تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشروع حفظ النعمة..بداية للتكافل الاجتماعي

مجتمع
الأحد 30/10/2005م
ميساء الجردي

تقتضي الإنسانية أن نشعر بإحساس الآخرين وأن ننظر إلى عامة الناس كما ننظر إلى أنفسنا, وأن نعتني بالجوار والفقير, هذا الأمر

بكل ما عليه من معانٍ سامية, يقوم عليه أفراد من المجتمع تطوعوا ليس من أجل الأجر والثواب فقط بل احتساباً للتكافل بين الناس.‏

فدعم الغني للفقير وتوطيد التعاون وتقديم الصدقات والتي تظهر بأبها صورها في هذا الشهر, شهر الكرم والجود تستحق أن نسلط الضوء عليها ونقدمها للآخرين, ومشروع حفظ النعمة هو أحد المشاريع الخيرية التطوعية التي قمنا برصدها لما نتركه من بصمات خيرة في حياة الكثير من الأشخاص.‏

كيف بدأت الفكرة?‏

عن فكرة المشروع وآلية عمله التقينا السيد محمد رياض خورشيد رئيس المشروع حيث أشار إلى أن فكرة المشروع, تظهر خلال التسمية وهي المحافظة على كل شيء يمكن أن يستفيد منه الإنسان. وخصوصاً أن هناك في المجتمع أشخاص لا يقدرون قيمة الأشياء التي يمتلكونها ومدى حاجة بعض الأفراد لها, ونلاحظ الهدر في كثير من المواد مثل الطعام واللباس والأدوية, في حين يوجد من هم في أمس الحاجة إلى هذه الأشياء.‏

لذلك فإن الهدف الأول الذي بني عليه المشروع منذ عام 2002 هو تحويل ما لا يحتاجه الأغنياء إلى من يحتاجه وعلى سبيل المثال: الطعام المهدور من قبل المطاعم وفي الموائد الكبيرة وهو مصنع من أفضل الأنواع, والفائض من هذا الطعام يقدم للأسر الفقيرة التي ليس لديها الإمكانية لتناول مثله, وأيضاً هناك الكثير من الألبسة المهملة في البيوت وفي زوايا المصانع, فلماذا لا يتم توزيعها إلى من يحتاجها, وفي كل صيدلية لا يستخدم من دوائها القليل, في حين يوجد من لا يملك ثمن أبسط أنواع الدواء, وهناك من يغير أثاث منزله كل عام. وعليه فهذا المشروع الخيري في أساسه يمكن اعتباره مشروعاً اقتصادياً غير ربحي يحافظ على القيمة المالية للموارد ويعيد إحياءها.‏

ثم يجيب الأستاذ خورشيد عن السؤال المتعلق بآلية تقديم المساعدات ومن هي الجهات المساهمة في نجاح المشروع? مبيناً أن المشروع يضم 24 متطوعاً من الأشخاص الميسوري الحال يساندهم أهل البرّ من المتبرعين وبدعم من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الأوقاف وقد بدأ المشروع تقديم المساعدات ل 600 عائلة فقيرة موزعين على عدد من الجمعيات الخيرية, في حين وصل عدد العائلات المستفيدة الآن إلى 3500 عائلة مسجلين في 80 جمعية خيرية في دمشق وريفها.‏

يقدم المشروع لكل اسرة مسجلة لديه راتباً شهرياً ومواد عينية على مدار السنة مضافاً إلى ذلك اعانات مختلفة تقدم في المناسبات, فهناك مواسم كثيرة ولكل موسم نشاطاته وعلى سبيل المثال في موسم افتتاح المدارس عمل قسم الكساء على تسليم حوالي 2500 طالب من العائلات الفقيرة كل ما يحتاجونه من لباس ومستلزمات وأدوات مدرسية وفي مواسم الأعياد يقدم المشروع رواتب إضافية وألبسة مختلفة على حسب الكميات المتوفرة لدينا.‏

مشروع إفطار الصائم‏

شهر رمضان شهر المبرات حيث يكثر فعل الخير والحسنة بعشرة أمثالها وعليه يبين رئيس المشروع إن إفطار الصائم هو مشروع يومي يستمر طوال فترة رمضان وتحضر فيه أفخر أنواع المأكولات في المطابخ التابعة لقسم الغذاء في الجمعية باعتباره جزءاً من مشروع حفظ النعمة وهو للغني والفقير وقد وصل عدد الوجبات المقدمة في اليوم الواحد إلى 600 شخص, اضافة إلى أن المشروع يقوم بطهي 400 كيلو غرام من الرز تكفي لإفطار 4000 شخص توزع مع مواد أخرى للمسجلين في الجمعيات وللقرى المجاورة لدمشق.‏

