تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكفيف.... أثبت جدارته بالبصيرة والإرادة.. فهل نزيد الرعاية لتحفيزه؟

مجتمــــع
الخميس 16-8-2012
نيفين عيسى

لأن الإعاقة ليست بفقدان الكلام و الحركة أو البصرو الإعاقة الحقيقية تكمن بافتقاد الأمل والهدف، ولاسيما أن هناك مبدعين من ذوى الاحتياجات الخاصة استطاعوا أن يتغلّبوا على إعاقتهم،

وخرجوا من انعزالهم فهم إحدى شرائح الاحتياجات الخاصة التي فقدت نعمة البصر، لكنها استطاعت بفضل الصبر والإرادة التي تمتلكها أن تعوّض هذا الحرمان بالبصيرة، في وقتٍ كان فيه للجمعيات المتخصصة بهذا المجال دورٌ كبيرٌ بمساعدة المكفوف من أجل الحصول على حقوقه ورعايته كي يكون قادراً على العطاء والبناء والإبداع ومن ثم يحيا حياة تليق بإنسانيته وكرامته.‏

خدمـات مجـانية‏

ومن أجل تسليط الضوء على الخدمات التي تقدّمها الجمعيات والاتحادات الخاصة برعاية المكفوفين التقت «الثورة» السيد نشأت أيوب علي رئيس اتحاد المكفوفين وجمعية الضياء الخيرية«بحرستا» بريف دمشق وجمعية رعاية المكفوفين بدمشق الذي أشاد بدور الجمهورية العربية السورية باعتبارها البلد الوحيد الذي يقدّم الخدمات التعليمية للمكفوفين مجاناً قائلا: يعتبر اتحاد المكفوفين مسؤولاً عن جميع الجمعيات الخاصة بالمكفوفين فعددها حوالي العشرين ، مسؤولٌ عنهم الاتحاد من الناحية الإدارية وأولى هذه الجمعيات جمعية رعاية المكفوفين التي تأسست١٩٧٣عام برقم ٩٦٨ بجهود الجهات الحكومية المعنية ومجموعة من المكفوفين والمبصرين لرعاية المكفوفين ثقافياً واجتماعياً وصحياً باعتبارهم عنصراً هاماً وفاعلاً في المجتمع وليسواعالة على أحد معتمدين على أنفسهم في مسيره حياتهم، ولتحقيق هذه الأهداف توجد مجموعة من اللجان الداعمة للمكفوفين، موضحاً أن اللجنة الاجتماعية منوط بها دراسة أوضاع المكفوفين اجتماعياً واقتصادياً وذلك أثناء زيارة المتطوعين من المبصرين للتواصل معهم ومعرفة احتياجاتهم وتقديم المساعدات والمعونات الشهرية وتأمين الحاجات الأساسية لهم من سلع ومواد غذائية وخدمية(كالغاز مثلاً)، وإقامة الحفلات والرحلات لتعزيز الروابط بين المكفوفين ومحيطهم الاجتماعي، وتوجد أيضاً لجنة العلاقات العامة الـرّامية إلى توطيد العلاقات الاجتماعية من خلال التواصل مع المسؤولين لحل أهم القضايا المتعلقة بهم في التوظيف وكذلك التواصل مع أطباء لتأمين الرعاية الصحية التامة لهم بالإضافة إلى تأمين مستلزمات المكفوفين وكل ما يحتاجونه كالعصا البيضاء .‏

رفع المستوى الثقافي‏

كما تحدث رئيس الاتحاد عن اللجنة الثقافية التي تضطلع بدور كبير في رفع المستوى الثقافي لهم من خلال إقامة محاضرات وندوات وأمسيات أدبية ومهمّتها تسجيل الأشرطة الخاصة بالمناهج التعليمية من مرحلة التعليم الأساسي إلى المرحلة الجامعية وعلى أجهزة mp4) )والأقراص المدمجة (CD) ، وكذلك اللجنة الفنية المختصة بإقامة المعارض الخاصة بالمكفوفين والمبصرين بالإضافة إلى اللجنة الرياضية التي تهتم بكرة القدم والسباحة والرياضة الذهنية، فكلّما زادت الخبرات والمعارف التي يتلقاها الكفيف ازدادت ثقته بنفسه و قدرته على التكيف مع محيطه بشكل إيجابي وأشار السيد علي إلى أهمية استخدام التكنولوجية في الجمعية باعتبارها لغة العصر، مُبيناً بوجود سبعة حواسب مزوّدة ببرامج ناطقة بصوت واضح حيث يستطيع الكفيف استخدام الحاسب كالمبصر تماماً بالاعتماد على  برامج ناطقة باللغتين العربية و الانكليزية  «الإبصار_ هال_ صخر jaws_ nvda_   « باللغتين العربية والانكليزية وعن طريق هذه البرامج يتمكّن الكفيف من التنقل بين المواقع الالكترونية والبريد الالكتروني والمستندات صوتيّاً،وحول الكادر البشري المتطوع للجمعية بيّن السيد نشأت بأن الجمعية مزوّدة بعدد من المتطوعين المتّسمين بالوعي ومن ضمن هذا الكادر أستاذ حاسوب كفيف لتعليم المكفوفين على استخدام التقنيات الحديثة حيث يُقام كل ثلاثة أشهر على مدار العام دورات تعليمية ليستطيعوا استخدام الحاسب بطريقة تعود عليهم بالمنفعة والفائدة.  ‏

 وتتبع للجمعية روضة خاصة بالأطفال المكفوفين فحدثتنا الآنسة بشرى البكّار مديرة روضة النور النموذجية لتأهيل ورعاية المكفوفين عن أهم نشاطات الروضة بقولها:  تأسست الروضة عام ٢٠٠٣‏

لخدمة  وتعليم الأطفال المكفوفين بدمشق وريفها من سن ٤-٦ سنوات فالطفل قبل مجيئه إلى الروضة يعاني من الدلال المفرط والزائد أو الإهمال الكبير حيث للأطفال حركات لا إرادية ولا شعورية مما يستدعي إعادة تأهيله نفسياً واجتماعياً وسلوكياً ليتمكن من استخدام ذكائه ليكون منسجماً مع إعاقته وتدريبه على السير والحركة وتمرينه عاستخدام حاسة اللمس بشكل جيّد،وأضافت في الروضة  سبع مدرّسات مدرّبات على كيفية التعامل مع الطفل الكفيف وتشمل مناهج الروضة دروس لتعليم «طريقة برايل»(الأحرف النافرة ) المساعدة على القراءة باستخدام أصابعه ، وبعد هذه المرحلة يوضع الطفل في معهد التربية الخاصة للمكفوفين من سن السبع سنوات إلى الثمانية عشر عاماً.‏

وتتبع لجمعية رعاية المكفوفين أيضا ّجمعية خاصة بالأطفال فأفادنا برأيه الأستاذ مروان العريفي المدرس في معهد التربية الخاصة بالمكفوفين وعضو جمعية براعم فلسطين بأن هناك جهوداً كبيرة بُذلت لإنشاء هذه الجمعية الجديدة التي تم إشهارها منذ حوالي ثلاثة شهور المهتمّة بمواهب الأطفال المكفوفين وتشجعيهم ولها الدور الكبير في نشر الوعي بين أسرهم ليساهموا في بناء شخصية الطفل الكفيف وتقديم برامج تربوية خاصة لاكسابهم مفاهيم سوية نحو الطفل الكفيف وتعزيز شعورهم بالرضى بواقعهم الاجتماعي.‏

بعض المشكلات والصعوبات‏

وبموازاة الخدمات التي تقدمها الجمعيات الخاصة برعاية المكفوفين ثمّة معاناة ومشكلات يعانون منها وفي هذا السياق عبّر الدكتور أحمد حميد أستاذ بقسم التاريخ في جامعة حلب وعضو إداري بالجمعية عن مأساته بأنه حاصل على شهادة دكتوراه من عام 2004ولم يتم تعيينه بجامعة حلب إلا منذ حوالي الثلاثة شهور رغم أن أوراقه نظامية وقانونية مضيفاَ لو أنّه مبصر لم يكن قد تعرّض لهذا الموقف ،وأضاف  من المكفوفين حاصلين على شهادات تعليمية ومهنية عالية لذلك لا بد من إتاحة الفرص لهم لإثبات دورهم في مجتمعهم وعدم النظر إليهم بعين الشفقة والإحسان لأن الكفيف لا يقل شأناً و أهمية عن الإنسان المبصر.‏

كذلك قال محي الدين البدوي المتطوع في الجمعية إنه يرغب بأن تكون للجمعية شهرة بين الناس اكثر وتستقطب متطوعين بالعدد الأكبر لمساعدة المكفوفين بمختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة مقترحاً إنشاء مجلة دورية شهرية تعنى بشؤون المكفوفين بطريقة برايل الخاصة بهم لتسليط الضوء على مواهبهم وإبداعاتهم.‏

  أما عبد الباسط اللافي طالب جامعي تساءل لماذا يسمح للطالب المكفوف بدراسة الحقوق ولا يسمح له بالانتساب لنقابة المحاماة؟!، فهذا من حقه أيضاَ منوّهاً بأن الكفيف يمكن أن يكون قادراً كغيره على الدفاع عن حقوق الآخرين وحل مشكلاتهم وأضاف أن هناك معاناة لدى قسم كبير من المكفوفين الذين لا يجدون عملاً رغم حصولهم على شهادات واختصاصات في مجالات مختلفة رغم التقدّم لمسابقات ببعض الجهات العامة.‏

وتحدث وليد محمد علي متطوّع في جمعية رعاية المكفوفين ومدرس لغة عربية متقاعد أن هناك عدداً من شركات النقل بين المحافظات لا تلتزم بالتعليمات الخاصة بقانون المعوق المتعلقة بالبطاقة الخاصة به و التي تنص على تخفيض التذكرة بنسبة /50/ بالمئة وأوضح أن هنالك عدداً قليلاً من الذين يحصلون على فرص العمل عملاً بالقانون الخاص بتشغيل المعوقين الذي ينص على تشغيلهم بنسب/4 /بالمئة بالقطاعات العامة الضروري تشغيلهم بالنسبة المذكورة وبالتالي حتى لا يبقى أي كفيف أو معوق عاطلاً عن العمل.‏

ومجمل القول من خلال زيارتي للجمعية وجدت مكفوفين ممن تغلبوا على إعاقاتهم، وأصروا على العطاء، ولم تمنعهم إعاقتهم من الإحباط أو الشعور بأن شيئاً ينقصهم فقد أثّروا في عطائهم،فمنهم الشاعر ومنهم كاتب القصة القصيرة ومنهم عازف الموسيقا المتميز لكن «المعوق» مهما كان شكل إعاقته ومهما بلغ عمره، طفلا كان أم شاباً أم كهلاً، يحتاج إلى رعاية خاصة وتشجيع عن طريق توفير أفضل السبل لتحسين معيشته وتحقيق أهدافه والعمل على دمجه باعتبار ذلك حقاً له ، سواء من جانب العائلة أو من قبل المؤسسات التي وضعت لتوفير حق التعليم والرعاية والتدريب والتأهيل لكل معوق، والحرص الأكيد على معاملته معاملة حسنة لا إقصاء فيها ولا تقصير ليكون عضواً فاعلاً ومهماً في المجتمع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية