|
عن موقع فالميه (صفقة القرن) التي تقدم للفلسطينيين رشاوى اقتصادية مقابل خضوع سياسي هي الهدف الأخير لمشروع السلام الغربي الذي سيؤول إلى الفشل حتماً. خلال عقود من الزمن كانت خطط السلام تفرض على الفلسطينيين متطلبات وشروطاً غير معقولة مرغمة إياهم على رفض حدود العرض، وبالتالي خلق حجج لكي تستولي إسرائيل أكثر على الأراضي الفلسطينية، ثم إنه كلما قدّم الفلسطينيون تنازلات كلما أصبح أفق الحل الدبلوماسي بعيداً، كما أن إدارة ترامب الآن تأمل وتتحسب لأن يفقد الفلسطينيون كل أملهم بقيام الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير، علماً أن جاريد كوشنير مهندس خطة السلام هذه لا يعتقد بشكل جدي أن الفلسطينيين سيسلمون بشراء حصتهم بـ٥٠ مليار دولار التي يأمل كوشنير أن يجنيها من البحرين، لذلك بقي القادة من الفلسطينين بعيدين عن هذه الورشة ورفضوا أي مشاركة في هذا المشروع الذي يعد أحد أكبر عمليات الخداع والاحتيال، غير أن مسؤولي التسويق الاسرائيليين اخترعوا شعاراً لتمويه سياستهم في اغتصاب وسلب الحق المتصاعد والمقنع باسم (مشروع السلام). (إنه على جانب كبير من الأهمية التدقيق بما تقوم عليه فعلياً هذه الفرصة التي يفوتها الفلسطينيون بالوصول إلى سلام عادل في الشرق الأوسط) هذا ما تحدث به كوشنير خلال تلك الورشة وكما يدعون فإن العناد الفلسطيني بخصوص تقسيم الأرض إلى دولتين منفصلتين عربية ويهودية منذ العام ١٩٤٧ هو الذي أدى إلى إشعال الحرب وقاد إلى قيام دولة يهودية على أنقاض غالبية الأرض الفلسطينية، لكن القصة الحقيقية مختلفة تماماً، حيث أن الأمم المتحدة كانت في الواقع خاضعة لهيمنة القوى الامبريالية: بريطانيا والولايات المتحدة الذين أرادوا إقامة دولة يهودية كحليف لهم في الشرق الأوسط، وكانت خطة التقسيم للاستعمار الغربي قد قدمت الجزء الأكبر من الوطن الفلسطيني إلى أقليات من اليهود الأوروبيين، وعلى مدى عقود من الزمن كان لدى اسرائيل متسعاً من الوقت لتتخندق على هذه الأرض التي اغتصبتها بالقوة ثم زادت مصادرتها للأراضي بعد عام ١٩٦٧ حيث وسعت عملية استيلائها على فلسطين التاريخية مطلقة حرباً جديدة لتأتي بعدها (مشاريع سلام) بدأت باتفاقات أوسلو ثم لقاء عرفات مع إيهود باراك بدعوة من بل كلينتون، ثم جاءت مبادرة السلام السعودية عام ٢٠٠٢ التي قدمت لإسرائيل علاقات التطبيع مع العرب علماً أن اسرائيل والقادة الغربيين سرعان ما ألقوا بها إلى مزابل التاريخ وبعد موت عرفات تكشف أن المحادثات السرية التي حصلت أظهرت أن الفلسطينيين قدموا تنازلات لا مثيل لها. اليوم خطة ترامب المحكومة بالفشل تحذو حذو هكذا (مشروع سلام) ففي تعليق له الأسبوع الماضي في نيويورك تايمز، لخص السفير الاسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانوب بصراحة الخطوط العريضة لهذا التقارب الدبلوماسي والذي يعود إلى عشرات السنين مع بعض الدول العربية داعياً الفلسطينيين للاستسلام بالقول : (يحب التسليم والاعتراف بوجوب الاستمرار بهذا المشروع لأن النضال سيكلف الفلسطينيين أكثر بكثير من إعلان هذا الاتفاق). طبعاً إن (مشروع السلام) هو الذي قاد إلى هذه اللحظة فيأتي ترامب ببساطة ليخترق الطريق متسللاً وسط التباس الماضي وليكشف بوضوح أين تتموضع حقيقة أولويات الغرب. وقد لا نصدق أن ترامب وكوشنير قد أيقنوا يوماً أن الفلسطينيين سيقبلون وعداً بالمال مقابل دولة قامت على أساس معادلة: (الأرض مقابل السلام). مرة أخرى يحاول الغرب أن يفرض على الفلسطينيين اتفاق سلام غير عادل لكن بالنسبة لنا اليقين الوحيد هو أن الفلسطينيين سيرفضونه، وهذه هي المسألة الوحيدة التي اجتمع عليها قادة فتح وحماس، الفلسطينييون رفضوا الوقوع في الفخ هذه المرة وعندما ستنهار خطة ترامب - وهذا أمر محتم - ستنتهز واشنطن الفرصة وستستغل الرفض الفلسطيني لتبرر إقرار عمليات الضم التي تقوم بها إسرائيل لأراضٍ أخرى من الأراضي المحتلة. وسيجد الفلسطينيون أنفسهم مع وطن ممزق دون حق تقرير مصير ودون دولة قابلة للحياة والاستمرار، أو اقتصاد مستقل، هناك فقط سلسلة من الغيتوات التابعة للمساعدات الدولية. ونتساءل بل نخشى أن تصل عشرات السنين من (الدبلوماسية الغربية)أخيراً إلى مبتغاها؟ ترجمة: مها محفوض محمد |
|