ونحن نساهم في إفطار الصائم الذي يقام حالياً في الجامع الأموي ونشكر وزير الأوقاف الذي سهل لنا هذا العمل. ومن الأفكار الجديدة التي يعتمدها المشروع حالياً والتي ذكرها لنا السيد خورشيد في نهاية حديثه: هي ايصال الحاجات إلى منازل الأسر المحتاجة حتى لا تظهر بشكل إحسان, وافتتاح ورشة لتصليح الأثاث المقدم للمشروع قبل توزيعه على العائلات.‏

وإن التوجه الحالي يقوم على تحول العائلات الفقيرة إلى عائلات منتجة وتأهيل أفرادها للقيام بأعمال مهن تسد حاجاتهم المادية بهذا السياق فإن هناك أكثر من 60 موظفاً يعمل ضمن مشروع حفظ النعمة.‏

قسم توزيع الدواء‏

ومن جانبه يقول السيد ساريه الصيروان مسؤول صيدلية حفظ النعمة إن عمل الصيدلية ينبثق من فكرة وجود فائض من الأدوية في الصيدليات لم يتم بيعها فقدمت إلى المشروع للاستفادة منها, وهناك أدوية تأتي على شكل نماذج طبية يتبرع بها الأطباء للجمعية, ويضاف إلى ذلك أدوية بعض صيدليات المنازل التي لم يتم استعمالها, حيث نقوم بفرز هذه الأدوية من قبل صيادلة مختصين وفحص صلاحيتها وترتيبها لتكون جاهزة لتقدم وفقاً لوصفات طبية لكل شخص يحمل بطاقة خاصة للدواء.‏

ومن الجدير ذكره أن 60% من الدواء يصرف للأشخاص المعوقين, وتصرف الصيدلية حوالى150 وصفة بشكل يومي, كما تقوم بتوزيع فوط للأطفال وللعجزة وللمعوقين اعاقات معقدة ويشير الصيروان أن عدد العاملين في قسم الدواء يبلغ 11 شخصاً وقد وصلت قيمة الدواء المتبرع به لهذا العام إلى ثمانية ملايين ل.س تم توزيع ما يعادل 6 ملايين.‏

وأهم ما يدفعنا لتطوير هذا العمل هو اكتشاف نماذج جديدة ومختلفة للفقر ويقول الصيدلاني أحمد فاضل وهو أحد المتطوعين بهذا العمل: يكثر الطلب على الأدوية الخاصة بأمراض القلب والكبد وارتفاع الضغط, وأدوية الأطفال, وتقوم الصيدلية بتوزيع كل ما يأتيها من حليب أطفال وشامبو ومعجون أسنان مع كل وصفة طبية تصرفها.‏

ملابس العرائس‏

ومن الأقسام التي يعتمدها مشروع حفظ النعمة هو قسم تجهيز العرائس للفتيات اللاتي لا يملكن تأمين ذلك, وعن هذا القسم تحدثت الأنسة ميسون السمان حيث أشارت إلى أن توزيع الألبسة الخاصة بالعرائس والتي تأتي بشكل هبات للجمعية يتم خلال ثلاثة أيام في الأسبوع حيث يقدم للفتاة جهاز كامل بالإضافة إلى البدلة البيضاء وقد تصل قيمة الألبسة المقدمة إلى أكثر من عشرين ألفاً وهي بأشكال ونماذج مختلفة.‏

مع بعض المستفيدين‏

التقينا عدد من الأسر المسجلة لدى مشروع حفظ النعمة وكانت البداية مع السيدة فايزة جنيد وهي مستأجرة بالحجر الأسود ولديها ثلاثة أولاد, الأب متوفٍ وليس لديهم أي مورد رزق وقد بينت السيدة جنيد أنها تعتمد في معيشتها على الراتب الشهري الذي تأخذه من جمعية إغاثة الفقيد وجمعية حفظ النعمة وعلى الإعانات العينية والأدوية التي تصرفها بشكل دائم من صيدلية المشروع.‏

السيدة رندة الشالاتي من المسجلين في جمعية حفظ النعمة تجيبنا حول السؤال الخاص بالخدمات التي تقدمه لها الجمعية فتقول: لدي خمسة أطفال وأعاني من التهاب كلاوي دائم, زوجي مجرد عامل في ورشة حدادة كل ما يكسبه لا يكفي ثمن الطعام.. والجمعية مشكورة تقدم لنا راتباً شهرياً ووجبات غذاء ومواد عينية اضافة إلى الألبسة والدواء بشكل مستمر.‏

ومن العائلات المسجلة أيضاً السيد موسى ياسين وهو كفيف يعيش في غرفة للاجار مع عائلته المؤلفة من زوجته وفتاتين ويشير السيد موسى إلى أن ما يأخذه من الجمعية لا يكفيه لسد حاجاته مع أسرته وهو يتمنى من الجمعية تعديل راتبه الشهري وزيادة عدد الوجبات المقدمة له خلال الأسبوع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية