|
خاص - الثورة هي طحالب «داعش» طغت على سطح مستنقع المنطقة المعقدة سياسياً لتخبو بعدها نار ما سميَّ زوراً وبهتاناً «ربيعاً» ولتُحوَل أموال نفط الخليج المشؤوم لدعم الإرهابيين وتسلم مفاتيح التلاعب السياسي بأسعار النفط للأيادي الأميريكية التي لا تفوّت الفرصة باستنزاف عروش ملوك الرمال. تصريحات أوباما لم تفاجأ إلا شركاءه الذين وصفوه إما مخادعاً. أو غير قارئ لتقارير استخباراته فالحبل السري لم يعد سرياً مهما عُفّر ومُوّه بأتربة «المعتدلة» والأيادي الغربية متعددة فرنسياً وبريطانياً وقديمة من زمن لورانس العرب إلى تنظيم الإخوان الإرهابي المضاد للاشتراكية العربية وليس ختاماً بالسماح لظهور حماس الإخوانية. هذا كلام أحد الكتاب الأمريكيين وهو ديمتري مينين في مجلة استراتيجيك كالتشر فاونديشين في إحدى مقالاته والتي ختمها بقول للسيد الرئيس بشار الأسد واصفاً كلام سيادته بالمحق. مينين رأى في مقاله أن الدولة الإسلامية سيف أميركي ذو حدين مشيراً إلى أنَّ قلة من الخبراء الجديين يشككون بحقيقة أنَّ الولايات المتحدة هي التي أنتجت «داعش» ولافتاً إلى أنَّ الوضع المعقد إلى حد هائل في الشرق الأوسط تغيّر بشكل سحري مع ظهور الدولة الإسلامية، حيث نسي الجميع بسرعة أنَّ مشروع «الربيع العربي» الأمريكي قد فشل بشكل مثير، وبدؤوا يتطلعون الآن للوقاية من «التهديد الجهادي»، والمثال الأكثر وضوحاً وتعبيراً عن هذه الحالة هي انصياع دول الخليج الغنية لتخفيض أسعار النفط المضر والمؤذي لها، وما يثير الدهشة أنَّ ذلك التخفيض أتى بعد تقارير عن تحقيق الدولة الإسلامية نجاحات عسكرية. واعتبر الكاتب أنّ الحرب التي تشنها القوات الجوية الأمريكية الآن ضد الدولة الإسلامية مجرد استعراض، حيث إنه في الوقت نفسه لم يتم القيام بأي فعل لكبح نقل النفط غير الشرعي الذي يستولي عليه مسلحو «داعش»، ويصل ثمن هذه الشحنات إلى 800 مليون دولار، ما يسمح باللعب بلعبة تخفيض الأسعار. ولفت الكاتب إلى أنه عندما أعلن أوباما «أنَّ قوة داعش فاجأت الاستخبارات الأمريكية»، قال أحد كبار مسؤولي البنتاغون الذين باغتهم كلام أوباما: إما أن الرئيس لا يقرأ المعلومات الاستخباراتية وإما أنه مخادع، مشيراً إلى أنَّ تورط أمريكا لم يقتصر في خلق داعش على الإمدادات العسكرية، حيث ذكرت صحيفة نوفل أوبزرفاتور الفرنسية أنَّ معظم الأمراء الشيشان الأكثر شهرة في الدولة الإسلامية أتوا أساساً من منطقة باكسيني جورج في جورجيا، بما فيهم عمر الشيشاني الذي قُتل مؤخراً، والذين خضعوا لتدريبات في الجيش الجورجي تحت إشراف خبراء أمريكيين متمرسين، وهناك دليل يثبت أنّ ديفيد دراجيون الضابط في الجهاز السري الفرنسي - الذي حوّل ولاءه إلى الدولة الإسلامية والذي اعتبر أنه خبير بالإرهاب العربي - قد تعاون مع الـ CIA. مينين قال: إنّ التكتيك الأنغلو - ساكسوني باستخدام الجهاديين لخدمة مصالح سياسات بريطانيا يعود إلى زمن لورانس العرب، وحتى إلى فترة حروب القوقاز في القرن التاسع عشر عندما بدأت بريطانيا «اللعبة الكبرى» مع الإمبراطورية الروسية حين أذكت «نار الجهاد المقدس» بين ساكني الجبال القوقاز وشعوب آسيا الوسطى. وبعد الحرب العالمية الثانية، بذلت لندن جهوداً كبيرة لخلق حركة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط كتوازن مضاد للاشتراكية العربية التي كسبت زخماً في تلك الحقبة. وقد استخدمت إسرائيل هذه التجربة ـ كما يعترف جاكوب كيدمي رئيس وكالة الاستخبارات السرية الإسرائيلية ـ حين ساعدت، أو لم تمنع تأسيس حماس كمنافسة لحركة فتح التي كانت الأكثر نفوذاً في ذلك الوقت. إنَّ الدولة الإسلامية قد تصبح سلاحاً خطيراً على نحو متزايد يمكن أن يجرح صانعه. واختتم الكاتب بالقول: في 20 تشرين الثاني، قال الرئيس الأسد في أحد لقاءاته: «إنَّ المجموعات الإرهابية لم تأت من المجهول، لكنها ثمرة أخطاء وسياسات عدوانية لأولئك الذين شنوا الحرب على سورية»، وهو محق. |
|