تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يديعوت أحرونوت ...متلازمة لبنان في غزة..

ترجمة
الأحد 4/5/2008
اليكس فيشمان

الجيش الإسرائيلي يكرر في غزة الأخطاء التي ارتكبها في لبنان. في كل مرة لم يحرص فيها الجيش على تحطيم الروتين في عمله حيال حزب الله دفعنا ثمنا باهظا لقاء ذلك. والآن يحصل لنا هذا في غزة أيضا.حماس وحزب الله يتابعان بهوس تحركات الجيش الإسرائيلي ويبحثان طوال الوقت عن نقاط الضعف. وهما يعرفان بالضبط كيف سيدفع قائد السرية القوة إلى المعركة.

وهذا ما يحتاجه كل قائد ليأخذه بالحسبان: العدو يعرف أنماط عمله مثل كف يده.الجيش الإسرائيلي يتميز بذاكرة قصيرة. فهو يكرر في غزة الأخطاء التي ارتكبها في لبنان.‏

في حينه, في كل مرة لم يحرص فيها الجيش على تحطيم روتين عمله, دفعنا لقاء ذلك ثمنا باهظا. والآن, لشدة الأسف, يحصل لنا هذا مجددا في غزة. يبدو أن كل جيل من القادة يجب أن يتعلم هذا الدرس على جلدته من جديد.العدو, - سواء كان هذا حزب الله أم حماس يعنى بمتابعة مهووسة لتحركات الجيش الإسرائيلي. هذا ما يعرفه أفضل من أي شيء آخر في مجال الاستخبارات, وفي هذه المتابعة يستثمر الكثير جدا من الطاقة.‏

فهو يبحث طوال الوقت عن نقاط الضعف.‏

يشخص ثقبا في الدفاع عن معبر الوقود? فإذا به يهاجم هناك. يفهم أن الجيش الإسرائيلي يرد بشكل غريزي على كل تقدم نحو الجدار, وعندما ينفذ هذا الرد بنمط عمل يكرر نفسه, فانه يعد كمين جذب. وهو يدس طعما إذ يعرف أن قائد السرية سيدفع بالقوة على نحو معين جدا. هكذا تعمل محافل الإرهاب وحرب العصابات. وعلى الجيش أن يخرج من نقطة افتراض بان العدو يعرف ردود فعله وأنماط عمله مثلما يعرف كف يده.‏

محظور أن يمس فشل واحد بقيم المبادرة, الهجوم والسعي إلى الاشتباك مع العدو. بالعكس, هذه قيم يجب تطويرها, تشجيعها والثناء عليها. ومع ذلك محظور الغرق في روتين النشاط والاستقرار على ما فعلناه جيدا حتى ما قبل أسبوع. على القادة أن يوظفوا أكثر بكثير على المستوى التكتيكي: في الإعداد, في تقنيات استخدام القوة, في التدريبات.للجيش الإسرائيلي تفوق هائل في المجال التكنولوجي. لديه منظومات رقابة ممتازة يمكنها أن تعثر على التحركات على طول الجدار ولديه منظومات نارية قادرة على الارتباط بمنظومات الرقابة بشكل مطلق. أي, المنظومة التي تشاهد هي التي تطلق النار. هذه منظومة غير موجودة لدى حماس أو حزب الله أو الكثير من الجيوش. ولكن هذه الميزة الهائلة التي للجيش الإسرائيلي على الخصم, لا تستغل بكاملها. التكتيك موجود, والمال حاضر, والتكنولوجيا حاضرة, والبنية الفنية معروفة والحاجة مشهود لها.‏

هذه المنظومات كان يفترض بها أن تكون منتشرة ونشطة على طول الخط بشكل عملياتي, ولكن هذا لا يحصل على الأرض بالضبط لماذا? أساسا لأسباب بيروقراطية داخلية في الجيش: في قيادة المنطقة الجنوبية يعتقدون انه ينبغي عمل ذلك, في قيادة الذراع البري يفكرون بشكل مغاير, هذا لا يتدبر مع ذاك وما شابه. باختصار جيش من الناس المفكرين, الفلاسفة.‏

وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه المنظومات يفترض أن تقدم الرد ولو الجزئي على الحدث الذي وقع أمس. يجدر برئيس الأركان أن يستدعي المسؤولين عن هذه المنظومات ويسألهم متى يزعمون تحويلها إلى عملياتية وأين بالضبط عالق الأمر هنا. هذا هو استغلال للتفوق النسبي, هو العقل. كما يقول ضابط كبير في قيادة المنطقة الجنوبية للصحافيين.في شيء واحد محق الضابط الكبير: المنظومات التكنولوجية لن تحل أبدا محل القائد الذي يدخل إلى المنطقة ويدير القتال كي يزيل التهديد.‏

ولكن هنا أيضا, رغم حماسة القائد في الهجوم والاشتباك مع العدو, ثمة مجال لفحص كيف استخدم تلك المنظومات التكنولوجية الموضوعة تحت تصرفه. ذاك الضابط أجرى التفافا عبر منطقة دون, على طول سلاسل رملية فيما هو كان مكشوفا للإصابة. كانت في يده وسائل تكنولوجية جيدة جدا يمكنها أن تعطيه صورة عن مكان العدو. فهل استخدم أفضل هذه الوسائل قبل النزول إلى الميدان? يجب الفحص.الأسابيع الأخيرة تتميز بنشاط متفرع جدا لمنظمة حماس على طول الجدار: وضع عبوات, إطلاق النار على المزارعين وإطلاق قذائف الهاون. وبالمقابل يوجد إطلاق نار أقل للقسام. حماس استغلت المهلة النسبية منذ (شتاء حار) ودفعت بمنظوماتها المتقدمة إلى مسافة اقرب إلى جدار الحدود, بما في ذلك إقامة مواقع تطلق منها النار بشكل دائم على الأراضي الإسرائيلية - مثل ذاك الموقع, الجديد نسبيا, الذي أطلقت منه النار على دورية الوزير ديختر- . يتبين أن حماس ببساطة غيرت نمط عملها.‏

طالما فرض على الجيش الإسرائيلي نمط دفاع هجومي لا مفر من نشاط بري جارٍ داخل القطاع لإبعاد مطلقي النار وإبعاد التهديدات.‏

في العمليات المبادر إليها لا يزال الجيش الإسرائيلي يفاجئ الطرف الآخر ويحقق الإنجازات. أمس, بالتوازي مع النشاط الذي قتل فيه ثلاثة جنود من الجيش الإسرائيلي, نفذ نشاطان بريان مبادران آخران: في منطقة الشجاعية وفي منطقة البريج.‏

قتل 5-6 مخربين وقتل 11 مطلوبا للتحقيق معهم لدى المخابرات الإسرائيلية. هذه العمليات في الظروف الحالية التي تمليها القيادة السياسية لا يمكن وقفها وإلا سنجد حماس عندنا في الساحة.هذه حرب تآكل يومية تكتيكها يفرض السياسة.‏

وطالما أن السياسة هي الدفاع وإطفاء الحرائق على طول الجدار, تنشأ حرب أدمغة. كل طرف يتعلم كل الوقت عن الطرف الآخر, وستكون هناك المزيد من الأخطاء والمزيد من القتلى والجرحى. السؤال هو إذا كان هناك من يوظف تفكيرا وليس فقط في التكنولوجيا العسكرية بل وأيضا في سيناريو إنهاء هذه الحرب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية