تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كتاب جديد الميثاق العربي لحقوق الإنسان

الأحد 4/5/2008
حسن حسن

دأبت دوائر الهيمنة في العالم على استعمال تعبير ( حقوق الإنسان ) ذريعة لفرض هيمنتها. فكان لابدّ بالمقابل, من تصعيد ذكر حقوق الإنسان في الأدبيات السورية والعربية والإسلامية كي يتحرر التعبير النبيل مما ألحقته به دوائر الهيمنة من شوائب. تأسيساً من أن الحقوق العربية إنما تصان على نحو أفضل إذا تم التعبير عنها بلغة حقوق الإنسان, وإذا انطلق العمل لبلوغها على قاعدة حقوق الإنسان.

بهذه العبارات يمكن أن نوجز الكتاب الذي أصدره حديثاً الدكتور جورج جبور رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة بعنوان ( الميثاق العربي لحقوق الإنسان ).‏

وأهمية هذا الكتاب أو الكتيب كما يحلو للدكتور جبور تسميته لا تأتي من عدد صفحاته أو مواد الميثاق الواردة فيه, بل تأتي من كم الحوارات والمناقشات والجهود والمساعي التي بذلت وسوف تبذل, وكذلك الصعوبات والعوائق التي اعترضت سبيل نص هذا الميثاق طيلة 25 عاماً قبل أن تبصر النور.‏

للميثاق العربي لحقوق الإنسان قصة طويلة ابتدأت عام 1969 حين اقترحت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان على الأمانة العامة للجامعة وضع ( مشروع ميثاق عربي لحقوق الإنسان), واستمرت رحلة العذاب هذه /25/ عاماً ونيفاً حتى يوم 12/9/1994 حين صادق مجلس جامعة الدول العربية على المشروع فأصبح ميثاقاً.‏

ونلاحظ منذ البداية أن ميثاق الدول العربية الذي أقرّ في آذار 1945 جاء خالياً من أي إشارة إلى حقوق الإنسان, وإذا كان من الحق القول إن ميثاق الجامعة سبق بأشهر ميثاق منظمة الأمم المتحدة, الحافل بالإشارة إلى حقوق الإنسان, فإنه من الحق أيضاً الافتراض أن واضعي ميثاق الجامعة كانوا على اطلاع على مايجري من صياغات لميثاق منظمة الأمم المتحدة, وهي صياغات بدأت منذ عام ,1941 ولم تغب عنها مطلقاً موضوعات حقوق الإنسان. إذاً, منذ البداية كان ثمة تجاهل رسمي عربي مقصود لحقوق الإنسان. واستمر هذا التجاهل الرسمي حتى عام .1968 وعلى كل حال, كانت النهاية سعيدة جداً يوم 15/1/2008 حين صادقت الدولة العربية السابعة على الميثاق وهي دولة الإمارات العربية, بعد الأردن , لبنان, البحرين, سورية, فلسطين, وليبيا, و ذلك بمقتضى المادة /49/ منه - يدخل حيز النفاذ في 15/3/.2008‏

يتألف الميثاق من ديباجة ومن /53/ مادة. ويلاحظ في الديباجة وهي مطولة- تبنيها تعبير الأمة العربية وتمسكها بالقيم الروحية وإشارتها (للمبادىء الخالدة للدين الإسلامي الحنيف, والديانات السماوية الأخرى ورفضها أشكال العنصرية والصهيونية كافة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتهدد السلم والأمن العالميين).‏

وكما نعلم, فإن الميثاق كان ثمرة مؤتمر القمة العربية في تونس يوم 23/5/,2004 لكن وحسب وجهة نظر الدكتور جورج جبور ثمة شائبة, والشائبة دولية هذه المرة. وهي تتطلب من يتصدى لها مدافعاً عن الميثاق بصياغته الراهنة. فالفقرة /3/ من المادة الثانية من الميثاق, وبعض عبارات أخرى فيه هي الآن موضع اعتراض المفوضية السامية لحقوق الإنسان. فماذا تقول هذه الفقرة? نصها الحرفي كمايلي: (إن أشكال العنصرية والصهيونية كافة والاحتلال والسيطرة الأجنبية هي تحدٍ للكرامة الإنسانية وعائق أساسي يحول دون الحقوق الأساسية للشعوب, ومن الواجب إدانة جميع ممارساتها والعمل على إزالتها), فالاستعمار الاستيطاني عنصري بطبيعته, وهذا ثابت. ولاينبغي أن تتنازل حكوماتنا العربية تحت ضغط دولي موجه اسرائيلياً وأمريكياً. فما العمل?‏

أمامنا أم ( المعارك الفكرية ) وهي معركة استمرت انتصاراتنا فيها منذ أوائل السبعينيات حتى ألغي القرار /3379/ الذي صدر عام .1975 ثم استمر تخاذلنا في خوضها رسمياً منذ عام 1991 حين كانت تحضيرات مؤتمر دربان الذي عقد في أواخر آب وأوائل أيلول عام .2001 أما على الصعيد غير الرسمي العربي, فلا تخاذل, ألسنا نذكر جميعاً أن المنظمات غير الحكومية المناهضة للعنصرية المجتمعة من قبل دربان الرسمي قد أصدرت ليل 31/8-1/9/2001 قراراً بضرورة إحياء القرار 3379 فانسحبت من المؤتمر- إثر صدور ذلك القرار- كل من الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل?‏

وهنا يطرح الدكتور جبور سؤاله الأهم: من يدافع عن الميثاق العربي لحقوق الإنسان?! والجواب سهل: تدافع عنه حكوماتنا ومنظماتنا غير الحكومية معاً. كما أن على جامعة الدول العربية أن تتحرك اليوم وليس غداً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية