|
قضاياالثورة ومن خلال التسريبات التي كانت تعطى بقصد لتل أبيب وبعض عواصم القرار الدولي, ولآلة الضخ الإعلامي التي تدور في فلكها وضمنها اللبنانية وبعض وسائل الإعلام الأخرى, تلك التي تشرف عليها وتديرها شخصياتٌ معروفة بارتباطاتها وعدائها لسورية وللبنان والعروبة, كان جلياً أن كشف الحقيقة ليس بالقضية المهمة والملحة والضاغطة ولا أولوية, بقدر ما هو مطلوب الابتعاد والتركيز على دفن هذه الحقيقة واغتيالها خدمة للجهات الضالعة ذات المصلحة, ومخططاتها المرسومة والمفصلة على قياس المنطقة. فالأولوية كانت وما زالت تعطى لاستهداف سورية والتركيز عليها وإلصاق التهمة بها, والتضييق عليها ومحاصرتها وتجريمها على سبيل المعاقبة والاقتصاص منها ومن مواقفها, سواء ما اتصل منها بلبنان ومقاومته الوطنية وتضحياتها في سبيل إنقاذه وتحقيق خلاصه ووفاقه وسلامه الأهلي, وإسقاط مؤامرة تقسيمه ودحر المشروع الصهيوني فوق أرضه, أم ماتعلق بفلسطين والعراق وقضية السلام في المنطقة ورفضها إعطاء أية مكاسب أو مشروعية للاحتلال.. وكل هذا الضجيج السياسي والإعلامي الهستيري والتحرك الاستباقي وحملات التضليل والتأليب والحشد من جانب قوة عظمى ضد سورية, هدفه التغطية على القاتل الحقيقي والمستفيد الوحيد من الجريمة وهما معاً الولايات المتحدة بإدارتها الحالية وإسرائيل, والإلهاء والتعتيم على ارتكاباتهما ومذابحهما بحق الشعبين العراقي والفلسطيني. وبصرف النظر عما ساقه التقرير من مغالطات وسرد اتهامي يفتقر إلى الدقة والموضوعية وأبجديات التحقيق, والتوصيف العربي والدولي وبالأخص القانوني له بأنه محض سياسي يحمل بصمات أمريكا وإسرائيل ولا يمكن الاعتداد به والبناء على أساسه, فإن إصرار إدارة بوش على التسييس والتوظيف القذر للحدث إلى أبعد مدى, واستخدامه ورقة ضغط وابتزاز وترهيب ودفعٍ في اتجاه خلق بؤر توتر وارتكاب حماقات أكبر, ومغامراتٍ أشمل تتعدى الساحتين اللبنانية والسورية إلى عموم المنطقة والأمة بأسرها, هو العامل الأخطر والقنبلة التي تراهن عليها مع حليفها الإسرائيلي, لتقويض الوضع في (الشرق الأوسط) المتردي أصلاً لغياب السلام وأي أفقٍ له. ولا بأس هنا من التنويه وإعادة التذكير بمركزية وثقل الدور السوري وأهميته كعامل استقرار, على حين هواة الحروب بالإدارة الأمريكية وملهموهم القتلة ومافيات الإرهاب والجريمة المنظمة في تل أبيب, وبشهادة العالم وأوساطه الشعبية لا الرسمية والمعبّر عنها باستفتاءاتٍ عدة في أوروبا وفي الولايات المتحدة نفسها, من يعبثون بأمن المنطقة ويشكلون عوامل التوتر والاضطراب والحروب, وعناوين القتل الأكثر همجيةً وخطورةً وتهديداً للأمن والسلم الدوليين. من المؤسف وبرغم كل الظلم الذي ألحقته وتلحقه سياسات واشنطن الخاطئة بالمنطقة, أن نُضطر للقول مجدداً بأن المحافظين الجدد وصقور إدارة بوش واليمين المتصهين, يمارسون سياسة القوة العمياء واستغباء الناس ويريدون من خلال قوانين المعاقبة والمحاسبة والاستهداف, أن ينسى العالم والشعب الأمريكي أن لسورية قضيةً وأرضاً محتلة, اغتصبتها إسرائيل بالعدوان وبقوة السلاح الأمريكي وترفض الانسحاب منها, أو الالتزام بأي من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة, والتي بدا واضحاً أنها تستصدر بحماسة ولأبسط الأمور ضد العرب, وتوضع انتقائياً وبزمن قياسي موضع التطبيق مشفوعة بالتلويح بأقسى العقوبات, وتطبيق بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة, وهي سياسة وإن حققت بعض النجاحات والاختراقات إلا أنها آنية,و محالٌ لها أن تجعل العصر الذي نعيشه عصراً أمريكياً-إسرائيلياً. |
|