|
شؤون سياسية التي تؤكد سلامة النهج ومتانة الحصافة التي تتمتع بها قيادة هذا البلد حتى أصبحت قبلة العرب والأوروبيين، والأميركيين على حد سواء... وفي الوقت الذي تأتي فيه بعض الزيارات تحمل قوة المواجهة الإقليمية الموحدة للجبهة الإقليمية العربية، والإسلامية كزيارة الرئيسين: أحمدي نجاد، وعبد الله غل، فإن سيرورة التحول الدولي الراهن تنبئ عن انتصار مقاومة الشعوب على مستعمريها الأميركيين، والإسرائيليين من أفغانستان حتى العراق وغزة. ومن المؤكد أن سبل هذه المواجهات قد أكسبت الذين لم يتركوا طريق الدفاع عن الوطن بكل أشكال الدفاع والمقاومة تجربة جديدة في هزيمة المحتلين، وقد كان ثمن احتلال أراضي الشعوب غالياً جداً دفعه الاقتصاد الأميركي، والصهيوني دماً ومالاً وإفلاس تجارة وصناعة وبنوك وخسروا معاً قوة مكانتهم في الاقتصاد الدولي وحجم حصتهم منه، باتوا اليوم ينتظرون مساعدة الآخرين على تجسير ما انقطع من جسور في بنية الاقتصاد الليبرالي العولمي برمته. وكما رأينا في زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من حس الوقفة المشتركة لأصحاب القضية الواحدة في التحرر، والسيادة، وضمان الأمن القومي، والاستقرار والازدهار رأيناه كذلك في زيارة الرئيس التركي عبد الله غل قبل يومين إلى سورية، وقوة تصريحاته لوكالة الأنباء العربية السورية قبل وصوله إلى دمشق، وتركيزه على النموذج المهم الذي يجب أن يقتدى في العلاقات الأخوية المتينة مع سورية قيادة حكيمة، وشعباً مقاوما صامداً. وخلال زيارته التاريخية إلى سورية التي مثلت زيارة دولة بامتياز لم يدخر الرئيس التركي الصديق كلمة واحدة في التعبير عن صدق مشاعره نحو بلدنا، وقضاياه العادلة، ونحو تعاون لا حدود له -كما قال- وإرادة سياسية لتطوير هذا التعاون. وأوضح الرئيس غل الروابط التاريخية، التي تربط تركيا بسورية، والحدود الطويلة جداً بينهما، وترابط المواطنين على الحدود بروابط الجوار، والقربى، وأشار الرئيس التركي إلى الأعمال الاقتصادية المشتركة بين البلدين حتى لا تقتصر العلاقات الحية والأخوية بين البلدين على العلاقات السياسية وحسب، وإنما المطلوب أن يرفع الحجم التجاري، والتعاون الصناعي والسياسي والاستثماري، وقد عبر الرئيس غل عن اعتزازه بالنتائج الاقتصادية في التصدير والاستيراد التي أصبحت قائمة بين البلدين. وفي الكلمات التي تم تبادلها بين الرئيسين أكد السيد الرئيس بشار الأسد ضرورة تحويل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين إلى إتفاقيات حتى تعطي اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين نتائجها المرجوة منها. وقد أشار السيد الرئيس بشار الأسد إلى أن حجم التبادل التجاري مع تركيا قد بلغ ملياري دولار، وبعد التذكير بتوسع الاستثمارات التركية في سورية أوضح السيد الرئيس أن سورية وتركيا دولتان مهمتان من الناحية الاستراتيجية ولهما دور سياسي كبير، ويتمتعان بالاستقرار الأمني والاجتماعي. كلاهما ممرٌ مهم بالنسبة لأوروبا وآسيا، ومن الممكن استخدام هذه الأهمية في مجال التكامل حتى يكبر الفضاء الاقتصادي لهما عبر هذا التكامل. كما نوّه الرئيس بشار الأسد إلى التعاون المثمر بين سورية وتركيا، وتركيا والعراق وكذلك بين تركيا وإيران، فهو يريد أن يظهر قوة هذه الجبهة الإقليمية في وجه المستعمرين وأطماعهم وقد أراد الرئيس الأسد أن يربط بين البحر المتوسط وبحر قزوين والبحر الأسود والخليج العربي. وقد أكد السيد الرئيس عملية الربط بين هذه البحار الأربعة، والتكامل حتى يصبح الشرق الأوسط قلب العالم، والعقدة الإجبارية لكل هذا العالم في الاستثمار والنقل وغيرهما. وفي كلامه أمام ملتقى الأعمال التركي والسوري دعا الرئيس الأسد إلى اللقاء والبحث كلٌّ حسب اختصاصه وتقديم المقترحات التي تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين. واختتم السيد الرئيس كلامه أمام ملتقى الأعمال السوري التركي بالقول: «يبقى الشيء الاستراتيجي الوحيد الذي نبحث عنه، وهو اهتمام سوري تركي مشترك هو السلام، لأن السلام يأتي بالازدهار للمنطقة وينعكس بشكل جذري على كل شيء. وكلنا يعرف الدور التركي المهم الذي تم خلال العام الماضي.» وحين تنوه جميع وكالات الأنباء العالمية بقوة وحضور هذه الزيارة للرئيس التركي عبد الله غل، في الظروف الدولية الحاضرة، وخاصة حين أشار الرئيس غل إلى مصداقية سورية الفريدة في التوجه نحو السلام، وأكد على الحقوق العربية المشروعة في تحرير الأرض المحتلة، والحل العادل والشامل وفق مرجعية مدريد، وحل الدولتين فإن النتائج السياسية المتحققة لا بد أن تنعكس على الحراك العربي- الإسلامي في مجمله، وكذلك على التوجهات الأوروبية الجديدة في النظر إلى الحقوق العربية المشروعة. ووجوب أن تحترم دولة الكيان الصهيوني إرادة المجتمع الدولي ولا سيما بعد مجازرها التي هي ضد الإنسانية في غزة في العدوان الأخير. ومن المعروف أن السيد الرئيس غل- وهو ما زال في سورية- كان قد وصل إلى واشنطن رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاملاً صلفه وغطرسته برفض المبادرة العربية للسلام، وحل الدولتين، ومدعياً بأن السلام الاقتصادي هو الحل الأكثر ملاءمة للصراع العربي- الصهيوني. وبخصوص زيارة نتنياهو كتبت الغارديان تقول: «إن الزمن الذي كانت تتلقى خلاله «إسرائيل» شيكاً أبيض من قبل الولايات المتحدة رحل وآن أوان طيه... والمكانة التي تتمتع بها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلاقتها الانعكاسية على منطقة الخليج العربي، وصورتها في العالم الإسلامي، وعلاقتها مع إيران فضلاً عن أوروبا أصبحت مرتبطة بالطريقة التي تتعامل بها واشنطن مع «إسرائيل»... ومطلوب من أوباما أن يلغي أمام نتنياهو نص الرسالة التي وافق فيها بوش الابن لشارون عام 2004 ببناء المستوطنات في الضفة الغربية، ويستبدلها برسالة أخرى تنص على أن أميركا تعتبر كل مستوطنة شيدت بعد عام 1967 غير شرعية..». نعم لكي يقنع أوباما المنطقة العربية، والإسلامية وبقية أمم الأرض يجب أن ينتهي زمن تغطية عنصرية «إسرائيل». وإجبارها على القبول بما نصت عليه مضامين القرارات الدولية ذات الصلة، وتتخلّص المنطقة من شفير الهاوية الذي بات يهدد الأمن، والاستقرار الدوليين، ولم يعد العالم المتموج جراء أزمة الاقتصاد الدولي قادراً على الجري وراء مشاريع النازية الصهيونية، وتحدياتها للتوافق على نظام دولي جديد يضع حداً لحالة تدهور الملايين إلى تحت خط الفقر، ومن هنا تصبح سورية البلد الأكثر أهمية في المنطقة وبيديها مفاتيح الحل والزيارات إليها ضرورية. |
|