|
شؤون سياسية وتحولت من طابع الحرب الباردة غير المعلنة إلى طابع الحرب الباردة شبه المعلنة وفي وقت كشفت فيه واشنطن عن خطط بشأن مساعيها من أجل السيطرة على نفط وغاز منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وفي ضوء التدخل الأميركي المتزايد في بلدان الجوار الروسي والاستهداف الأميركي المتزايد لأصدقاء موسكو وبالذات إيران، ومع تزايد الضغط الأميركي أيضاً على الأوروبيين من أجل استخدامهم لمزيد من الضغوط والمقاطعة غير المعلنة ضد روسيا، وكذلك في وقت تحاول فيه واشنطن السيطرة العسكرية البحرية في مناطق المحيط المتجمد الشمالي المقابلة للشمال الروسي وتحديداً في المناطق التي تحتوي على مخزونات هائلة من النفط والغاز، وكذلك سعي واشنطن للسيطرة على الممرات الملاحية ذات الأهمية الجيواستراتيجية لحركة النقل العالمي وبالتالي إحكام السيطرة على كل ما له علاقة بإرهاق الاقتصادي الروسي وحرمانه الحصول على أي مزايا تفضيلية لتدفقات رأس المال الاستثماري و لاسيما منه الأوروبي. كما أن أهمية القمة الروسية الأميركية تأتي لأنها ستحدد مستقبل العلاقات الثنائية ومرتكزات السياسة الخارجية لكل من موسكو وواشنطن للمرحلة القادمة إذ إن استراتيجية الأمن القومي الأميركية لا تزال قيد التشكل ولم تخلص بعد في عهد الإدارة الأميركية الجديدة لصياغة هذه الاستراتيجية المستقبلية في حين أن الاستراتيجية الروسية سبق أن أعلن عنها الرئيس ميدفيديف في أكثر من مرة ولاسيما عقب الحرب الجورجية التي كان من أبرزها التأكيد على دور روسيا بسياسة خارجية تتعامل مع الجميع وفقاً للنظام الدولي القائم على صيغة توازن القوى وعدم السماح لاستفراد أي قوى أخرى بالعلاقات الدولية، كما هو الحال في عهد الرئيس السابق بوش، وهو ما أثار بالطبع حفيظة إدارة بوش التي أثبتت الوقائع فيما بعد أن الأمور كانت تجري لغير مصلحة السياسة الخارجية الأميركية وهو ما أثمر عن تراجع نفوذ واشنطن في آسيا الوسطى لمصلحة موسكو إلى أن جاءت الأزمة المالية الأميركية لتهز من جديد أركان إدارة بوش وإحداثها لتفكك واضح في أجنحة المحافظين الجدد وجماعة المحافظين التقليديين في الإدارة الأميركية الحالية. ولعل معظم المحللين ذهبوا إلى أن إدارة الرئيس أوباما تسعى من هذه القمة لعقد صفقة أو صفقات ولاسيما حيال الأسلحة النووية بما يدفع روسيا لقطع روابطها مع إيران وكوريا الشمالية وبما يدفع لتوسيع حلف الناتو شرقاً وبالتالي لتقليل مخزون الأسلحة النووية الروسية التي تفوق بالعدد على مثيلتها الأميركية إضافة إلى ملفات مهمة حيال أفغانستان والقوقاز والشرق الأوسط ولاسيما أن الرئيسين الأميركي والروسي سيحضران بعد قمتهما هذه بقليل في إيطاليا قمة مجموعة الثماني التي ستعقد في الثامن من الشهر الجاري حزيران. ومن هنا يقول هولاء المحللون إنه إذا توافقت وجهات النظر في قمة موسكو فإن ذلك سينعكس إيجابياً بشكل واضح على اجتماعات قمة الثماني التي ستدوم ثلاثة أيام ومثل ذلك التفاهم سينعكس أيضاً ولاحقاً على الملفات الاقليمية والدولية الأخرى وفيما لو تباينت وجهات النظر بينهما فذلك سيكون بالتأكيد مؤشراً لأداء روسي معاكس في إدارة الأزمات الدولية والاقليمية الجارية والتي ما زالت في حالة السخونة المؤهلة للمزيد من الانفجار ولاسيما أزمة الصراع العربي- الصهيوني والملف النووي الإيراني والنووي الكوري الشمالي لكن كما هو واضح ومنذ وصول الرئيس أوباما للبيت الأبيض مطلع العام الحالي والملف الإيراني هو في صدارة اهتمامات الدوائر البحثية والرسمية الأميركية والإسرائيلية. وبما أن الإدارة الأميركية لم تحسم أمرها بعد في حسم خياراتها في التعامل مع هذا الملف إلا أن قمة لقاء نتنياهو مع الرئيس أوباما قبل اسبوعين جعلت هذا الملف كما هو واضح يحتل قمة الأولويات لإدارة أوباما في قمته المقبلة مع الرئيس الروسي ميدفيديف، وهذا ما يجعلنا نسأل في إطار هذه اللوحة هل ستعطي إدارة الرئيس أوباما أولوية لعمل عسكري ضد إيران على حساب القضية الفلسطينية استجابة للمطالب الإسرائيلية باعتبار أن مواجهة إيران أولاً ثم السلام في الشرق الأوسط ثانياً ولاسيما أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يسعى بشكل حثيث حالياً وبقوة لاستغلال الموقف من أجل القضاء على أي فرصة يمكن للرئيس أوباما أن يحقق هدفه بالتواصل مع إيران والدفع بالتالي بواشنطن لحشدها تأييداً دولياً لفرض عقوبات جديدة ومشددة على طهران مع بقاء جميع الاحتمالات قائمة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الإيرانية لحسم الموقف من جميع جوانبه مع إيران. إذاً قمة أوباما وميدفيديف ستبقى قمة العام الحاسم لقضايا حاسمة لكليهما. |
|