تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أولمرت في الحضيض

هآرتس
ترجمة
الأثنين 15/9/2008
ترجمة :ليندا سكوتي

منذ قرابة الشهر أقرت لجنة من وزارة العدل صرف مبلغ 30 ألف شيكل إلى رئيس الحكومة إيهود أولمرت مقابل النفقات التي دفعها كأجور لاستشارات قانونية بشأن شهادته أمام لجنة فينوغراد,

لكن هذا المبلغ لا يمثل في حقيقته سوى 20% مما طلبه أولمرت نظير المبالغ التي أنفقها كأجور لتلك الاستشارات التي دفعها قبل وأثناء التحقيق ومثوله أمام اللجنة. ويدعي أولمرت في هذا السياق أنه قد غُبن بتحديد هذا المبلغ, لكنه وجد نفسه ملزماً بتغطية تلك النفقات من ماله الخاص بغية الدفاع عن نفسه ضد ما نسب إليه من تهم من حيث عدم تنفيذ المهام الموكلة إليه على الوجه الأكمل.‏

وبذلك فإن أولمرت تحمل الجزء الأكبر من نفقات المحامين الذين وكلهم لمساعدته في نفي ما نسبه التحقيق من تهم, وهنا نلاحظ أن القصاص المادي الذي لحق بأولمرت (ذلك الرجل الذي عرف بجشعه وحبه للمال) قد ألزمه بدفع مبالغ كبيرة من جيبه نتيجة ما ترتب عليه من تبعات ما صدر عنه من أخطاء جراء تصرفاته ومخالفاته.‏

لاريب أن المأزق الذي حل برئيس الوزراء يشكل إشارة تحذيرية لكل السياسيين وخاصة في كل من حزب كاديما والعمل والليكود الذين يتسابقون في الحصول على كرسي أولمرت.‏

يؤكد الواقع أن أولمرت قد تصرف كمقامر عندما رغب بالحصول على المال والراحة والمتعة والرفاهية, وقد حصل على ما يبتغيه, لكن تلك الرغبة أودت به للمثول أمام النائب العام والشرطة للتحقيق, ذلك لأنه لم يتبع طريقاً سليماً في إرضاء رغباته في جني المال, لأن الطريق السليم يتطلب التقيد بالقوانين والأحكام والتعليمات, الأمر الذي يحول دون حصوله على مبتغاه دون اتباع الطريق المنحرف عن جادة الصواب, لكنه أقنع نفسه بأنه كان على صواب, وأن التصرفات التي أقدم عليها تحاكي تصرفات من سبقه من السياسيين, وأن كل ما جناه يعتبر بمثابة مكافأة لنفسه عن جهوده التي بذلها في خدمة الشعب, لكنه في قرارة نفسه يعلم جيداً أن التصرفات التي ارتكبها قد تودي به إلى التحقيق والمساءلة. ويؤكد ذلك عندما عمد إلى توخي السرية في قبضه للأموال, واعتماده وكالة سفر مغمورة لترتيب أمور تنقلاته, إذ لو لم يكن على علم بأنه على خطأ يريد التغطية عليه لما استمرت شولا زاكين في رفض الاستجابة لطلبات المحققين.‏

اتبع أولمرت مختلف الأساليب لتحقيق مصالحه منذ بداية صعوده السلم السياسي, وتكونت لديه فكرة تقوم على تحقيق المنفعة الشخصية والاستفادة من أي موقع يشغله, وغاب عن ذهنه (على الرغم من دهائه) أن المرء كلما ارتفعت منزلته سيجد من يرصد له هفواته وهناته, وكان عليه عندما وصل إلى القمة أن يتوقع رفع الغطاء عما ارتكبه من أخطاء وتعاملات سرية, الأمر الذي كان يحول دون وقوعه في الهوة المحزنة التي جلبها لنفسه.‏

لم تقتصر الأسباب التي جعلت رئيس الحكومة يزمع على ترك موقعه الذي حلم وسعى للوصول إليه منذ أمد بعيد على ما ذكر آنفاً, وإنما توجد أسباب أخرى تعود إلى فقدانه منزلته كقائد, وإلى اقتران اسمه بالكذب والخداع وتفضيل المصلحة الشخصية عن سواها, الأمر الذي سبب الخزي والعار له ولعائلته, لكن من سخرية القدر, أنه الآن وبغية الدفاع عن نفسه يدفع الكثير من ثروته التي حققها بوسائل ملتوية. وهنا نتساءل إن كان يمكن لمثل هذا الرجل الذي لم يحسب خطواته وما يحتمل أن يتعرض له على الصعيد الشخصي أن يتولى إدارة شؤون البلاد?‏

إن النهاية التي وصل إليها أولمرت قد أحدثت في نفوسنا شكوكاً حول واقع السياسيين الذين يتوقون لتولي منصب رئاسة الحكومة أمثال إيهود باراك وبنيامين نتنياهو وغيرهما, وهل ستكون نهايتهم على غرار مصير أولمرت?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية