تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ذاكــــرة المكــــــان

رؤيـــــــة
الثلاثاء9-7-2019
فاتن دعبول

تشهد الساحة الثقافية بين الحين والآخر تكريما لفنانين وأدباء ومبدعين، وتقام لأجل ذلك الاحتفالات والمهرجانات، ولايقتصر في كثير من الأحيان على الأحياء منهم فقط، بل يمكن أن ينال شرف التكريم بعض من غادرنا،

وماإن تنتهي هذه الطقوس حتى نعود إلى الاستكانة ويعود هذا المبدع إلى عالمه الاعتيادي وربما يطوي النسيان ذكره، و لايعود إلى الذاكرة من جديد إلا بعد وفاته أو في أحسن الأحوال عندما يوقع كتابا أو يقوم بعمل يعيده إلى الضوء من جديد.‏

وفي استعراض سريع لأسماء مبدعينا في المجالات كافة نجد القائمة تطول لمن ترك بصمات مضيئة في عالم الفن والتاريخ والآداب والابداع، ونحن نفخر بأن لدينا من القوة الهائلة مانحسد عليه في سورية، هي قوة الإنسان، تلك القوة البشرية التي تصنع المعجزات وتنتمي إلى أعرق الحضارات وأعظمها، ولكنها لم تحظ بالتكريم الذي يليق بها ويحفظها في سجل ذكريات الأجيال المتعاقبة.‏

نردد دائما أن واحداً من أسباب الحرب على سورية هو تشويه حضارتها والقضاء على معالمها التي تحكي تاريخ آلاف من السنين، إذا هناك من لايريد أن يكون للإنسان السوري ذاكرة تمجد العظماء وتكرس إبداعاتهم، وهذا يضعنا أمام مسؤوليات كبيرة في حفظ إرثهم أولا، ومن ثم تعريف الأجيال القادمة بتاريخ أجدادهم العريق، ولايكفي أن نذكرهم في ندوة هنا أو تكريم هناك أو مطبوعة تختصر سيرتهم الذاتية على أهمية كل ذلك، ولكن:‏

لماذا لانخلد ذكراهم بأن نضع منحوتات تمثل شخصياتهم في غير مكان من المدن وموجزا عن أعمالهم الخالدة، تمجيدا لما قاموا به، أسوة بما تقوم به بعض الدول في تخليد مبدعيها، وخصوصا أن لدينا من الفنانين المبدعين هم الأقدر على تقديم تلك الشخصيات بأبهى حلة تليق بإنجازاتهم الحضارية، وتكون قبلة المهتمين من أصقاع الأرض كافة.‏

ولايختلف اثنان أن التكريم ليس طقوسا وحسب، بل هو مقياس لحضارة المجتمعات وذاكرتها التي تحمل في الجعبة عظماء شكلوا قيمة مضافة لمجتمعاتهم ومنارات ننهل منها معنى الوعي البشري ومعنى أن نتجذر في المكان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية