تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


موسم النشرات الاخبارية

ثقافة
الثلاثاء 6/12/2005م
ميساء نعامة

تحتل نشرات الأخبار, هذه الأيام, الحصة الأكبر من المشاهدة السورية خصوصاً والعربية عموماً, فبعد انتهاء موسم الدراما التلفزيونية الرمضانية التي تصدرت ساحة المتابعة,

وإذا توخينا الدقة, فإن منافسة نشرات الأخبار للدراما دخلت على الخط بالتوازي لا سيما وأن المرحلة السابقة كان بطل النشرات الاخبارية المحقق الألماني, كان تقرير ديتلف ميليس وما كنا نتابعه من أكاذيب وافتراءات على سورية ليس دراما بالمعنى الحقيقي للكلمة لكنه كان دراما من نوع آخر حاك خيوط الحبكة الدرامية الخاصة بها أمريكا وإسرائيل, وبعد شهر رمضان أصبحت النشرات الاخبارية هي الرقم الأول في المتابعة وأصبح الرئيس الأمريكي جورج بوش البطل ووزيرة خارجيته رايس البطلة, أما لماذا تصدرا البطولة المطلقة على نشرات الأخبار العربية والعالمية فلأن كل منهما تعمد الظهور بالتوازي للحديث عن سورية لسبب ومن دون سبب بداع من دون داع.‏

والحقيقة أن البطولة المطلقة احتلها الرئيس الأمريكي منذ أحداث 11 أيلول 2001 حيث وجه الرئيس جورج بوش أصابع الاتهام وبشكل مباشر الى المسلمين واعتبر الارهاب والاسلام في كفتي ميزان, والغريب أن وسائل الاعلام العربية روجت لهذا التكهن أو الاتهام غير الموثق بالقرائن, مع علم هذه الوسائل أي الغربية والعربية بأن اختراق الأمن القومي لأكبر دولة في العالم خارج إطار أو استطاعة أي حركة إسلامية, ومع علم هؤلاء أيضاً بأن أبراج التجارة العالمية التي دمرت في أحداث 11أيلول كانت قدأخليت من اليهود قبيل الانفجار المدمر. ومع ذلك لم يعر الاعلام الأمريكي أو العربي هذا المؤشر أي شكوك أو دلالة على تورط يهود إسرائيل بهذا العمل الارهابي الفظيع, ولكي لا نذهب بعيداً لنتحدث عن الأعمال الارهابية الكبيرة التي حدثت في المنطقة تغاضى الاعلام العربي قبل الغربي عن مؤشر تحليق طائرة إسرائيلية في سماء بيروت قبيل اغتيال الحريري, كما تغاضى الاعلام الغربي والعربي عن البحث في نوعية المتفجرات وأين صنعت ومن أين أتت وكيف فجرت وتعطيل أجهزة الأمان الموجودة في موكب الحريري كلها معطيات لم ترق الى شمستوى حتى الاهتمام والبحث فيها عبر الاعلام.‏

والأدهى من هذا وذاك أن يتناسى الاعلام العربي أن إسرائيل هي المدرسة الأولى في هكذا نوعية من عمليات الاغتيال, فلماذا لم تقارب تلك الوسائل بين الطريقة التي اغتيل فيها الشيخ ياسين والرنتيسي وغيرهما من قياديي فلسطين?!!‏

والأغرب من هذا وذلك أن نتغاضى نشرات الأخبار العربية عن مقتل الزعيم التاريخي ياسر عرفات على الرغم من تصريح زوجته السيدة سهى بأن الرئيس عرفات قتل ولم يمت بشكل طبيعي.‏

أحداث غريبة عديدة ومواقف تستدعي الانتباه الى حقيقة إغفال أغلبية الاعلام العربي لها والترويج للحقائق المزيفة المرتبطة بمؤامرات تحاك ضد العرب منذ زمن والآن بلغت ذروتها في الهجوم الاعلامي الناطق باللغة العربية وتناول سورية آخر قلاع العرب التي ستبقى عصية على جميع المؤامرات.‏

يقول جيمس روبن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية:(إن الادارة الأمريكية أدركت مؤخراً أنه يجب استغلال قناة الجزيرة وليس التعارك معها حتى يمكن توصيل رسائل واشنطن).‏

ولأن العدو يدرك تماماً أهمية الاعلام في وقتنا الحالي عمد الى زرع قنوات أمريكية كقناة (الحرة) التي لا تخاطب الشعب الأمريكي, الممول لها, بل إنها موجهة للعرب وناطقة باللغة العربية مثلها مثل أي قاعدة أمريكية عسكرية موجودة في الأراضي العربية, أو أن تعمد إسرائيل الى إيجاد قناة ناطقة باللغة العربية, إسرائيل ,33 هذه القناة التي تروج لصدق النوايا الإسرائيلية في إقامة علاقات ودية مع العرب وكأنها الحمل الوديع الذي يسعى لمد جسور التعايش المشترك بين الإسرائيليين والعرب بينما بنادق العدو تصوب الى الأطفال والنساء والشباب والشيوخ العرب وتصيبهم في مقتل, أحياناً أخرى لجأ العدو بأشكاله وأقنعته المتعددة الى تمويل بعض القنوات العربية لا سيما الاخبارية منها وبدأت تغذيها بالمعلومات التي تريد ترويجها سواء أكانت حقيقية أم وهمية وتمويلها بالأموال الطائلة لتحول هذه القنوات الى أبواق إعلامية عدوانية ناطقة باللغة العربية وما القول الذي استشهد به آنفاً لجيمس روبن إلا حقيقة واقعة تثبت تورط بعض المحطات العربية في إخفاء الحقيقة وإظهار الباطل منها.‏

والحل?...هل يمكن في الدعوة الى إيقاف تلك القنوات هذا الأمر المستحيل ولايمكن فعله لأن تلك القنوات قائمة على الدعم... والتمويل.. لكن يجب تحسين نشرات أخبارنا من حيث الشكل والمضمون والمصداقية والموضوعية.. ونشر مراسلين في جميع أنحاء العالم أسوة بغير محطات إخبارية عربية كانت أم أجنبية وهؤلاء المراسلون قد يكونون موجودين في مختلف البلدان لكن شكلياً وليس فعلياً وما المانع من تفعيل دور المراسلين بالصوت والصورة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية