|
مجتمع ولا الدستور السوري والوسيلة هي مناقشة القوانين التمييزية والمجحفة بحقهن لتعديلها حيث لا يخفى علىنا جميعاً لا قدم القوانين ولا مصادرها من جهة ولا تغير وتطور الواقع الذي تحياه المرأة من جهة ثانية وما كان يتم السكوت عنه بحكم العادات وحماية القانون لم يعد مقبولاً اليوم, لأنه عدا عن تجاهله لإنسانية المرأة يؤذي الأسرة عموماً, لذا لا بد من الجدية والجرأة في المبادرة لبدء رفع التمييز عن المرأة في قوانينا ومنها قانون العقوبة السوري والذي يضم مواد تمييزية تشكل غطاء لممارسة العديد من أنواع العنف علىها, والتي قدمتها وشرحت لها بالتفصيل المحامية وعد موسى في ورقة عملها التي قدمتها لمؤتمر المرأة والتقاليد بعنوان التمييز ضد المرأة في قانون العقوبات السوري الذي عقد مؤخراً في جامعة دمشق. نافذة للتمييز تقول المحامية : إن قانون العقوبات السوري بمجمله حدد الجرائم والعقوبات لكلا الجنسين, فهو يعاقب على جرائم الاعتداء على الأشخاص ابتداء من الذم والقدح والتحقير مروراً بالضرب والاعتداء البدني وتشويه الأعضاء وانتهاء بالقتل, حيث يعاقب على الجنح والجنايات التي تقع على الإنسان وتعرض سلامته للخطر, بمعنى أن النساء اللواتي يتعرضن للاعتداء المعنوي أو البدني يستطعن اللجوء إلى المحاكم وتقديم شكوى وإلحاق العقوبة بمن ألحق الأذى بهن, إلا أن الواقع العملي أثبت ندرة لجوء النساء للشكوى ضد أب أو أخ أو ابن وحتى زوج وحتى رجل غريب, وخص قانون العقوبات المرأة بحماية قانونية فيما يتعلق بالجرائم الواقعة علىها بصفتها أنثى حيث يعاقب على التحرش الجنسي وعلى مجرد عرض عمل مناف للحياء أو توجيه كلام مناف للحشمة ويعاقب على سفاح القربى والخطف والفحشاء وعلى فض البكارة مع الوعد بالزواج وعلى الحض على الفجور وهتك العرض ولمس ومداعبة القاصر, وتعتبر جميعها جرائم تطال مرتكبيها عقوبات مشددة قد تصل إلى 15 سنة أشغال شاقة ويعاقب على الاعتداء الجنسي والاغتصاب بعقوبات مشددة تصل إلى 21 سنة إذا وقع على طفلة دون الثانية عشرة من عمرها وذلك من المادة /497 حتى 511/ إلا أن رغم تلك المساواة والحماية القانونية لم يتضمن القانون ما يشير إلى اعتبار العنف بكافة أشكاله ضد المرأة جريمة يعاقب علىها القانون إلى جانب ما يتضمنه من مظاهر التمييز ضدها والتي لا بد من إلغائها. مظاهر وتحدد المحامية مظاهر التمييز في المواضيع التالية وهي الجنح المخلة بآداب الأسرة, وهو ما نصت علىه المواد من 473 إلى 488 والتي تتضمن مواضيع (الزنا, سفاح القربى, الجرائم المتعلقة بالولد وبنوته, التعدي على حراسة القاصر, تسيب الولد, إهمال واجبات الأسرة) وجميعها مواضيع بغاية الأهمية وبحاجة إلى تعديل لأنها لم تعد تنسجم مع الأدوار الجديدة للأسرة ولا مع حقوق المرأة والطفل. ثم موضوع الاعتداء على العرض الوارد في المواد من (489) إلى (508) من قانون العقوبات, وموضوع الحض على الفجور وممارسة الدعارة موضوع المادة (509) وموضوع الأعذار المحلة والمخففة والأسباب المخففة التقديرية وفي موضوع وسائل منع الحمل في المواد (523-524) وأخيراً موضوعي الإجهاض من المادة (525 ولغاية 532) والجرائم المتعلقة بالزواج المواد (469-470). أمثلة توضح الأستاذة كيف يرد التمييز من خلال إيرادها لتفصيل المواد وهنا لا مجال لذكرها لكن المواد تقول بخصوص الزنا مثلاً أن الملاحقة عن فعل الزنا بحق الزوج والولي في تقديم الشكوى ولا يوجد ما يشير إلى حق المرأة بالشكوى, والمادة المتعلقة بالاغتصاب الزوجي من أكره غير زوجة بالعنف أو التهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل. هذه المادة لا تعترف بالاغتصاب في إطار الزوجية بمعنى أنها تعطي للزوج حق اغتصاب زوجته قانوناً لذلك لا بد من تعديل نص المادة وحذف كلمة غير زوجه من تعريف الاغتصاب, والمادة المتعلقة بالسفاح والتي تقول أن السفاح بين الأصول والفروع شرعيين كانوا أو غير شرعيين أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة يعاقب علىه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات, وهذا يوضح كيف يعتبر القانون السفاح جنحة, وهي الجريمة التي يعتدي علىها جنسياً أحد الأقرباء على فتاة بالعائلة مستغلاً الظروف والسهولة والطاعة وسلطة القوة بينما يعتبر القانون نفسه الاغتصاب والاعتداءات الجنسية من الغرباء جناية يعاقب علىها القانون بعقوبات قد تصل إلى /21/ عاماً. وبدلاً من تشديد العقوبة في هذه الجريمة البشعة يخففها لأنه قريب, وعلاوة على ذلك لا تتم ملاحقة المجرم إلا بشكوى من الأقرباء حتى الدرجة الرابعة, ونتساءل من سيشتكي في مثل هذه الحالة وأغلب القضايا تبقى في طي الكتمان ولا يلاحق المجرم وحتى لو وصلت إلى القضاء غالباً ما تجبر الفتاة على اتهام الغرباء. كذلك الأمر عند الدافع الشريف والعذر المحل حيث تخفف العقوبة بحجة عدم التحكم بالإرادة وبدواعي الدفاع عن العرض والشرف فلا بد من تعديلها واستبعاد تطبيقها للتخفيف من العنف الأسري كما تقول المحامية. أخيراً: لم يتسع المجال لإيراد ما شرحته الأستاذة ولا الممارسات الواقعية كيف تستخدم هذه المواد القانونية للتستر على جرائم عن قصد للحصول على إرث المرأة أو للتضييق علىها في الخلافات في حالات الإجهاض ومنع الحمل. وقد قدمت الأستاذة اقتراحات بإصدار تشريعات جديدة تعاقب على العنف ضد المرأة بكافة أشكاله واعتبار العنف المنزلي جريمة يعاقب علىها القانون وإنشاء مراكز حماية وإيواء للضحايا. |
|