تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تحت ستار الحرية... الأغاني الصاخبة والأفكار العابثة إلى أين?!

مجتمع
الاثنين 28/1/2008
محمد عكروش

الموسيقا كسائر الفنون يمكن أن ترتقي لتبلغ درجة الرقي ويمكن أن تتمحور لتبلغ درجة الابتذال والعبث,وما نلاحظه اليوم وجود أنواع من الموسيقا والأغاني الصاخبة الآتية من الغرب وكأنها نوع من الجنون سواء في أسلوبها الصاخب أو في أفكارها العابثة

وكل ذلك تحت ستار الحرية والاستهتار بكل ما يحيط بنا وهل في عصرنا تعبير عن النفوس التائهة, الثائرة بسبب غياب المعنى الحقيقي لحياتها وفقدان الحرية الداخلية?‏

يعدونه نمطاً راقياً‏

وعن هذا النوع من الفنون التقينا الاختصاصية النفسية هناء النصير لتقول: الفن وظيفته أن يمنحنا الهدوء ويسمو ويخلق فينا حباً وأملاً متجدداً في أعماق نفوسنا إلا ما نشاهده اليوم من تطور للموسيقا أخذ يتناسب مع بعض الشباب السريع ويرد على حاجاتهم ومتطلباتهم ويعدونه نمطاً راقياً من خلال نمط الملابس التي يرتدونها (الفضفاضة) وبعض الاكسسوارات وتسريحات الشعر المضحكة وبذاءة معاني كلمات الأغاني وتسارع الإيقاعات مثل الروك, والهارد روك, والبوب والميتال.‏

الاستهانة بفضيلة الخجل‏

إذ أكدت النصير أن تأثير هذه الأغاني لا يقتصر على الأولاد فقط ولكنها تؤثر أيضاًوبشكل أكبر على الفتيات بينهن حالة من الاستهانة بفضيلة الخجل التي من المفترض أن تتحلى بها الفتاة في المجتمعات الشرقية المحافظة بدعوى (الشقاوة) خاصة أن كثيراً من الفتيات في مرحلة المراهقة يسعين إلى تقليد موديلات أغاني الفيديو كليب في ملابسهن وحركاتهن.‏

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الإنسان يفقد ثلث قدرته على السمع بعد ساعة واحدة من الاستماع للموسيقا الصاخبة والإصابة بالصداع والمعاناة من الأرق والضيق النفسي.‏

وعلى سبيل المثال أيضاً ذبذبات الغيتار وضربات الطبل لها تأثير مباشر على الغدة النخامية التي تفرز الهرمونات المثيرة للجنس عند الذكور والإناث وتحدث حالة عدم التوازن وبالتالي تكون النتيجة ضعف السيطرة على وظائف الجسم.‏

مختفية وراء قناع الحب‏

وعن مضمون الأغاني في أيامنا هذه? تقول: الأغاني في وقتنا تبحث عن الجنس والشهوة متخفية وراء قناع الحب وهي طريقة لنشر الإباحية, حيث يصل الأطفال إلى سن الوعي الجنسي تحت هجوم قوي وكثيف من هذه الموسيقا الشهوانية التي تدمر أدمغتهم إضافة إلى الحركات المثيرة التي يقوم بها المغنون, والثياب التي يرتدونها تؤدي بلا شك إلى إثارة المشاهد ولاسيما المراهقين ومازال التطور مستمراً بهذه الأنواع من الموسيقا إلى أن تصل بموسيقا (الميتال) ولها أنواع متعددة حيث الكلام والإيقاع والموضوع الذي يؤديه النمط لتشد سامعها إلى طرقات غامضة مظلمة مجهولة ليس لها نهاية حميدة وأكثرها خطورة الدوم , البلاك, الديث حيث تلعب دور المخدر للدماغ فتنعدم المشاعر الإنسانية من خلال تولد مشاعر غريبة تدفعه نحو الشراسة الخيالية التي لا حدود لها إضافة إلى الفيديو كليب الذي يحمل إليه صوراً دموية , قتلاً , تعذيباً تمثيلاً بالجثث أوحب سفك الدماء وبالتالي التفكير أثناء الغضب بتنفيذ تلك الأفكار, وبدورها تؤثر هذه الأفكار بشكل تدريجي على الحياة الاجتماعية والعملية من حيث الدراسة والعمل والعلاقة مع الأصدقاء والأهل وتتبع الشخص المستمع لهذه الموسيقا الصاخبة بأن ما يعيشه الناس العاديون هو عالم سخيف لا قيمة له. مجرد تقليد بالتميز‏

وقد كشفت هذه الظاهرة من خلال تعاملنا مع الطلبة وملاحظة بعض المظاهر الخارجية الغريبة على بعض الطلاب وفي طريقة تصفيف الشعر أو شكل الملابس التي يرتدونها وبعض الاكسسوارات التي يلبسونها في الرقبة أو في الأيدي وألبستهم التي تحمل صور جماجم ومخالب للحيوانات وما يقتنونه من أشرطة وصور وغيرها, وعند سؤالنا عما يفعلونه قالوا هو مجرد تقليد للإحساس بالتميز واكتشاف عالم مجهول غريب يغري المراهق بحب الاطلاع على عوالم مجهولة.‏

أما عن طريقة دخول هذه الموسيقا إلى بلادنا ? فهي من عدة مصادر منها الدول المجاورة ووجود المغتربين بينهم وبعض الباعة المتجولين في الشوارع لأشرطة الCDعن طريق تهريبها ويتم تداولها سرياً وتقام حفلات متباعدة لفرق الميتال الأجنبية بشكل علني حيث هناك جهل عام عن خطورة هذه الظاهرة.‏

(الحس الموسيقي ليس دائماً سلبياً)‏

ونحن كاختصاصيين وحرصاً على سلامة أجيالنا وشعورنا بالمسؤولية التربوية للتركيز على الإرشاد والتوجيه على مضار هذه الأمور وإقناع الطلاب والشباب بالابتعاد عنها ما أمكن, ونهيب بالآباء والأمهات حسن استخدام وسائل الإعلام المختلفة والالتفاف حول أبنائهم ومعرفة متطلباتهم وتطوير قدارتهم على الترويح بطرق مشروعة ومحببة لهم والتي تتطلبها ظروف الحياة المعاصرة, ومن هنا فلا يمكن التعميم فالحس الموسيقي ليس دائماً سلبي الآثار فالصخب والرقص العنيف إذا كانا في حدود الأدب والأخلاق فهما تنفيس للعقد النفسية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية