|
شؤون سياسية لقد وجدت الولايات المتحدة نفسها تقود العالم كما تريد وكما يحلو لها, زرعت المشكلات والمآسي في أنحائه كافة بدلاً من أن تكون الراعي العادل بطغيان قوة أعمى من الذين يديرون السياسة الأمريكية. عند هذه المعضلة في السياسة الأمريكية يتوقف بيير هاسنر وجوستان فاييس في كتابها المشترك ( واشنطن والعالم معضلة القوة العظمى) ترجمه إلى العربية د. قاسم المقداد وصدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب. بيير هاسنر: هو مدير أبحاث وخبير في مركز الدراسات والبحوث الدولية (CERL) ويدرس في الجامعات الإيطالية أما جوستان فاييس فهو مؤرخ وباحث في مركز شؤون الولايات المتحدة وفرنسا ولدى مؤسسة بروكينز..يقول الباحثان: نحن لا نتطلع إلى فك طلاسم السببيات كلها بل إلى التركيز على النقاش الفكري باعتباره العامل الأساسي في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية , فمثلاً منذ تولي جورج بوش الابن السلطة ما فتئ يخضع في سياسته الخارجية لتأثير مجموعة من المفكرين هي مجموعة المحافظين الجدد التي كان لها تأثيرها في عهد ريغان لكن أطروحاتها عدت مفرطة وهامشية منذ نهاية الحرب الباردة, هذه المدرسة لا تعبر عن مصالح اقتصادية خاصة ولا تمثل شريحة كبيرة من الرأي العام الأمريكي , لكن تأثيرها الأساسي يعود إلى ما لأفكار هم من سلطة وقدرة على الوصول إلى الرئيس ومستشاريه الرئيسيين, وبالإضافة إلى ذلك تتميز أمريكا يإسلوبها الذرائعي وفكرها المتحرك اللين, وباختصار لا يمكن فهم أعماق السياسة الخارجية الأمريكية إلا إذا عرفنا التيارات الفكرية التي تحركها. علبة الأفكار أو مراكز البحث: تعد ( علبة الأفكار) أو مراكز البحث مؤسسة هامة بالنسبة للنقاش الأمريكي المتعلق بالسياسة الخارجية وهو نقاش يملأ الفراغ القائم بين عالم البحث الجامعي المتميز بالتنظير وبالبعد عن الاهتمامات المادية لأصحاب القرار, وبين عالم الفعل الذي غالباً ما يعوزه الوقت اللازم للتفكير المعمق. مراكز البحث عبارة عن جامعات بلا طلاب تمولها مؤسسات خيرية واضحة الاتجاه السياسي مثل مؤسسة فورد, وثمة مراكز بحث كثيرة مثل: كارينجي /بروكنز/ مجلس العلاقات الخارجية وغيرها. ويخلص الباحثان إلى القول : تكمن مصلحة واشنطن في ربط المفكرين بأصحاب القرار حيث تتحرك السياسة الخارجية الأمريكية في جزء كبير منها. -أقدار جيو سياسية: تحت هذا العنوان يكتب الباحثان: منذ انطلاق الولايات المتحدة في القرن السابع عشر لم تشهد المجموعة الدولية فرصة أكبر من تلك التي تشهدها اليوم من أجل بناء عالم تتنافس فيه القوى الكبرى سلمياً بدلاً من الاستمرار في الابتعاد عن بعضها لخوض الحروب, واليوم تجد القوى الكبرى نفسها مرة أخرى في معسكر واحد توحدها الأخطار نفسها..العنف الارهاب والفوضى وغيرها. وهذه روسيا في منتصف الطريق نحو تغير واحد وتقترب يوماً بعد يوم من مستقبلها الديمقراطي, هذا كان رأي جورج بوش الابن قدمه على شكل استهلال لوثيقة الامن القومي في شهر أيلول 2002 م , وأحداث 11/9 قاربت بين روسيا والولايات المتحدة إضافة إلى تهدئة التوترات مع الصين. ومع ذلك فإن انبثاق العدو المشترك والشراكة في الحرب على الارهاب لم يسدلا ستار النسيان على المناقشات الحادة التي حركت أوساط الشؤون الخارجية الأمريكية حول روسيا والصين ولا تزال تحركها حتى اليوم. منذ إدارة بوش الأب حدث توافق نسبي حول موضوع الاتحاد السوفييتي يقوم على بعض المبادئ البسيطة: دعم اندماج روسيا في دائرة الدول الديمقراطية والانتقال نحو الرأسمالية, في الوقت نفسه التزام الحذر إزاء أي طموح امبراطوري ناشئ لدى موسكو, ومن هنا جاء دعم أوكرانيا وروسيا البيضاء وتوسيع حلف شمال الأطلسي ومشاريع الطاقة في قزوين , وما إلى ذلك, ويقدم الباحثان اقتباساً لكوندوليزا رايس تقول فيه: اعتقد أن روسيا تشكل تهديداً للغرب عموماً ولحلفائنا الأوروبيين على نحو خاص وينقصنا جميعاً الحذر من المخاطر التي تمثلها الترسانة النووية والإمكانيات البالستية التي يملكها الكرملين. رايس تذهب في المنحى نفسه, كما يشير الباحثان على أن روسيا تشكل تهديداً للغرب ورؤية كلينتون لروسيا كانت خاطئة حيث كان يجب ألا يساعدها. ويخلص الباحثان إلى الأخذ برأي ستانلي هوفمان الذي يقول: إذا شاءت أمريكا تغيير نظرة الآخرين عليها أن تلجأ أولآً إلى إعادة ضبط الصورة التي قدمتها عن نفسها وكذلك يتطلب فهم الإصغاء للآراء التي يرونها فخرية. باختصار الكتاب شديد الأهمية للقارئ العربي الذي يرغب في فهم سياسات القوة العظمى وتأثيراتها على المتغيرات الدولية والعربية الراهنة. |
|