|
على الملأ فهل لهذه الأزمة منعكساتها على أداء اقتصاداتنا في المناطق والدول النامية وعلى الدول العربية بشكل خاص. بداية ظهر الأثر الأسرع في بورصات وأسواق المال الخليجية التي تراجعت مؤشراتها بشكل لافت وظهر الضوء الأحمر على جميع أسهمها ولم يستثن منها شركة. والسبب هنا يعود لعامل رئيسي وهو ارتباط عملات هذه الدول بالدولار وتأثرها به فضلاً عن فقدان الثقة المفاجئ بقدرة النظام المالي والمصرفي الأميركي على تجاوز أزمته خلال فترة قصيرة وهو ما بدا واضحاً من خلال قرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي من تخفيض لسعر الفائدة من جهة وضخ أكثر من 40 مليار دولار والتوصية بشراء المؤسسات الخاسرة (بيري لنش) وطرح سندات خزينة في محاولة لجني أرباح تعويضية وسحب أكبر قدر ممكن من السيولة النقدية من السوق للتحكم في حركتها وحركة التحويل والتمويل. ولم تقتصر الآثار على أسواق المال والبورصة لكنها انعكست على بقية القطاعات والأنشطة فقد ترافقت هذه الأزمة مع تراجع أسعار النفط الى ما دون المئة دولار في ظل انخفاض سعر صرف الدولار نفسه أمام سلة العملات في وقت حقق فيه أرباحاً غير مسبوقة أمام اليورو منذ أكثر من عشرين شهراً أي أن الأزمة ترافقت مع انتكاسة في سعر الصرف خالفت توقعات الاقتصاديين الذين تنبؤوا في عواقب وعقابيل أزمة الرهن العقاري التي أفضت الى اعلان افلاس الكثير من المؤسسات المالية والعقارية. وهكذا فإن الدول المنتجة والمصدرة للنفط واجهت مشكلة في تنفيذ خططها الاقتصاديةالتي اعتمدت في تقديراتها تسعيراً للنفط يقارب 150 دولاراً وسعر صرف للدولار مستقراً في مواجهة منطقة اليورو اليابان بصورة أساسية وهكذا فإن قسماً كبيراً من الاحتياطات النقدية في الدول العربية المنتجة للنفط أخذت طريقها الى التعويض عن الخسائر المقدرة فانخفضت الاحتياطات من العملات الصعبة أمام استحقاقات الدفع المخصصة للاستيراد. أما بقية الدول فإنها لن تنأى بنفسها عن التأثر مهما حاولت الابتعاد لأن انخفاض سعر صرف الدولار أمام اليورو سوف يزيد من أعباء الاستيراد وخاصة بالنسبة للدول التي لا تعتمد على اليورو في احتياطاتها من العملات الصعبة أو التي تقتصر على الاعتماد على الدولار وحده. وعلى الرغم من التأثير السيئ لهذه الأزمة المالية والمصرفية إلا أن فائدة ما أصابت أحد الأطراف في الولايات المتحدة نفسها فهي قد رفعت نسبة المؤيدين للمرشح الديمقراطي باراك أوباما وذلك بسبب مسؤولية الادارة الجمهورية وسياستها المالية التي تمثلت في المزيد من الأزمات وفي حين انتهى عهد كلينتون قبل ثمانية أعوام بوجود فوائض اقتصادية تعادل 176 مليار دولار فإن بوش يترك البيت الأبيض والحكومة تواجه عجزاً يتجاوز 400 مليار دولار وربما تكون الأزمة سبب الكارثة التي سيمنى بها الجمهوريون في تشرين القادم. |
|