|
شؤون سياسية إنها الباكستان التي أصبحت وبحسب رأي بعض المحللين رسمياً أكبر وأصعب مهمة إنقاذ بالنسبة لإدارة أوباما، إنه الامتحان الصعب فمنذ أشهر بدأت هذه الإدارة تسير ببطء نحو دعم الحكومة الباكستانية ليس لأسباب إنسانية وإنما لوقف سقوط البلاد بين أيدي «الأصوليين وطالبان» كما زعمت وفي قمة ثلاثية جمعت الرؤساء الأمريكي باراك أوباما والأفغاني حامد كرازي والباكستاني آصف علي زرداري ظهر للعيان المأزق الذي تعيشه الولايات المتحدة. وفي هذا السياق قال المبعوث الأمريكي الخاص «ريتشارد هولبروك» في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: «لن أقول إننا اجتزنا المنعطف ولكنني سأقول إننا بدأنا فصلاً جديدا،ً إن الأمر يتجاوز آمالنا». وقال هولبروك والقائد العسكري الأمريكي في المنطقة الجنرال ديفيد بترايوس إنهما يتوقعان اليوم رؤية تعاون باكستاني أكبر مع الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد «طالبان» في أفغانستان وحملة باكستانية ضد المتمردين الإسلاميين الذين استولوا على وادي سوات وأجزاء أخرى من شمال باكستان وبالمقابل ستزيد الولايات المتحدة بشكل جذري مساعداتها لباكستان عسكرياً ومدنياً ولكن هولبروك الذي يتمتع بخبرة كبيرة في مجال بناء الدول منذ حرب فيتنام كان حذراً فأضاف قائلاً: «والسؤال الحقيقي هو: هل سيعطي ذلك نتائج إيجابية؟». تاريخ طويل يربط بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية باكستان، فإبان الحرب الباردة دعمت الولايات المتحدة الأنظمة العسكرية في إسلام آباد حيث كانت تعتبر دور باكستان أساسياً في احتواء انتشار المد الشيوعي في تلك المنطقة ولكن التحالف سقط في الجمود طوال عقد من الزمن بسبب سعي باكستان وراء امتلاك الأسلحة النووية وبعد هجمات /11/ أيلول 2001 عقد الرئيس بوش تحالف مصلحة مع قائد الجيش الباكستاني في تلك المرحلة برويز مشرف من أجل المساعدة في الحرب ضد «الإرهاب». غير أن الباكستانيين كانوا منزعجين ومستائين لأنهم لم يحصلوا إلا على مساعدات أمريكية قليلة للنهوض بمؤسساتهم واقتصادهم وكانوا يخشون أن تكن الولايات المتحدة حباً أكبر لعدوهم التقليدي «الهند» وبالمقابل لم ير الأمريكيون شواهد عملية وأدلة كثيرة على أن الباكستانيين جادون عملياً في البحث على العدو الرئيسي للأمريكان «أسامة بن لادن» إضافة إلى قطع علاقة الأجهزة الاستخبارية القوية والطويلة مع الأصوليين في أفغانستان. واليوم يقول كلا الطرفين الأمريكي والباكستاني إنهما جادان بشأن نسج علاقة أعمق وأوسع فما الذي تغير؟ إنه الخوف فحتى الشهر الماضي كان العديد من الباكستانيين يصفون المتمردين الإسلاميين في المناطق الغربية بأنهم هامشيون ولكن بعد أن سيطر فصيل على وادي سوات وأخذ يمتد إلى المناطق المجاورة استشعر الطرفان أن مصالحهما في خطر محدق على أن ردة فعل الرئيس أوباما كانت قوية أيضاً حيث اعتبرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن انعدام الاستقرار في منطقة باكستان «تهديد خطير للأمن ولسلامة أمريكا والعالم». وبعد عقد اتفاق في البداية للتهدئة مع المقاتلين قررت القوات المسلحة الباكستانية أنه لا يمكن السماح باستمرار التمرد في وادي سوات والواقع أنه حتى قبل سوات كان الجيش الباكستاني قد بدأ في رصد موارد أكبر لهذه الحرب المدمرة ضد المتمردين في غرب البلاد. أما التغيير الثاني فهو قرار مديري الاستخبارات الباكستانية والأفغانية العمل معاً وبدعم لوجستي أمريكي حتى ولو لم يثق أحدهما في الآخر في تعاون ثلاثي الأطراف يشمل أيضاً «سي آي إيه» ومعلوم أن المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الأمريكيين لطالما كانوا يخشون قيام جهاز الاستخبارات الباكستاني «آي. إس. آي» بتزويد الإرهابيين بمعلومات بشأن عمليات أمريكية مخطط لها مسبقاً. والجدير بالذكر هنا أن الحكومتين كانتا جد منعزلتين إحداهما عن الأخرى إلى درجة القطيعة لدرجة أن وزيري الداخلية في الحكومتين لم يلتقيا من قبل اجتماع واشنطن هذا قبل أسبوع أو أكثر. لقد تمثلت الرسالة الرئيسية التي بعث بها أوباما إلى الباكستانيين الأسبوع الماضي أنه ملتزم «التزاماً دائماً» وأن الأمر لا يتعلق بمجرد اتفاق عسكري قصير آخر حيث قال: «ولهذا طلبت من الكونغرس استمرار التمويل من أجل بناء المدارس والطرق والمستشفيات، أريد من الشعب الباكستاني أن يفهم أن أمريكا ليست ضد الإرهاب فقط وأننا إلى جانب آمالهم وتطلعاتهم أيضاً»، غير أن تلك الرسالة كانت موجهة أيضاً بالطبع إلى المتلقي الآخر الكونغرس ذلك أن الإدارة تقترح /7،5/ مليارات دولار على الأقل من المساعدات العسكرية لباكستان على مدى السنوات الخمس المقبلة ما يمثل زيادة كبيرة ومهمة جداً غير أن للمقترح حظوظاً وافرة للنجاح في البداية على الأقل وذلك على اعتبار أن أحداث العام الماضي خلقت إجماعاً حزبياً يدعم جهوداً مكثفة لإعادة الاستقرار في الباكستان. |
|