تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأسواق 00 معادلة العرض والطلب بلا فاعلية

مراسلون وتحقيقات
الأحد 30/10/2005م
خالد محمد خالد

تبدو حالات التفاوت في الجودة والأسعار هي السمة الغالبة والبارزة على أسواق العيد,

كما أن الفوضى هي الأشد حضوراً في ظل الإغراق السلعي وغياب الرقابة التموينية عن ساحة الأسواق بعد أن أخذت بسياسة تحرير الأسعار..‏

وقد صار العيد فرصة لكثير من التجار للجوء إلى حالات الغش والتدليس والتلاعب سواء بناحية الجودة أو الأسعار.. كما أن حالات التلاعب والغش لا تنطبق على سلعة دون غيرها, بل تطول كل ماله علاقة بحاجات ومستلزمات العيد...‏

إن فوضى الأسعار وفلتانها يختلف من سوق لآخر, فالذين قصدوا أسواق الألبسة يمكن أن يلاحظوا وبوضوح أن أصنافاً لا حصر لها من الملابس تباع دون أن تحمل علامات تشير إلى مصدر تصنيعها أو الجهة المنتجة, والبعض من المنتجين لا يتردد في إلصاق ماركة تدل على أن السلعة عالمية, والأمر الآخر في الفوضى يتمثل في تفاوت الأسعار لذات السلعة ومن ذات الجودة والمواصفة, فبنطال أو كنزة أو قميص أو جاكيت ولادي يحدد سعره وفقاً لمكانة المنطقة وشهرتها, ففي<< أسواق الصالحية وأبو رمانة والحمراء >>السعر يفوق قيمته الحقيقية, في حين أن ذات السلعة يمكن أن تعرض في الأسواق الشعبية بأسعار تقل عن السعر في المناطق التي ذكرناها..‏

إن عملية تحرير الأسعار التي اعتمدتها الحكومة منذ ثلاث السنوات كانت تهدف إلى إيجاد نوع من المنافسة بين التجار بما ينعكس ذلك ايجابياً على المستهلكين (أصحاب الدخل المحدود) لقد اقتصر دور الرقابة التموينية على مراقبة المحال التجارية من حيث وضع التسعيرة وبيان مواصفات المادة ?‏

والسؤال الذي يطرحه أصحاب الدخل المحدود أين الموضوعية في الأسعار? وما المبررات التي تجعل في امكان العثور على سلعة بعينها وبأكثر من سعر مع أنها من مصدر واحد ومنتج واحد?!‏

وببساطة شديدة يمكن الإجابة عن هذه التساؤلات بالقول ان الاتكاء على سياسة تحرير الأسعار والخضوع لمبدأ العرض والطلب جعل الكثير من المنتجين يتجاوزون يتفردون في طرح المنتج الذي يريدونه بالسعر الذي يريدونه!‏

لقد اعتاد المنتجون والتجار ومنذ سنوات على رفع الأسعار عشية الأعياد وكأن هذه المناسبة تبرر انفلات وفوضى الأسعار والمسؤولية في ارتفاع الأسعار لم تكن يوماً مرهونة بطرف بعينه وإنما تبدأ من صاحب المنشأة الذي يقوم بتصنيع المنتج ولا تنتهي عند حدود تاجر الجملة أو المفرق كما ان المسؤولية ذاتها يمكن سحبها على الجهات الرقابية التي انسحبت في السنوات الأخيرة من الأسواق عملاً بسياسة تحرير الأسعار فضلاً عن غرف الصناعة والتجارة والتي لم تتمكن من خلال وعي تسويقي من شأنه تكريس مفهوم التجارة وليس البيع والشراء وبديهي ان تكون المسؤولية متفاوتة بين طرف واخر في العملية التسويقية.‏

كما سبق و أن ذكرنا في المقدمة ان فوضى الأسعار وفلتانها يختلف من سوق لاخر فمثلما هناك الأسواق الراقية او كما يحب البعض ان يسميها أسواق المنتجات العالية الجودة وكذلك الأسواق الشعبية فان هناك ايضاً سوق البالة التي ازدهرت امواله في الاعوام الاخيرة نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم حضور التكافؤ بين الرواتب والأجور ومتطلبات الحياة المعيشية وزبائن هذا السوق يشترون الالبسة لأولادهم انطلاقاً من اهمية مناسبة العيد دون النظر الى جودة المنتج... وفي ضوء الارتفاع الصارخ لألبسة الاطفال خاصة فانه من المتعذر لرب اسرة مكونة من أربعة أطفال ان ينفق على كل طفل مبلغ يصل الى 2000 ليرة سورية على اقل تقدير وهذا يعني أنه بحاجة إلى ثمانية آلاف ليرة للألبسة فقط وأيضاً لا يمكن تجاهل النفقات التي تستدعيها الحلويات وغيرها من مستلزمات العيد?!!‏

أخيراً: يمكن القول وبكل بساطة أن هناك الكثير من مظاهر تجاوز الأسعار تحكم الأسواق ومناسبات الأعياد انطلاقاً من المحلات التجارية الالبسة والاحذية ومحال الحلويات وانتهاء بصالونات قص الشعر وحتى سيارة الاجرة التي لا يمكن ان نسلم منها.‏

ان واقع حال الأسواق عشية العيد تسودها الفوضى والفلتان والمستهلك صاحب الدخل المحدود هو الذي يسدد الفواتير المرتفعة لرسم البسمة على وجوه الاطفال.. وكل عام وانتم بخير.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية