تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المناورات الإيرانية وأفول الهيمنة الأميركية

شؤون سياسية
الخميس 5-1-2012
محرز العلي

نجحت إيران في إطلاق صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى محلية الصنع خلال مناورات ولاية 90 التي أجرتها على مساحة 2000 كيلو متر مربع واختيرت خلالها أسلحة ومعدات أنتجتها البحرية الايرانية واستوفتها قدرات القوات الايرانية المسلحة وقوتها التكتيكية وإمكانيتها في السيطرة على الممرات المائية في المنطقة إذا اقتضت الضرورة مؤكدة بذلك جهوزيتها على صد أي عدوان نتعرض له والرد على أي تهديد يطول أمنها وسيادتها.

هذه المناورات العسكرية الضخمة التي اشتركت فيها مختلف صنوف القوات الإيرانية البرية والجوية والبحرية والتي أظهرت فيها ايران قدراتها الدفاعية وإمكاناتها في تصنيع أحدث الأسلحة والصواريخ المتطورة القادرة على الإفلات من الرادارات تكتسب أهمية من حيث الزمان والمكان فمن حيث المكان فقد جرت المناورات على مساحة كبيرة شملت منطقة واسعة في مضيق هرمز ومن الشمال الغربي من المحيط الهندي وخليج عدن وتعتبر المناورة الأولى التي تجري فيها القوات الإيرانية على مساحة واسعة وتشمل القسم الأكبر من مضيق هرمز الذي يعتبر الشريان الجوي لتصدير 40٪ من النفط العالمي، وتعتمد أوروبا على ذلك بصورة رئيسية ما يعني قدرة إيران على التحكم بهذا الممر المائي الحيوي عندما تتعرض معالمها للخطر، الأمر الذي سيشكل إحراجاً وعراقيل في التجارة البيئية لأوروبا يصعب عليها تحمله.‏

أما من حيث الزمان فإن أهمية هذه المناورات تنبع من كونها جاءت متزامنة مع تصاعد التوتر بين الغرب وإيران بسبب البرنامج النووي الإيراني السلمي وتهديدات أميركية بفرض عقوبات اقتصادية جديدة قد تطال صادرات النفط الايراني ما اعتبرته ايران بمثابة إعلان حرب عليها وهددت بإقفال المضيق والمناورة التي أجريت مؤخراً بمثابة رسالة إلى الغرب وأميركا بإمكانية إيران إغلاق المضيق وتعريض مصالحهم للخطر، وفي هذا السياق قال نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي إذا فرضت الدول الغربية عقوبات على النفط الايراني لن نسمح بعبور نقطة نفط واحدة من مضيق هرمز في حين قال الخبير الاستراتيجي أمير موسوي إن من حق إيران إذا تعرضت مصالحها للخطر بأن نغلق المضيق بصورة كاملة ولدى إيران ربما 9-10 خططاً وضعت لاغلاق المضيق وفي مناورات ولاية 90 سوف تستخدم 3-4 خطط لإغلاقه بأساليب مختلفة وربما تكون بعض هذه الأساليب غير مرئية مباشرة من جانبه قال أحد القادة بالحرس الثوري الايراني: إن الولايات المتحدة الأميركية ليست في موضع يسمح لها بأن نملي على طهران ما نفعله في مضيق هرمز، وسيكون الرد على أي تهديد بالتهديد ولن نتنازل عن تحركاتنا الاستراتيجية إذا قوضت مصالح إيران الحيوية بأي وسيلة.‏

لقد أكدت إيران من خلال سلسلة المناورات التي أجرتها مؤخراً ولاسيما مناورات ولاية 90 والتي أظهرت فيها القوات المسلحة الايرانية تنسيقاً لافتاً وأسلحة حديثة وقدرة دفاعية كبيرة وكفيلة بإقفال مضيق هرمز بأسرع ما يمكن، على أن قوى الهيمنة العالمية في المنطقة لا مكان لها في المنطقة وأن القوة الأميركية حيث يتواجد الأسطول الخامس في مضيق هرمز لا يمكنه حماية الممر في حال تصاعد التوتر بين إيران والغرب أو تعرضت المصالح الإيرانية للخطر.‏

أما الرسالة التي بعثت بها إيران عبر المناورات الى الكيان الصهيوني الذي يحرض الغرب والولايات المتحدة الأميركية على تشديد العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي والتهديد بعمل عسكري ضد المنشأت الحيوية الاسرائيلية مفادها أن أي اعتداء على ايران سوف يكون له تداعيات خطيرة لايمكن لهذا الكيان أن يتحملها وبالتالي فإن أي مغامرة عسكرية ستنعكس سلباً عليه وعلى أعوانه في المنطقة.‏

إن لغة التهديد والوعيد التي تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية بتحريض اسرائيلي في السر والعلن ضد إيران لن تفلح في تحقيق أهدافها العدوانية ولن نستطيع تغيير مواقف ايران وسياستها الاستراتيجية في المنطقة وأن الشعب الايراني وقادته مدركون أن الولايات المتحدة الأميركية ومنذ انتصار الثورة وتقلص النفوذ الأميركي الذي كان سائداً في عهد الشاه وهي تحاول العمل على اسقاط الثورة عبر زرع الجواسيس وإثارة الفوضى وفرض حصار اقتصادي واشعال الحروب التي من شأنها النيل من قوة ايران، ولذلك فإن أميركا ستظل في عيون الايرانيين الشيطان الأكبر الذي يمثل تهديداً حقيقياً لمصالحهم وتقدمهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية