تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في الصحف الإسرائيلية ...غزة تغير قواعد اللعبة

ترجمة
الأحد 4/5/2008
استأثرت سلسلة العمليات العسكرية الجريئة التي نفذتها الأجنحة العسكرية الفلسطينية ضد مواقع وقوات جيش الاحتلال على الحدود مع قطاع غزة على مجمل تحليلات الصحف الاسرائيلية في الأيام القليلة الماضية ,

ووصف أحد المحللين العسكريين العملية العسكرية التي أطلقت عليها كتائب عز الدين القسام ( نذير الانفجار ) والتي جرى خلالها تفجير أكثر من سيارة مموهة داخل معبر كرم ابو سالم ,وأسفرت عن مقتل ضابط وجرح ثلاثة عشر جندياً من جنود الاحتلال أنها عملية استراتيجية كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة فيما اعترف احد ضباط الجبهة الجنوبية بإبداع المقاومين وتطور أساليبهم القتالية في وقت لا يزال الجدل الاسرائيلي في ذروته حول فشل عملية (الشتاء الحار) الذي أقدم عليها جيش الاحتلال مؤخراً وحول فشل الحصار الامريكي الاسرائيلي في التأثير على خيار الشعب الفلسطيني في المقاومة وكان اعتراف وزير الحرب باراك : (باستحالة القضاء على حركة حماس ,وإنهاء سيطرتها على القطاع ,مشيرا إلى فشل تجارب سابقة في إحلال قيادات موالية للاحتلال وكذلك قول الجنرال أفرايم هاليفي ,الرئيس السابق لجهاز الموساد ,أنه لا مفر من الحوار مع حركة حماس واعتبارها أمراً واقعاً يجب التعاطي معه ,إذا أرادات اسرائيل تسوية مستقبلية مع عباس وتجنب أي مواجهة عسكرية مع الحركة دليل قاطع على فشل مجمل السياسات العسكرية الإسرائيلية إزاء القطاع .‏

وما لا يقل خطورة عن التحسن العملاني في أداء الأجنحة العسكرية الفلسطينية ,بحسب ضابط كبير آخر في الجبهة الجنوبية لجيش الاحتلال هو (حقيقة أن حماس تنجح في أن تمسك العصا من طرفيها .فإلى جانب النشاط العسكري المتواصل ,المتحرر من كل قيد ,والذي يقوم به الجناح العسكري للحركة ,تنجح حماس في الحفاظ على قدرتها في تعزيز سلطتها ,وكذلك تعزيز صورتها باعتبارها صاحبة البيت الوحيد .حيث إنه حتى في أيام القتال وتواصل قيادة الحركة التصرف بصورة شبه روتينية فيما أشار احد المحللين العسكريين إلى أنه من المهم معرفة أن الأداء العملاني لقوة غفعاتي التي وقعت في الكمين الفلسطيني ,نفذ على خلفية رسالة نقلت إلى القوات الإسرائيلية المرة تلو الأخرى خلال الأسابيع الأخيرة بضرورة السعي إلى الاشتباك بكل فرصة ,وذلك رداً على الأداء الذي ميز الجيش الإسرائيلي وجنوده في حرب لبنان الثانية حيث كان الجيش الإسرائيلي يسعى للامتناع عن القتال وجهاً لوجه مع مقاتلي حزب الله ووضع حماية حياة المقاتلين في رأس سلم الأولويات .‏

فقد اعتبر عامير ربابورت مراسل معاريف العسكري أن نتائج المعركة الأخيرة في غزة تثير كثيراً من الأسئلة الصعبة في الجيش الإسرائيلي ,وأن الخسائر تدل على تحسن كبير في قدرات المقاتلين الفلسطينيين من ناحية ترسانة السلاح ,وكذلك من ناحية التكتيك القتالي .. وأن التحقيقات الأولية التي أجريت في الجيش الإسرائيلي أظهرت نقاط خلل تكتيكية في أداء القوة التي أصيبت مثل المسافة القصيرة جداً بين المقاتل والمقاتل أثناء تحرك القوة استعداداً للهجوم في اختيار مسار الحركة .‏

من جانبه ,قال عاموس هرئيل المراسل العسكري في هآرتس : إنه على الرغم من التصعيد يبدو أن إسرائيل ستبذل جهداً لتجنب تصعيد شامل في الفترة القريبة ,على خلفية فترة الأعياد والاحتفال‏

بالذكرى الستين لإعلان تأسيس إسرائيل, وزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش.وأضاف هرئيل أنه من بين الخلاصات المستقاة من التحقيق تلك المتعلقة بالمستوى المهني لحماس. مشيرا إلى أنه ليس ثمة خلاف على أن الجيش الإسرائيلي أقوى وأكثر تدريباً بما لا يُقارن مع حماس, لكن أن نسبة التآكل بينهما- وخاصة لدى الجيش الاسرائيلي- تتغير بصورة مثيرة للقلق.و رأى بدوره اليكس فيشمان المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت, اليكس فيشمان, أن الجيش الإسرائيلي يكرر في غزة الأخطاء التي ارتكبها في لبنان.‏

وفي السياق نفسه, وصف عاميت كوهين معلّق الشؤون العسكرية في معاريف,المعارك الأخيرة على الحدود مع غزة بأنها حرب الأسيجة, حيث قررت حماس تحويل الحدود إلى منطقة احتكاك, ولهذه الغاية توظف الجهود والمبادرة والإبداع. وللأسف الشديد, تقوم حركة حماس بذلك بطريقة مشابهة لطريقة حزب الله...وان تطور حماس, مقارنة بحزب الله, يتم بوتيرة حثيثة. ومغزى ذلك,في نظره, هو أن حماس لديها القدرة على تعلم أساليب عمل الجيش الإسرائيلي, واستخلاص العبر, والتخطيط والتطور(.وتطرق كوهن إلى ثقافة التضحية الغزاوية التي تختلف عن تلك اللبنانية, على اعتبار أن :الاستعداد لامتصاص عدد كبير من الإصابات, فقط من أجل سفك دم إسرائيلي, هو خاصية تميز غزة.‏

اما رون بن يشاي المحلل العسكري في التلفزيون الاسرائيلي و معلّق الشؤون الأمنية في يديعوت أحرونوت, فانه يقيم العمليات العسكرية الفلسطينية عامة وعملية كرم ابوسالم تحديدا بشكل اكثر شمولا و عمقا فيقول : طرأ في الأيام الأخيرة الماضية تحوّل جوهري على نمط القتال في قطاع غزة. هذا التركيز الآن على عمليات إطلاق النار وتنفيذ العمليات بالقرب من السياج الفاصل مع القطاع.‏

والسبب في ذلك بحسب يشاي, هو محاولة حماس تجنّب الأضرار السياسية والإعلامية التي يسببها إطلاق الصواريخ, والاستفادة من المزايا والإنجازات العسكرية والمعنوية التي يمنحها نمط العمل الجديد.‏

ويؤكد بن يشاي أن كل عملية غوارية هجومية ناجحة, مثل العملية الأخيرة, تمنح حماس تأييداً كبيراً في الشارع الفلسطيني ونقاط قوة كبيرة. بناءً عليه, ترى حماس, أن هذه هي القناة التي يتعيّن توظيف الجهود فيها من أجل التفاوض بشأن التهدئة من موقع القوة ومن أجل زيادة قوتها السياسية وهيبتها.ويخلص بن يشاي للقول : أن العملية الأخيرة لا تدل فقط على أن حماس تغيّر استراتيجيتها, بل تدل أيضاً على أنها مؤهّلة لتنفيذها بهذا المستوى العالي من الدقة في التخطيط, وهذا المستوى من التنفيذ والتنسيق بين قوى مختلفة, وهذا ما لم يكن لديها في الماضي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية