تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هكذا تحول «سوات» إلى وادٍ للموت!

شؤون سياسية
الثلاثاء 2-6-2009م
توفيق المديني

استولت القوات الباكستانية التي تقاتل حركة «طالبان» على نقاط عدة في مينغور المدينة الرئيسة في وادي سوات يطلق عليها «التقاطع الدموي» لأن المقاتلين المتشددين كانوا يلقون جثث ضحاياهم فيها.

وكان الاختراق العسكري الذي حققته حركة «طالبان» الشهر الماضي صوب منطقة بونر الواقعة على بعد نحو مئة كيلو متر فقط من شمال غربي اسلام آباد ومنطقة أخرى متاخمة لسوات، قدأثار رعباً حقيقياً في الأوساط الغربية، ولاسيما في الولايات المتحدة الأميركية. ففي القمة الثلاثية التي عقدت في واشنطن يوم 7 أيار الجاري، وجمعت كلاً من الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، والتي تناولت بصورة صريحة التحديات الخطيرة التي تواجهها الدول الثلاث، مارست الولايات المتحدة ضغوطات قوية على الرئيس الباكستاني لكي يعطي الضوء الأخضر للجيش الباكستاني للانتقال إلى الهجوم المعاكس للقضاء على مقاتلي حركة «طالبان» وأخواتها في وادي سوات، حيث تحولت باكستان وأفغانستان وفق العقيدة الجديدة للرئيس الأميركي أوباما إلى المركز الرئيس في الحرب العالمية على الإرهاب، وماكان على زرداري وكرزاي سوى الخضوع لتطبيق الاستراتيجية الأميركية الجديدة.‏

وادي سوات الباكستاني.. يقع في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي إلى الغرب من بانر، ويضم مايقرب 8.1 ملايين نسمة ويقع على بعد 150 كيلو متراً شمال شرق بيشاور، ويعد معقلاً للمقاتلين الإسلاميين المتشددين من حركة «طالبان» وتنظيم »القاعدة«.‏

وادي سوات يعتبر من مناطق الجذب السياحي في باكستان حتى سنة 2007، كان يلقب في السابق بـ «سويسرا باكستان» وهو في الوقت عينه يشكل مركز اصطياف مفضلاً للسكان الأثرياء من العاصمة اسلام أباد.‏

ويوجد في سوات 566 مدرسة للفتيات تتضمن أربع مدارس ثانوية حكومية و22 مدرسة ثانوية و51 مدرسة متوسطة و479 مدرسة ابتدائية، ومن هذه المدارس تم إغلاق أو إشعال النار في 131 مدرسة، ما حرم 20017 فتاة من التعليم، وخلال العام الماضي تم تدمير 150 مدرسة معظمها مدارس للفتيات، حتى لو تغيب التلاميذ عنها.‏

وادي سوات هذا، تحول إلى وادٍ للموت منذ 26 نيسان الماضي، بعد أن أصبح في قلب الحرب الدائرة بين الجيش الباكستاني، بقيادة الجنرال إشفاق برويز كياني الذي يؤكد أن قواته قادرة على التعامل مع كل أنواع التحديات التي تواجهها باكستان، وأنه «مصمم على تصفية طالبان»، من جهة، ومن جهة أخرى مع حركة «طالبان» الباكستانية، ومقاتلي «القاعدة».‏

فقد جاءت هذه الحرب الدائرة بعد أن انهار اتفاق السلام الذي وقعه الرئيس الباكستاني مع حركة «طالبان» في شباط الماضي لإنهاء العنف، مقابل السماح بتطبيق الشريعة الإسلامية في وادي سوات، حيث اعتبرت الولايات المتحدة ومسؤولون باكستانيون ذلك الاتفاق، أنه يوفر ملاذاً آمناً لـ «طالبان» و«القاعدة» وكانت «طالبان» قد أكدت أن مقاتليها سيتخلون عن السلاح في إقليم سوات عندما يوقع الرئيس الباكستاني على الاتفاق.‏

بعد تردد الحكومة المدنية، واتساع التمرد العسكري بقيادة حركة «طالبان»، أصبح الجيش الباكستاني الذي يشكل العمود الفقري للدولة، والذي يسيطر على الاقتصاد من خلال المجمع العسكري الصناعي الذي يملكه، والذي يقدر رأسماله بنحو 20 مليار دولار في سنة 2007، إضافة إلى تملكه 4.8 ملايين هكتار من الأراضي الخصبة، وتفوقه العددي 7000000 عسكري، مقابل 15000مقاتل من الإسلاميين المتشددين، هو الطليعة المتقاتلة من أجل حسم الحرب في وادي سوات، وإلحاق الهزيمة بحركة »طالبان« وأخواتها في باكستان وأفغانستان.‏

وقد أدى الهجوم العسكري على معاقل المتشددين من حركة «طالبان» إلى نزوح أكثر من مليوني شخص من وادي سوات، حيث يخشى البعض أن يتآكل الدعم الشعبي الذي يحظى به الجيش إذا ما استفحلت مشكلة اللاجئين وإذا ماطالت الحملة العسكرية.‏

 كاتب تونسي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية