تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الملتقى!

معاً على الطريق
الاثنين 28/1/2008
مصطفى المقداد

أستأنس الغربة فراشاً, وأفتح للريح أشرعة من ضياء حزن دفين قادر على اختراق الجوزاء امتداداً لاعطائي الحياة..أمد جسوراً لملتقيات قادمة بألوان قوس قزح, يتضوع منها عبق الحياة وزهوها.. أستجمع في ميادين ضيقة حشوداً وجموعاً مزركشة بكل ألوان الربيع, وترتفع في الساحات الصغيرة هامات الى ما فوق الغيوم, وتنعقد أيادٍ متعرقة تقطر منها كل أشكال القوة والحزم المحاطة بحنان وحب لا ينتهيان..

أسترجع الأيام زهواً وافتخاراً بانتصارات ورحلات محبة, انطلقت ذات صيف محرق, تتضوع عطراً وهي تحط أحمالها شرق الأرض ومغربها, وتخترق حدوداً, وتجتاز أعظم السدود, منسابة بين البشر, كما النسيم الرقيق لا يحمل عبئاً, ولا يرهق حملاً..‏

تلتقي في عاصمة الدنيا ألوان, وأطياف أحلام داعبت جفون الحالمات برؤى وردية, وتركت في المآقي اخضراراً وربيعاً يمتد بعيداً ويغطي البسيطة تآلفاً وعطاءً, ويهبها الخصب والنماء..تبقى دمشق ملتقى ما اختلف وتباين وتقارب من ثقافات وعقائد وألوان توحد بينهم وتجمع في حناياها بين قلوبهم قبل أن تقارب ما بين آرائهم ومواقفهم..‏

تلك دمشق القادرة عبر الزمن على ممارسة فعل الصهر الطهراني, فعلى مرجتها درج المحبون زمناً, ومن مياهها تعمدوا بالحب السرمدي, وفوق حجارتها نقشوا تفاصيل حكايات العشق والهوى وبين أزقتها احتضنت كل ضال ما بين شوارع الدنيا, وفي أبنيتها أبدعت للناس علوماً حملت الحلول لمشكلات إنسانية في مجالات متعددة..‏

كثيرون من مروا هذا الثرى الطاهر, وعبروا الى أقاصي المعمورة, لكنهم أبداً مانسوا أيامهم في دمشق الفيحاء, كل الذين عبروا في أحيائها, وسافروا بعيداً, تركوا بقايا قلوبهم مكسرة على جدران أبنيتها..‏

وتسألون بعد هذا لماذا دمشق..?‏

ولماذا كل هذا الحب!‏

ولماذا ننسى المناظر المؤذية, والروائح المتعفنة في بعض من زوايا, وعدد من أركان..‏

والجواب شديد البساطة, ففي دمشق من الحب ماينوف على كل محاولات الشر, وبين جنباتها تنمو أزهار من الياسمين تطوق أعناق البشر بكل أنواع الحب, وتهبهم روح العطاء والايثار..‏

لدمشق عبق لايتشابه مع غيرها من مدن العالم, منها يبدأ الكون عماراً, وبها تبدأ رحلة النطق الإنساني, وفوقها تتلاقى الجهات, وتتحد ألوان قوس قزح..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية