تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحقيقة التائهة في حكاية ناريمان

حوادث
الثلاثاء 24/1/2006م
نديم الجابي

قضية مهمة شغلت أذهان الكثيرين من المراقبين والمتتبعين لحيثياتها بطلتها شابة في عمر الورود قذفتها الأقدار إلى المجهول

فأصبحت بين ليلة وضحاها ضحية عصابة احترفت مهنة المتاجرة بالشرف.‏

الموضوع في ملفنا هذا ليس جديدا, اختلفت فيه المسميات (تجار البغاء.. شبكات الدعارة.. صيادو الغريزة..) ولكن المضمون بلاشك واحد, والاتجاهات الكثيرة التي يتشعب إليها تقودنا إلى أسئلة عديدة: هل ما ترويه (ناريمان) صحيح? وهل أصبح نفوذ (شبكات الدعارة) ومروجيها كبيرا إلى الحد الذي أصبح فيه بعيدا عن يد العدالة.‏

من الجاني ومن المجني عليه? الإجابات ولاشك تحتاج إلى الكثير من التدقيق والتمحيص وإلى جهود مخلصة من الغيورين على مصلحة الوطن.. إلى التفاصيل:‏

براءة الأطفال‏

عندما سمعنا بقضية (ناريمان) ظننا للوهلة الأولى أن الأمر لا يتعدى كونه قصة عادية كمثيلاتها من التي تمر يوميا على أقواس المحاكم هنا وهناك ولكن الضجة الكبيرة التي رافقتها في أروقة القصر العدلي بدمشق وخارجه حركت فضولنا الصحفي للبحث عن (السر) في هذه القضية, ولأننا نلتزم جانب الحياد, ونبحث عن الحقيقة لا عن الإثارة فقد آثرنا أن ننقل للقارئ الكريم التفاصيل التي حصلنا عليها بكل أمانة وبعيدا عن أي تحيز لطرف دون آخر لنترك الحكم له وليس لنا.‏

ناريمان تروي قصتها‏

بداية التقينا الضحية (إن صح التعبير) وهي فتاة في بداية العشرينيات من عمرها تدعى (ناريمان ) جسدها نحيل ووجهها ملفوف بحزن عميق وعندما تتحدث إليك تشعر ببساطتها وعفويتها.‏

تبدأ ناريمان بسرد قصتها الحزينة قائلة: حياتي عادية لاتختلف كثيرا عن حياة الفتيات في مثل سني, تعرفت على شاب وسيم وعشنا قصة حب جميلة, وتقدم لخطبتي ولكن السعادة وقفت عند حد معين وأفسحت المجال للخلافات للدخول بيننا.. وأصبح الكرسي الذي كان يجمعنا في حديقة تشرين الملاذ الوحيد لي للبحث عن الذكريات الجميلة معه وللتفكير بشكل عقلاني بما يحدث معي, وكانت مشاكلي تزداد يوما بعد آخر بسبب ضيق ذات اليد فقررت أن أعمل ولكني لم أعرف من أين أبدأ, حتى جاء يوم 12/9/2004 المشؤوم ففيه التقيت بفتاة لم أكن أعرفها من قبل رأتني أجلس حزينة على ذات الكرسي فجلست بجانبي وبدأت تجاذبني أطراف الحديث ,ورغم نفوري من فضولها فقد كانت لدي رغبة في محاورتها وأخذنا الحديث جيدا حيث وجدت نفسي أفضي لها بكل ما يواجهني من صعوبات وأخبرتها برغبتي بالعمل مهما كان نوعه طالما أنه (شريف) وفاجأتني تلك الفتاة بأنها تعرف مكتبا للتشغيل يمكن أن يوفر لي فرصة عمل جيدة وبالفعل اصطحبتني الفتاة إلى هناك حيث استقبلني المدير بالترحاب وعرض علي العمل في معمل خاص وأوهمني أن في المعمل الكثير من الشبان والشابات في مثل سني وأبديت موافقتي المبدئية على العمل.‏

بداية الضياع‏

بعد ساعة وجدت نفسي في (قبو) حيث قالوا لي إن صاحب العمل سيأتيني بعد ساعتين لاصطحابي إلى معمله.. مللت الانتظار وتسلل الخوف إلى قلبي وأنا أرى الشبان وهم يأتون لاصطحاب فتيات أخريات كن في ذات (القبو) فحاولت الخروج لكن صاحبه أمسكني من ذراعي وشدني بقوة إلى الداخل وهو يتمتم قائلا (دخول الحمام ليس مثل خروجه..?) وأوصد علي باب القبو وخرج ولم يعد أمامي من سبيل للخروج وأحسست بالرعب خاصة وأن الساعة قاربت السادسة مساء. بعد نحو الساعتين دخل علي صاحب (القبو) من جديد وقال لي (الوقت تأخر الآن لذلك ابقي هنا وعند الصباح يمكنك المغادرة) ومع رفضي وإصراري على الخروج دفعني إلى غرفة صغيرة جدا وأغلق علي (مزلاجها) وذهب فغرقت في حزن عميق وأنا أعيش (كابوسا) لاأدري أين نهايته..‏

صباح جديد‏

عند السادسة صباحا أفقت على صوت الفتيات وهن عائدات من العمل ونحو العاشرة كان صاحب القبو والذي فهمت أن اسمه (إبراهيم) يسكب الماء البارد على وجوه الفتيات لإيقاظهن, وبالفعل فقد قمن ولبسن وتبرجن وغادرن (القبو) الذي خلا من الجميع باستثناء (إبراهيم) وخادمه (فؤاد). ومن ثقب في باب غرفتي كنت أنظر إلى (إبراهيم) وهو يتناول (الخمر) بشراهة لا تصدق والغريب أنه رغم شربه لأكثر من ثلاث قارورات كبيرة إلا أنه لم (يسكر) بل العكس ازداد قوة وتماسكا ودخل على الغرفة قائلا (أريد أن آكل البامياء?!) ولأنني لم افهم ما يرمي إليه فقد هممت بالتوجه نحو المطبخ لأعد له ما طلب لكنه فاجأني بالقول (أنا لا أريد البامياء التي فهمتها بل أريد بامياء أخرى) وهم باتجاهي كالوحش فحاولت إبعاده عني لكن جسده القوي البنيان مكنه مني, حيث ضربني ورماني على السرير وهم باغتصابي بعد أن قيد يدي بالسرير وهو يضربني في كل أنحاء جسدي حتى قاربت على فقدان وعيي وهناك استطاع النيل مني وفجأة وجدت نفسي أصرخ وأبكي وأنا غارقة في الدماء دونما مجيب. وخرج الوحش من الغرفة ضاحكا وأقفل علي الباب أسبوعا كاملا مانعا عني الطعام والماء الذي كنت لا أستطيع إليه سبيلا إلا حينما يخرجني إلى دورة المياه.‏

في الحلقة القادمة: كيف استطاعت ناريمان أن تتصل بأهلها?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية