|
تحقيقات
ما يؤكد كلام عاصم هذا, المعلومات التي سمعناها عن اقتراحات متعددة في أوساط القائمين على هذا البرنامج في منظمة الصحة العالمية لتغيير اسمه, حيث أدركوا بعد هذه السنوات من (تطبيقه) أنهم لم يطبقوا سوى التسمية فقط, أما على أرض الواقع فتسمع لتلك القرى خيراً من أن تراها! فكرة عامة عن برنامج القرى الصحية برنامج القرى الصحية, برنامج أقرته منظمة الصحة العالمية, وجرى (تطبيقه) في عدد من الدول, وقد بدىء العمل به في سورية منذ عام ,1996 وذلك في عدد محدود من القرى موزعة في ثلاث محافظات (ريف دمشق-درعا-القنيطرة) ثم جرى تعميمه على بقية المحافظات اعتباراً من منتصف ,1997 أما في محافظة طرطوس فقد بدأ تطبيقه في ثلاث قرى هي (مجدلون البستان-الدكيكة-الخريبة). والبرنامج يقوم على الجهود الذاتية لسكان الريف, ويتم فيه تقسيم القرية الى أحياء, وتقوم لجنة من أهالي القرية مؤلفة من 8-12 شخصاً بالعمل التنموي, وتشرف على حسن تنفيذه وتشكل حلقة الاتصال بين المواطنين والمؤسسات التنموية والخدمية وتتلخص مكونات البرنامج بمشاركة المجتمع المحلي في تحديد وتأمين احتياجاته الأساسية, وفق الأولويات, وتعزيز صحة البيئة في القرى الصحية, وتعزيز أنماط الحياة الإيجابية, والعمل بمفاهيم المنزل والمجتمع صديقا الطفولة, وتقوية خدمات الصحة, بما في ذلك الصحة الإنجابية في القرى الصحية, ومتابعة تطبيق منهج المدرسة المجتمعية, وتعزيز المعلوماتية وتمكين المرأة من خلال المشاركة في أنشطة البرنامج المختلفة. وإيجاد أنشطة محلية مدرّة للدخل, ومنح بعض القروض بالإضافة إلى مشاريع تنموية رائدة, أي أنه برنامج صحي تنموي مجتمعي. ومن إيجابيات البرنامج بحسب ما يهدف إليه مساعدة المواطنين ليساعدوا أنفسهم, والنهوض بالمجتمع بمشاركة فاعلة من المرأة ومختلف مستويات المجتمع, بالإضافة إلى أنه عمل مجتمعي يحث الجميع للعمل بروح التعاون, كما أن البرنامج يعتمد على التوسع العمودي لا الأفقي بمعنى الارتقاء بالقرى الصحية المسماة, وليس زيادة عددها. إذاً أهداف ومكونات رائعة وطموحة ومطلوبة يعمل على تحقيقها برنامج الأمم المتحدة, لكن كيف هي الصورة على أرض الواقع بعد أكثر من عشر سنوات على تطبيق هذا البرنامج في سورية? جولة في بعض القرى: وخلال جولتنا في عدد من القرى الصحية في محافظة طرطوس ولقائنا مع المواطنين فيها, تبين لنا ومن خلال مشاهداتنا أيضاً أن القرية الصحية لا تختلف كثيراً عن القرية غير الصحية, فالخدمات نفسها, لا بل هي أقل في بعض القرى. فقد أخبرنا بعض الأهالي في قرية الصفلية بمنطقة الشيخ بدر أنه تم بناء نقطة طبية في القرية,وتركيب مشروع صرف صحي, لكن هذا المشروع ومنذ عامين لم يعمل, وهناك الكثير من المواطنين في القرية لم يستفيدوا منه, ويبدو أنه لن يستخدم في المدى القريب! المحامي عاصم المحمد وهو رئيس لجنة التنمية في قرية خربة الفرس الصحية قال لنا: تم تحويل قريتنا إلى قرية صحية في العام 2003م وبدأت لجنة التنمية المشكلة في القرية تعمل في جميع المجالات.وقد حققنا بعض الإنجازات لكننا نجد صعوبات عديدة منها: عدم استجابة الجهات المعنية للعديد من الطلبات أو حتى الرد عليها, حيث يدرس حالياً وضع التيار الكهربائي, لأنه ضعيف في قريتنا, ولا يمضي يوم إلا ونخسر بعض أجهزتنا الكهربائية ولا نستطيع في أيام كثيرة أن نشعل لمبة. وأضاف: كما توجد في القرية وحدة إرشادية تنقص العاملين فيها مستلزمات الزراعة من تجهيزات ومواد الوقاية من الأوبئة ولا يمكن الوصول الى مزارع القرية إلا بالطرق البدائية من حمير وغيرها, وخاصة أن القرية تشتهر بأشجار الزيتون المعمرة والحمضيات, وبعض الفاكهة تعاني من الحشرات وغياب الوقاية بسبب عدم الاستجابة لمطالب أهالي القرية في صيانة وتعبيد الطرق الزراعية المنفذة من قبل أهالي القرية بالعمل الشعبي. وقد راسلنا الجهات المعنية بكتب عديدة لم تلق حتى تاريخه أي دعم رغم أن قرى غير صحية قد حصلت على خدمات أكثر من قريتنا! ويتابع عاصم المحمد قائلاً : السيول تجرف الطرقات كل عام في قريتنا والتربة تنجرف والمواسم تتلف, كما أنه لا يوجد سيارة اسعاف في القرية, وعدم الاستجابة حين نطلبها ما أدى إلى حالات وفاة عديدة وهناك نقص في الأدوية وضعف حملات الرعاية الصحية من الجهات المعنية التي أثبتت المسوحات تزايد الأمراض المزمنة ومنها مرض السكري ومرض القلب, وغياب الدعم لمشاريع خدمية كالصرف الصحي, وما يحدث في الينابيع من تلوث...الخ مع المعنيين في المحافظة: هذه الصورة القاتمة نقلناها إلى المعنيين في طرطوس وقد كان الجواب على لسان الدكتورة غنوة خضور رئيسة شعبة القرى الصحية بطرطوس, أن هناك احتياجات تتطلبها تلك القرى الصحية, وأن هناك مقترحات لتطوير عمل البرنامج, وبعد أن عددت الدكتورة خضور بعض المشاريع التي تم إنجازها والخدمات المقدمة كتقديم بعض أجهزة الحاسوب وتوزيع خمس ماكينات خياطة, ومد بعض القرى بمحولات كهربائية, وافتتاح بعض المراكز الصحية في بعض القرى الأخرى, وإكساء بعض الطرق الزراعية. بينت أن هناك تعاوناً قد حصل بين بعض المؤسسات كمؤسسة الآغا خان (وحدة القروض الصغيرة) والتي أبدت تعاوناً ملموساً وتشجيعاً لهذا البرنامج, حيث تجاوز الرقم المقدم للبرنامج من هذه المؤسسة مليوني ليرة سورية. كما تم التعاون مع صندوق الريف للتنمية (الفردوس) وذلك بعدة مشاريع(منح قروض - شراء جرارات - بيوت بلاستيكية) وذلك في عدة قرى (الخريبة - مجدلون البستان - بيت الحرف - الدكيكة - المجيدل) كما تم إعطاء قروض من قبل منظمة الصحة العالمية إلى أربع قرى صحية في المحافظة ( خربة الفرس - العصيبة - سريجس - الجروية) قيمة كل قرض 145 ألف ليرة سورية تسدد كل أربعة أو ثلاثة أشهر وذلك دون أية فائدة. وهناك نشاطات على مستوى القرية برعاية مدير صحة طرطوس وتكريم لجنة التنمية في قرية الخريبة الصحية بالتعاون مع شركة خاصة, حيث قدمت مشكورة هدايا لرئيس وأعضاء لجنة التنمية ( شركة علي يوسف ندة للسيارات) وهناك زيارات اطلاعية تقوم بها الدائرة مع وفود محلية وعربية.. المشكلات والمقترحات: وبحسب الدكتورة خضور أن من بين أهم المشكلات التي يعاني منها برنامج القرى الصحية وخاصة في محافظة طرطوس عدم وجود ميزانية خاصة له وعدم وجود صفة رسمية للجنة التنمية (رئيس اللجنة والأعضاء).. ولا بد من إيجاد شركاء على المستوى الخاص ( شركات خاصة - جمعيات خيرية) كوسيلة لدعم خطة البرنامج وترسيخ فكرة التطوعي ونشر ثقافة العمل الطوعي بكافة الوسائل ( إعلام - مدارس) وذلك للرقي بالبرنامج من برنامج القرى الصحية إلى برنامج المدن الصحية, حيث لا توجد عندنا حالياً مناطق ولا مدن صحية في سورية لكننا نطمح لذلك. |
|