|
ثقافـــــــة
حيث ضم المعرض خلاصة خبرات وجهد وعلم على مدى أربع سنوات، لمجموعة من طلبة كلية الفنون الجميلة منطلقين منها إلى عالم فني واحترافي، يثبت جدارته في كل خطوة مستقبلية ناجحة، لاستحواذه على المقومات المطلوبة، التي يحتاجها الفن الحقيقي. حول المعرض والطلاب ومشاريع التخرج وأساليبهم الأهم، ثم مشهد انعكاس الأزمة السورية في أعمالهم كانت اللقاءات التالية:
حملت اللوحات التميز في أكثر من اتجاه، ولاسيما أنها حصيلة معرفة وعلم في مجال، يستلزم الموهبة في الدرجة الأولى، ومشاريع التخرج تلك تطلعنا على إنتاجنا كمدرسين وطلاب، إذ تطلعنا على مهاراتهم وآليات ترجمتهم لخبراتهم الأكاديمية، وإن تفاوت مستوى الطلاب الفنانين، ولا بد من القول إن مشاريع التخرج لهذه الدورة رغم الظروف فاجأت الجميع، وكانت غالبية أعمالهم تتجه نحوالإنسانية الراقية، وقد لمسنا أحاسيس شفافة، سكنت تلك اللوحات، و ارتبطت غالبية أعمالهم بالقيم الأخلاقية، وكانت أعمال جميلة بحق، حيث تمكنت من خلال ردود فعل داخلية على آلام ظروفنا، أن تظهر الكثير من الالتصاق بالواقع، بشكل يحمل جماليات راقية، ولمسات خاصة بلورت جميعها الجانب الإنساني، كوجه آخر يقابل البشاعة، لذلك ابتعدت عن الجانب التجريدي، وحملت مضامين حول السلام والجمال والحب وهكذا...
وقد كنا نتوقع أن تصور لوحاتهم القبح أوالحرب أوالخراب، إلا أنها حفلت بالجماليات، واكتنزت بالقيم الراقية، ودون أي توجيه، فأتت عفوية، وكان هناك أعمال واقعية وتعبيرية، منها حول الموسيقا والإنسان، والعلاقات الإنسانية، علاقة الرجل والمرأة، ثم وجوه بورترية بتعبيرات مختلفة، تم العمل عليها بطريقة مبدعة، من هنا أتمنى كرئيس قسم أن يوجه الاهتمام الأكبر لهؤلاء الفنانين، حيث يمكننا تحقيق معادلة حضارية مهمة، عن طريق الدعم المعنوي والمادي، فتتم الاستفادة بشكل كبير من الإنتاج الفني، الذي تقدمه كلية الفنون الجميلة، إذ يمكن استثمار هذه الإمكانات الفنية بشكل جيد، وتوزيع أعمالهم وعلى تنوعها على كل الأماكن العامة، دون أن ننسى أهمية الترويج الإعلامي، وتسليط الضوء على أعمالهم لخدمة هذه الفكرة، لأنه لا بد من الاعتراف بان الفن لغة بصرية عالمية بحق، ويمكنها أن تفعل الكثير، إذ تعبر عن ثقافتنا وحضارتنا، وعلينا أن نؤمن ونعمل كي نرسخ فكرة، أن الثقافة حاجة ضرورية للمجتمع، كما علينا أن نؤمن بان الجمال ومفاهيمه، يساهم في تربية الإنسان وتهذيبه، وبالتالي يمكننا أن نحصن المجتمع من أي ثقافة معادية، ومن وجهة نظري لورسخنا التربية الفنية، واهتممنا بها منذ الطفولة بالشكل الصحيح، لبنينا إنسان حقيقي يهاب ويخشى من تخريب أي جمال، وباعتقادي أن مانراه من أزمة هي نتيجة مباشرة لغياب الثقافة والوعي، من جهة ثانية هناك فكرة مهمة نعمل عليها، بخصوص مشاريع الطلبة الفنانين، من أجل تبنيها من قبل الكلية، ورغم الموافقة على هذه الفكرة، تأخر تأمين المواد نتيجة الروتين، ولم يستفد منها الطلبة في الوقت المناسب، وقد تخلف أكثر من سبعة طلاب عن التخرج بسبب مادي، لذلك نتمنى ان تتحقق تلك الفكرة، عندها ستتم ترجمة الطموحات الفنية، والانتقال إلى خطط ومشاريع، من شأنها أن تفعل المواهب الحقيقية وخبراتها، فـتساعد هؤلاء الفنانين عبر أكثر من طريقة، ويمكننا أن نعرض أعمالهم، في أماكن عامة وشوارع، نزين بها مدننا، وقد وجدنا نفس التجربة ترجمت فعليا في بلدان كثيرة ونجحت، وهي مضمونة النتائج، وسهلة الترجمة إلى واقع حقيقي، من شأنه أن يربط المجتمع بالجامعة، فمن الضروري بمكان حضور تواصل دائم بين الكلية وجميع الجهات المعنية والمؤسسات من أجل ذلك، وهذه العملية ليست مكلفة أبدا، إنما تأتي في إطار التبني لهّذه المواهب وتطويرها واستثمارها بالشكل الأمثل. رسمت شخصيات بطريقة تعبيرية خاصة، تربط الشخصية مع الفراغ، ولم أتقيد بالألوان الطبيعية المألوفة إن صح القول، مثلا لم أتقيد بالون الأبيض للبشرة، ومن الممكن أن يحضر في أعمالي إنسان لون بشرته زرقاء، وأردت من ذالك فتح المجال لخيال المتلقي، وأن تكون له حريته في الرؤية التي يستشفها، ولا بد من القول هنا ورغم وجود مشروعي الخاص الذي اعمل عليه، إلا أنني استفيد من رؤية الآخرين وآلية تلقيهم لأعمالي، فيمكنني بذلك إيصال رسالة أخرى، وطموحي دوما في المجال الذي أحبه ان تلقى أعمالي الصدى الإنساني المطلوب، عند المتلقي الذي يلهمني رأيه بشكل كبير، إذ شاركت بعديد من المعارض وورشات العمل الفنية، ودوما استفيد من وجهات النظر المختلفة، فأستعير وأضفي منها على الفكرة الأساسية بلمسات من التنوع والإبداع المتجدد. رسمت لوحات كثيرة جميعها أمام المرآة، كونها تعني دلالات نفسية وداخلية واسعة، فعبرت عن طريقها عن المزاج وتقلباته وتقلبات الشخصية، فكان مضمون كل لوحة يختلف عن الأخر، إن كان في المشاعر أوالأحاسيس أورؤية الذات وغيرها، لكنني ربطت بينها جميعها، وأسلوبي يميل إلى التعبيرية الوحشية، وما قصدته من تلك اللوحات وذاك الأسلوب، ضرورة أن يكون الإنسان صادقا مع نفسه، وعليه أن يرى الانعكاس الحقيقي للداخل، لأنه يختلف عن الشكل الخارجي، عليه أن يعرف نفسه، وعليه أن يحب ذاته، حتى يتمكن من محبة الآخر، وعن قصد أظهرت جانب البشاعة، والبشاعة يمكنها أن تعلم الإنسان الكثير، لذالك وجدت أن تلك المرآة وسيلة للتواصل مع المشاعر الحقيقية، وبالنسبة لمشروع التخرج، فقد دمجت بين الموهبة والخبرة والدراسة، أما الموهبة بنظري فهي شيء أساسي، وإن حضر التوازن بين الموهبة والعقل والدراسة، فهناك حالة متميزة بالتأكيد، وقلت ذلك حتى لاتتقيد العفوية والتلقائية، دون نكران أهمية المعرفة والتفاصيل الأكاديمية الأخرى، فالتلقائية شيء مهم جدا في عالم الفن. |
|