساركوزي عن حبه (لإسرائيل) واهتمامه الكبير بالشأن (الإسرائيلي) ثم عدم تفهمه

أو بالأحرى لامبالاته لعالم يطلق عليه اسم (البلاد العربية) والغريب أنه بعد خمس سنوات وفي كتابه (البرنامج الشاهد) أعاد المرشح لرئاسة الجمهورية آنذاك التعابير ذاتها حتى إنه وصف ما يسمى ب( السياسة العربية) بأنه مصطلح لا معنى له وقال: إن هذا العالم الذي يتحدثون عنه ويقصد به العالم العربي ليس هذا العالم الفريد وتساءل هل من واجبنا أن نصيغ سياسات تتناسب مع كل مناطق العالم كما دعا إلى عدم ذر الرماد في العيون لنؤمن بوحدة هي ليست سوى ( افتراضية) وقصد بذلك وحدة العالم العربي.‏

لكن بعد انتخابه رئيسا وزيارته إلى القاهرة وجولته في الخليج يبدو أننا بدأنا نتبين مدارات (سياسة عربية) لنيكولا ساركوزي علما أنه ينوي زيارة (إسرائيل) والأراضي الفلسطينية في الربيع المقبل طبعا لا نستطيع الآن أن نتحدث عن تخلي ساركوزي عن نظرته القديمة كما أننا لا نستطيع القول إن خطابه اليوم يتناقض مع أفكاره السابقة لكن على الأقل يمكننا القول إن خطابه اليوم يأخذ بعين الاعتبار الشرق الأوسط والأدنى ككل فهناك حقيقة لا يمكنه تجاوزها وهي تشابك الأزمات في هذه المنطقة وأن طريق طهران يمر ببيروت وبغداد كما يمر بالقدس, أمر آخر يوليه ساركوزي أهمية خلافا للرؤساء السابقين وهو العامل الديني أي الإسلام لذلك نستطيع القول إن ساركوزي وإن لم يضع بعد صيغة لسياسة عربية لكنه على الأقل صاغ ما يمكن أن نسميه خطابا عربيا طبعا هو لا ينوي الدخول في مستنقع المنطقة المليئة بالانقسامات من العراق إلى لبنان وفلسطين وملف ايران النووي علما أن هذه الانقسامات هي بشكل أو بآخر تؤثر على الغرب وبالأخص على اقتصاده لأن فيها القسم الأكبر من احتياطي العالم في مجال الطاقة وبالطبع سيكون حذرا بتقربه وتناوله لقضايا المنطقة, لقد لاحظ ساركوزي أن التقارب مع المنطقة عن طريق التركيز على حقوق الإنسان والذي اتبعه تيار المحافظين الجدد في أميركا ظهر بأنه غير مجد وأشار في هذا الاطار أننا بذلك نفرض على هذا العالم نظاما معينا لذلك رفع شعار( التنوع) وأراد الابتعاد عما يرفعه الغرب والذي تدور حوله الشكوك بأن هذا الغرب يريد فرض نظام وحيد للحضارة فكان الهم الوحيد لساركوزي كما قال ( مكافحة الحرب والارهاب بآن واحد) كما أنه وبحسب رأيه لاشيء أخطر من جرح (الهوية) فالهوية المهانة تؤدي إلى (هوية متعصبة) كما أنه من غير الوارد اعتماد ما يسمى بالواقعية البراغماتية التي اعتبرت ماركة الصنع لدبلوماسية الحزب الجمهوري الاميركي ,أيضا لا يمكن الركون إلى النسبية الثقافية التي استهلكت لدرجة الاستهزاء والتي اعتمدها سلف ساركوزي أي شيراك حيث صرح عنها مرة خلال زيارته إلى تونس عام 2003 عندما قال:(إن أول حقوق الإنسان هي حقه في الحصول على الطعام). ما أثار حفيظة الشعب التونسي وخاصة المعارضة..‏

إذا تحت شعار التنوع دافع ساركوزي عن وجهة نظره داعيا إلى التسامح مع الآخر وبرفعه شعار (الظلم يغذي الحقد) أعطى تصورا لاتجاهين أساسيين: أولا العمل على تحقيق ازدهار اقتصادي كي يكون سداً منيعاً ضد الفوضى الاجتماعية التي تغذي التطرف والاتجاه الآخر يهدف إلى إعطاء الأولوية لإقامة سياسة عادلة فبحسب رأيه إن سياسة الظلم تغذي الحقد ومثاله على ذلك الصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني إذ يؤكد أنه يجب التحدث إلى أولئك الذين ينتهجون السياسات الظالمة هذا ومع أن السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط لم تتبدل قيد أنملة منذ وصول ساركوزي إلى الحكم.‏

إنه يتجه حاليا وبشكل دقيق إلى تشجيع إقامة السلام في المنطقة وإلى تحديث اقتصادها بل حتى إلى المساعدة في بعض الاصلاحات التي تتناول العقائد والتي تعيد المنطقة إلى عصورها الذهبية وباسم التنوع بشكل خاص يريد أن يعطي لسياسته معنى عن طريق إطلاق سياسة حضارية قد تفتح أمام الدبلوماسية الفرنسية طريقا آخر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية