تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصين والولايات المتحدة وأبعاد العلاقة الاستراتيجية

شؤون سياسية
الخميس 5-1-2012
هيثم عدرة

يوجد نقاط خلاف متعددة تحدد او تحكم العلاقة بين الولايات المتحدة والصين ويبدو ان زيارة الزعيم الصيني التي قام بها لواشنطن مؤخراً ,والتي تم التوقيع من خلالها على اتفاقيات متعددة كأنها كانت تبدو او هكذا يرى بعض المحللين

على انها نوع من التهدئة حتى عام 2012,وخصوصا ان بكين غير مستعدة على الأقل في المرحلة الراهنة لتقديم تنازلات مالية إن صح التعبير تصر عليها واشنطن ,ولا بد من تسليط الضوء على طبيعة العلاقة الأميركية الصينية ,ومدى تأثيرها على الأمن الاقتصادي العالمي عبر السنوات المقبلة .‏

بعض المحللين سلط الضوء على الزيارة واعتبرت في حينها بمثابة /اختراق تاريخي في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين /,وساهمت في تخفيف حدة التوتر بين الدولتين الكبيرتين ,وقد تكون ساهمت بمنع اندلاع مواجهة اقتصادية كانت وشيكة الحدوث.‏

ونتيجة المحادثات آنذاك وقعت الصين عقوداً تجارية مع الشركات الاميركية بمبالغ كبيرة ,وبالرغم من ذلك لم تفلح هذه العقود في التخفيف من إزالة التناقض الاساسي في العلاقات الثنائية.‏

ويمكن القول ان الصين تدرك تماماً خلفية السياسات الاميركية في العالم بشكل عام والتأثير المتصاعد في افريقيا من خلال ايجاد مناخات جديدة ادتها وتعدها الادارة الاميركية ,الهدف منها تطويع هذه القارة والسيطرة على خيراتها والاستفادة من ذلك الى اقصى الدرجات ,الا ان ذلك يرتبط بقضايا كثيرة تحول عدم تنفيذه ,ويمكن القول ان هذا السيناريو يجعل الولايات المتحدة وحلفاءهاالاوربيين يواجهون المنافس الاقوى الا وهو الصين ,والتي تمكنت خلال الفترة الماضية من ترسيخ مواقعهافي اقتصادات عدد من الدول الافريقية,بل ومن إقامة إتصالات سياسية مع النخب في تلك الدول .‏

وثمة رأي يقول إن هذا يعزز دور الصين على الساحة الافريقية من خلال توليها دور الوساطة الفاعلة في حل المسائل الخلافية بين شمال السودان وجنوبه في الاوضاع العصيبة الراهنة ,ونظراً للنفوذ السياسي والاقتصادي الصيني الكبير في كلا شطري السودان ,وهذا بالطبع يعود إلى حاجة الصين القوية إلى مواصلة ضخ النفط من أجل نموها الاقتصادي,وتعتبر بكين أغلب الظن اللاعب السياسي ربما الاقوى تاثيراً والذي باستطاعته تأمين توافق متين ومقبول بين الخرطوم وجوبا ,إن لم نقل احلال سلام شامل بين الشمال والجنوب ,ولكن من الجهة الاخرى لايستبعد أن يبقى شمال السودان وجنوبه في المستقبل المنظور حتى دون مصالحة او لنقل سلاماً بارداً طالما أن المسائل السياسية والاقتصادية الخلافية ترجح احتمالات نزاع مسلح جديد بين الخرطوم وجوبا .‏

ان الصين تدرك مخططات واشنطن التي تحاول ايجاد ارضية مناسبة لتنفيذها وحلفائها لإقصاء الصين عن مناطق كثيرة في العالم وخصوصاًفي افريقيا,ولكن يبدو ان ذلك شبه مستحيل لاسباب عديدة اهمها قوة الاقتصاد الصيني وامتداده واتساعه ومن جهة اخرى القدرة الدبلوماسية الصينية على امتصاص الازمات وتحولها الى صالحها,والامر الآخرقدراتها العسكرية المتنامية وهي كفيلة بخلق حالة ردع في حال تعرضت مصالح الصين الاقتصادية لأي خطر . ‏

ماتحدثنا عنه يجعلنا نتطرق الى سياسة الصين وكيف تفكر باستثمارقدراتها الدبلوماسية ,ويمكن القول ان الصين تطمح الى تنفيذ مشروع استراتيجي يهدف الى نشر الاسطول الحربي والقوة الجوية على سلسلة قواعد تمتد من بحر الصين الجنوبي الى سواحل باكستان وايران ,وهذه الحالة تنذر بواقع التنافس بين الصين والولايات المتحدة في المحيط الهندي ,مما يجعل الحشود الاميركية والصينية لقواتهما في المحيط يمس جوهر الامن الاقليمي .‏

ولا بد من القول انه خلال السنوات الاخيرة دشنت الصين مرحلة نوعية جديدة في توسيع قدرات اسطولها البحري الحربي ,ويمكن القول انه بدأت في هذه البلاد بأعداد متصاعدة صناعة الغواصات والسفن الحربية ومن طرازات واجيال جديدة ,فيما تفكر الصين بإنزال أولى حاملتي طائرات صينية الى الماء بحلول عام 2015 .‏

المحللون والخبراء اطلقوا على استراتيجية توسيع القدرات البحرية الصينية توصيف خيط اللؤلؤ , قاصدين بالؤلؤات مراكز اسناد القوات البحرية والجوية الصينية الممتدة من جزيرة هاينان في بحر الصين الجنوبي حتى مضيق هرمز ,ومن خلال القواعد المندرجة ضمن خيط اللؤلؤ تتحدى الصين إن جاز التعبير التواجد العسكري الاميركي في بحار المنطقة ,وتسعى إلى ضمان امن طرق استيراد النفط والغاز من الاقطار العربية وإيران وأفريقيا ,وقد باتت الولايات المتحدة تشعر بقلق كبير من تعاظم القدرات الاقتصادية للصين ومن إمكانياتها الحربية وتوسعها البحري والعسكري التي اعتادت عليه دون منازع .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية