تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القمة الجوفاء

الهيرالدتريبيون:
ترجمة
الأحد 30/10/2005م
ترجمة:كندة ديب

كانت قمة الأمم المتحدة التي عقدت في أيلول المنصرم عبارة عن قمة جوفاء وفارغة تحتاج إلى الكثير لملء ذلك الفراغ,

فما كان ينقص تلك القمة ببساطة شديدة هو ذلك التصور الذي كان من الممكن أن يضع أسساً جديدة للاصلاح وأهدافاً عديدة لمعالجة قضايا الفقر إذ إن الاحباط الذي خيم على مختلف أنحاء العالم كان واضحاً وملموساً وعوضاً من تبدأ منظمة الأمم المتحدة حقبة جديدة حصلنا على قمة تم الاتفاق مسبقاً على كل أهدافها وعلى تراجع واضح, ومخزٍ عن بعض الوعود التي بردت همتها وبينما كان القادة يتحضرون للعودة إلى أوطانهم أصيب فقراء العالم بإحباط شديد, وقد أطلقت صحيفة النيويورك تايمز اسم القمة الضائعة على قمة الأمم المتحدة التي عقدت مؤخراً إذ إن ما رأيناه هو عبارة عن قمة لمؤسسة تنتمي إلى القرن العشرين, أسست وأنشئت على قلق الحكومات على سيادتها واستقلالها وقد أخفقت في معالجة قضايا القرن الحادي والعشرين والتي تحتاج إلى تضافر الجهود والمسؤوليات من أجل الوصول إلى حلول.‏

لقد بدأت منظمة الأمم المتحدة -منذ نحو خمس سنوات مضت- عهداً جديداً مفعماً بآمال الألفية وأهدافها السامية.‏

وقد وضعت تلك الأهداف الشجاعة والنبيلة لإنقاص معدل الفقر في العالم بيد أن الوعود والعهود التي قطعت قد أصبحت واحدة من العهود المنسية والتي أصبحت السمة المميزة لتاريخ الأمم المتحدة القديم ومن الأشياء الايجابية التي سادت أجواء القمة هو الترحيب باتفاقياتها ومعاهداتها.‏

بالإضافة إلى استخدام لغة صارمة ومصممة على حماية مسؤولياتها والتي ستتيح للمجتمع الدولي بأن يستهل أعماله دون أن يواجه عقبات أو معوقات تذكر, إلا أن هذا الشيء هو عبارة عن دعامة واحدة في كرسي عجزت بقية الدعامات عن أن تتحول إلى دعامات حقيقية وواقعية.‏

إذ إن البحث في قضايا حقوق الإنسان الطارئة قد تم تأجيله ولم تتوصل المنظمة إلى إيجاد حل لكيفية معالجة تجارة الأسلحة الصغيرة والتي هي عبارة عن الأدوات الحقيقية لأسلحة الدمار الشامل لكن أكثر ما يؤلم هو أنه لم يكن هناك أي دافع أو حافز من أجل تحسين الاتفاق.‏

إن التردد الذي ساد أوساط الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة بدا وكأنه يحث الأفراد في الخارج ويزودهم أو يمدهم بالطاقة والنشاط من أجل التحرك إلى الأمام فقد اجتمع خارج مبنى منظمة الأمم عدة مجموعات صممت على تأكيد دعمها ومساندتها لعملية المضي قدماً في القضايا المتعلقة بالفقر والأمن.‏

وقد كان هذا الشيء بمثابة بصيص من الأمل, وإذا اضطر بعض ممثلي الأمم المتحدة والبنك الدولي للاجتماع مع بعض الحكومات بالإضافة إلى الاتصال مع بعض قادة المجتمع المدني والقطاع التجاري الصناعي تمخض عن تلك الاجتماعات والاتصالات خطوات مبتكرة ومهمة وجديدة مثل البدء في شراكة جديدة من نوعها تتعلق بقضايا الأطفال والأمومة والعناية بصحتهم.‏

هذا بالإضافة إلى تدبير لقاءات بين رجال الأعمال وقادة الاقتصاد وبين المجتمع المدني من أجل الوصول إلى تفهم حقيقي قادر على منح منظمة التجارة العالمية دعماً حقيقياً وقادراً على تزويدها بالنشاط والطاقة, هذا بالإضافة إلى الطرق الجديدة من أجل تقوية أنظمة الصحة المحلية.‏

إنها طريقة جديدة للقيام بالعمل وإنجازه وقد فرضت علينا لإدراكنا بأن الحكومات والقيادات لم تنجز العمل وهكذا فإن تسخير كل الطاقات والاطراف من أجل التوصل إلى حلول وتسويات هي طريقة جديدة للمضي قدماً إذ إن عمل كل منهما على حد أدى إلى فقدان المقدرة والوسائل والموهبة.‏

إن إخفاق القمة جعل المهمات تبدو أكثر وضوحاً فما تحتاج إليه الآن من تضافرالجهود لملء الفراغ والصدع الذي خلفه قادتنا إذ إن الاعتراض الجماعي على قمة مجموعة الثماني التي عقدت صيف هذه السنة مكّن المجتمع المدني من إعادةشحذ طاقاته والعمل بجد ونشاط.‏

ويرى الاقتصاديون أن عالماً صحياً وآمناً هو المكان الأفضل والتربة الأصلح للعمل معاً وللاتحاد وهكذا فإن هذه الشراكة الجديدة سوف تسهم في دفع عملية إحياء وبعث منظمة الأمم المتحدة التي نحتاج إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل أن ندعم ونلزم قادتنا بتقدير وتنفيذ الالتزامات والوعود التي قطعت منذ 5 سنوات مضت.‏

إن عملية إعادة منظمة الأمم المتحدة إلى أفراد وعامة الشعوب سوف تكون العامل الموجه والأساسي الذي سيعطي تلك الطاقات الفرصة لإعادة بناء منظمة صالحة لمعالجة قضايا وشؤون القرن الواحد والعشرين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية