تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أهمية التحليل والصحافة المالية في عقلنة وتنشيط الاستثمار في سوق دمشق للأوراق المالية

بورصات
الخميس 21-5-2009م
د. محمد أيمن عزت الميداني

من العوامل الهامة لنشوء سوق مالية نشيطة وكفوءة وجود صناعة تحليل مالي متقدمة وصحافة مالية متطورة تنشر التحليلات المالية وتتابع أخبار ونشاطات الشركات المساهمة بشكل يومي ليطلع المستثمرون على أوضاع الشركات وأدائها المتوقع،

والقيمة الحقيقية لأوراقها المالية المتداولة في البورصة. إن الصحافة المالية (أو ما يدعى عندنا في سورية الاقتصادية) من جرائد و مجلات على ازدياد، ومتطلباتها للمواد التحليلية الموضوعية المهنية الرصينة للنشر في نمو مستمر.‏

فالشركات المساهمة والبنوك خاصة تنشر تقاريرها المالية في الصحف اليومية مرتين في السنة (تقارير سنوية وتقارير نصف سنوية)، لكن ليس كل مستثمر قادر على قراءة وفهم وتحليل هذه التقارير المالية، والتوصل إلى نتائج منطقية (موضوعية) حول تأثير أداء الشركة الحالي والمتوقع على أسعار أوراقها المالية.فهناك حاجة ماسة لمحللين ماليين مؤهلين وموثوقين يقومون بهذه المهمة، يتطلع جمهور المستثمرين إليهم وينتظر سماع نتائج أبحاثهم وتوصياتهم.‏

إن هذا العمل يعتبر من صلب مهام شركات الوساطة المالية، حيث توجد فيها عادة دوائر أبحاث تقوم بدراسات واستقصاءات وتحليلات ومقابلات مع مديري الشركات المساهمة لتفحص أوضاعها. نتائج هذه الأبحاث والدراسات يستفيد منها عملاء شركات الوساطة، وإذا ما نشرت في الإعلام يستفيد منها المستثمرون عامة وتستفيد منها وسائل الإعلام، التي يزداد توزيعها ويتوسع انتشارها.وينتج عن هذه الدراسات عادة توصيات للمستثمرين ببيع أو شراء أو الاحتفاظ بأوراق مالية.‏

كذلك من المفروض أن يكون هناك محللون ماليون مستقلون يقومون بهذا النشاط كجزء من عملهم البحثي كأساتذة جامعات متخصصين أو كاستشاريين ماليين مجربين أو كمستثمرين متمرسين في التوظيف وإدارة حقائب الاستثمار في أوراق مالية أو كمسؤولي استثمار في دوائر الخزينة في المصارف ........... الخ. مثل هؤلاء المحللين الماليين يجمعون عادة ما بين المؤهلات العلمية والخبرات العملية والاستقلالية والموضوعية ما يعطي نتائج بحوثهم وتوصياتهم عادة الكثير من المصداقية. هذه المصداقية لا يثبتها في النهاية إلا المهنية الرفيعة في تقييم نتائج أعمال الشركات، والدقة في تقدير النتائج المستقبلية المتوقعة وتأثير كل ذلك على أسعار الأسهم. والمبدأ هنا هو أن أسعار الأسهم الحالية في السوق تعكس عادة أداء الشركات الحالي والمتوقع في المستقبل المنظور .‏

كذلك بدأ التداول في سوق دمشق للأوراق المالية منذ 10 آذار 2009 ولكن ضمن قيود سعرية مشددة (+ - 2 % تغير في سعر السهم في يوم التداول الواحد تلي يوماً واحداً فقط من التداول الحر من تاريخ الإدراج في السوق)، ما ينبئ بأن الأسعار قد تأخذ وقتا طويلا لتتعدل Price Adjustment حتى تصل إلى مستواها الحقيقي في السوق. ويعلق بعض وسطاء السوق بأنه يوجد طلب أكثر من عرض في السوق، ما قد يعني أن أسعار الأسهم لم ترتفع كفاية لتحفيز حملة الأسهم في البنوك والشركات على الإقدام على بيعها للاستفادة وجني الأرباح التي يتوقعون الحصول عليها. بينما يقول وسطاء آخرون بأن هناك أسهماً مقيمة بأكثر مما يجب.هذا يعني أن هناك حاجة فعلية ماسة لمحللي أوراق مالية يرشدون وينصحون المستثمرين في قراراتهم الاستثمارية.‏

لذلك فإنه من الضروري في هذه المرحلة الباكرة من بدء التداول في سوق دمشق للأوراق المالية عمل كل ما يلزم لتشجيع التحليل المالي من خلال شركات الوساطة ومن خارجها. وهنا يطرح سؤالان هامان في هذا الصدد.‏

السؤال الأول : هل يسمح لأي كان بالقيام بالتحليل المالي ، أم أنه يجب السماح فقط لمحللين مؤهلين تعتمدهم الهيئة الرقابية المشرفة على الأوراق والأسواق المالية، أسوة بلوائح مفتشي (مدققي) الحسابات المعتمدة من قبل وزارة المالية وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الملزمة للشركات المساهمة بالاختيار منها! ومن الجهة الصالحة لتصنيف واعتماد محللين ماليين؟‏

السؤال الثاني: ما الحافز الذي يدفع المحللين الماليين الخارجيين (المستقلين) للقيام بهذه المهام الهامة لنجاح سوق الأوراق المالية ومن يعوضهم عن خبرتهم وعملهم وأتعابهم؟ هل يتم التعويض من قبل وسائل الإعلام، أو شركات الوساطة المالية، أو هيئة الأوراق المالية، أو سوق دمشق للأوراق المالية، أو الشركات نفسها (تقوم الشركة التي يجرى عليها تحليل مالي بدفع تعويض مادي مناسب للمحلل – مع احتمال حدوث تضارب مصالح Conflict of Interest)، أو هيئات المستثمرين في البورصة (إن وجدت تنظيمات من هذا النوع)!؟‏

أطرح هذين السؤالين للنقاش العام على أمل التوصل إلى إجابات (حلول) إجماعية في الآراءConsensus Opinion. فإذا تم ذلك بسرعة، أمكن وضع الإجراءات التطبيقية، على أن يبدأ تنفيذ دراسات التحليل المالي للشركات والبنوك فورا. إذ إن هناك كماً هائلاً متراكماً من التقارير المالية لعام 2008 للبنوك وشركات التأمين والبنوك الإسلامية والشركات المساهمة الأخرى في كافة فروع الصناعة تنتظر التحليل المالي وبيان تقييم الأداء وتأثيره المحتمل على أسعار الأسهم في السوق.وهذا الكم على ازدياد إذا أمكن التوجه بالبحث والتمحيص إلى نتائج أعمال الشركات للربع الأول من عام 2009 المنتهي في 31 / 3 / 2009 والتي أصبحت جاهزة ولكن غير منشورة، وقرب صدور ونشر التقارير المالية النصفية للشركات في 30 / 6 / 2009 الذي أصبح قريبا جدا.‏

استشاري تمويل واستثمار وأسواق مالية ومصارف‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية