|
كل أربعاء وتأجيج الفتنة والتحريض على إراقة الدماء، هؤلاء الأصدقاء الذين اختلط فيهم القريب والبعيد، بالزي العربي التقليدي ، والزي الإفرنجي المتمدن، وبمنتجات الثورة العربية الجديدة التي ارتضت لنفسها أن تكون قناعاً للموجة الظلامية الصاعدة في تونس، ورموز الصلف الاستعماري التي ركبت الطائرات من واشنطن ولندن وباريس، وجاءت إلى تونس كي تصادق السوريين من هناك، وتختار لهم السلاح المناسب للفتك بوطنهم والتذابح فيما بينهم في المدن الآمنة، طلباً لديمقراطية الخراب، ودفاعاً عن حرية القتل الجماعي في وضح النهار! أصدقاء أم أشقاء أولئك الذين ارتفعت أصواتهم أمام عدسات التصوير في ذلك المحفل الذي التأم شمله في إحدى ضواحي العاصمة التونسية يوم الرابع والعشرين من شباط وأملوا على السوريين مصيرهم السياسي طوعاً أو كرهاً، ولوحوا بحقائبهم المالية التي تفوح منها روائح النفط والغاز،إشارة إلى استعدادهم لدفع الثمن الذي تتطلبه الفتنة في الديار الشامية مهما بلغت ملياراته، وعزمهم على تهديم أسوار دمشق بقذائف حلفائهم الغربيين حتى لو كلفهم الأمر التضحية بمعظم ثرواتهم، مادام الأمر سوف يفضي في النهاية، إلى سقوط (بدعة) المقاومة التي يروج لها السوريون، ويهددون بنقل عدواها إلى عموم المنطقة، حيث يصبح مصير أصحاب الجلالة والسمو على كف عفريت، ويعود نفط العرب للعرب، وتصبح عوائده سنداً لقضايا العرب ومصالحهم، وليس لانتشال أسواق الغرب الاستعماري من أزماتها كلما شارفت على الانيهار! كيف يمكن للسوريين أن يصدقوا واشنطن ولندن وباريس بكل تاريخها الداعم للكيان الصهيوني، والمتواطئ على المصلحة العربية، بكل أذرعها الاستعمارية قديماً وحديثاً؟ كيف يمكن التصديق أن هذه العواصم باتت تنشد صداقة السوريين وهي تضمر وتعلن في الصباح والمساء أنها تشجع على حمل السلاح في الشوارع السورية لاستكمال شروط الحرب الأهلية، وتتفنن في استصدار العقوبات على السوريين باقة خلف أخرى، تحت شعار دعم طموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية؟، ثم من يصدق أن هذه العواصم التي تخوض حربها على الإرهاب منذ مطالع هذا القرن بعد تفجيرات الحادي عشر من أيلول في نيويورك وواشنطن، هي نفسها التي تصفق للإرهاب وتتغاضى عن تسليحه في سورية، مادام يحقق لها غرضها في تدمير هذا الوطن الذي شق عليها عصا الطاعة، وصان سيادته، واعتصم بقراره الوطني المستقل، صوناً لكرامته، ووفاء لتاريخه، واعتزازاً بخياره الوطني والقومي، الذي تعود على مر العقود أن يدافع عنه بالغالي والنفيس! هو نفس التحالف الذي اجتمعت صفوفه في الخمسينيات والستينيات لإسقاط المد القومي العربي، ذات الوجوه وإن تغيرت الأسماء، هي رموز عدوان عام 1956 على مصر، وعدوان عام 1967 على دول الطوق العربي حول الكيان الصهيوني، وهو نفس التحالف الذي حاول عام 2006 أن يجهز على المقاومة في لبنان وحاضنتها السورية، كي يتوفر أمن تل ابيب إلى عشرات السنين القادمة، هذا الحشد العربي- الغربي الذي أعلن خطابه في تونس العاصمة، عايشناه على مدى عمرنا عدواً لسورية وللمصلحة القومية، مشروعه هو لم يتغير، تفتيت الوطن العربي، واستنزاف كل عناصر القوة فيه، لا الحرية تعنيه في شيء، ولا جنة الديمقراطية، لكن ما يعنيه هو هزيمة عربية موصوفة، لا يمكن انجازها إلا بإسقاط سورية وتدميرها، والاقتصاص من شعبها المقاوم، فمن كان هؤلاء أصدقاؤه، فما حاجته بعدهم إلى الأعداء! |
|