|
قاعدة الحدث فبعملية «جراحية» جغرافية بسيطة، تمَّ اختزال قارة بأكملها هي إفريقيا. القناة أعادت وضع مصر، والمشرق العربي في قلب الدنيا وجعلتها بؤرة الخريطة العالمية. شكل الموقع الجغرافي للقناة البعد الاستراتيجي لمصر في قلب منطقة الشرق الأوسط وجعلها لاعباً جيوستراتيجياً على مستوى المنطقة من البحر الأحمر والجزيرة العربية، حتى مضيق باب المندب والدول المشاطئة. وبما أن مصر قائمة في قلب العالم العربي، وهي نقطة الوسط بين شرقه وغربه وجنوبه، وأكثر دوله سكاناً، وأعرقها تاريخاً وحضارة، بالإضافة إلى أنها نقطة الوصل والفصل بين قارتي آسيا وافريقيا، فقد رفع وجود القناة في أراضيها من أهميتها وجعلها محط أطماع الدول الكبرى، والإمبراطوريات القديمة. هذه الأهمية القديمة لمصر تعاظمت مع وجود القناة وحركة التجارة البحرية والأساطيل الاستعمارية، منذ انشائها). يبلغ طول القناة ملاحياً حوالى 193 كلم وفق خط سير السفن خلالها، وعبر البحيرات التي تعبرها من مدينة السويس جنوباً وحتى بور سعيد في الشمال، وعرضها ما بين 190 و200م، ويجري العمل على توسيعها وصيانتها، أما العمق فحوالي 22 م. وتتولَّى «هيئة قناة السويس» المصرية الإشراف على إدارة هذا المرفق الحيوي والمهم، سواء على الصعيد الاستراتيجي المصري أم على المستوى الجيوستراتيجي العالمي. تعتبر الولايات المتحدة قناة السويس من أهم النقاط الحيوية والمعابر المائية الاستراتيجية في أمنها القومي، لذلك فهي تحتفظ بقواعد لها في بعض البحيرات التي تمر القناة فيها (التمساح، والمرّة) ما يتيح لها التدخل السريع في حال تعرُّض القناة لأي خطر على أمنها أو غرق إحدى السفن، أو إقفالها، أو غير ذلك من المخاطر الداخلية أو الخارجية، وقد أقامت مصر جسراً عالياً فوق القناة (كوبري السلام) يربط ما بين ضفتيها.. وبذلك تتشكَّل أهمية قناة السويس الجيوستراتيجية كمعبر أقصر، وأسرع، وأقل كلفة، ما بين شرق الكرة الأرضية، وغربها، ما بين مصادر الطاقة الضرورية للغرب، ونقلها الآمن، وما بين أسواق الاستهلاك الضرورية لتصدير الصناعات الغربية إلى الشرق. ومع هذه الأهمية الاقتصادية الاستراتيجية للقناة، تتكثَّف هموم أمنها سواء بالنسبة إلى مصر أم لبقية دول العالم وخاصة بعد المتغيِّرات الأخيرة التي حدثت في مصر وتداعياتها الإقليمية. يشغل مثلث جزيرة سيناء حيزاً إستراتيجياً في خريطة التوازنات الدولية والإقليمية منذ فجر التاريخ نظراً لموقعه الحاكم في خريطة الشرق الأوسط، حيث إنه رقعة اليابسة الوحيدة التي تقسم المنطقة العربية إلى شرق وغرب، وترتيباً على ذلك فهو بمثابة حلقة الاتصال بين الشطرين في ظل الظروف الإقليمية المستقرة، وسد فاصل بينهما تحت ضغط هذه الظروف السياسية والعسكرية. لقد اتضحت الأهمية الاقتصادية لقناة السويس خلال فترة إغلاقها في أعقاب عدوان حزيران 1967م ما أدى إلى مضاعفات اقتصادية دولية في استخدام الدول لطريق رأس الرجاء الصالح كبديل أطول وأكثر تكلفة، كما أدى إغلاق قناة السويس إلى الإضرار باقتصاد مصر نتيجة لفقدها عائدات المرور في قناة السويس، وامتد الضرر ليشمل المواني التي تعتمد إلى حد كبير على مرور السفن التي ترسو بها للتمويل مثل: عدن، جيبوتي وجبل طارق حيث أصابها إغلاق القناة بالكساد. |
|