|
اقتصاديات تفرغ يصل الى 200 % من الراتب المقطوع الحالي, على ان تمول بنسبة 100 % من الخزينة العامة للدولة وال 100 % الثانية من موارد الجامعات حسب توفرها. هذا يعني على سبيل المثال ان يتقاضى حامل شهادة الدكتوراه الذي يبلغ راتبه المقطوع حالياً 15000 خمسة عشرة الف ليرة سورية تعويض تفرغ يصل الى نحو 30000 ثلاثين الف ليرة سورية بحيث يبلغ راتبه مع تعويض تفرغه الجامعي نحو 45000 خمسةواربعين الف ليرة سورية اي حوالي ثلاثة اضعاف ما يتقاضاه زميله الحامل لنفس المؤهل العلمي الدكتوراه من العاملين في مؤسسات الدولة الاخرى. ودون مقدمات اسجل اعتراضي على امرين ذي صلة بهذا القانون: اعتراض اولاً على المسوغات والمبررات التي سيقت لتمرير القانون سابقاً وتسويقه حالياً. وللتوضيح اقول بان ما سأورده من اعتراضات سبق وبينتها في احدى اجتماعات مجلس التعليم العالي - وانا عضو فيه - عند عرض مشروع القانون للمناقشة في المجلس, وباعتبار ان معظم أعضاء المجلس هم من العاملين في الجامعات لم يؤخذ بتلك الاعتراضات حتى أنها لم تسجل في محضر اجتماع المجلس الذي عمم على الأعضاء لاحقاً. - واعتراض ثانياً على المنطق الذي صاغ وأخرج هذا القانون, وفي الوقت نفسه أنكر وتجاهل حقوق حملة شهادة الدكتوراه من العاملين في مؤسسات الدولة الاخرى. مما قاد الى تصنيف عمل حملة شهادة الدكتوراه في سورية في صنفين وتقسيمه الى عنصرين: عنصر الجامعات الذي يخص بالمزايا والامتيازات وعنصر المؤسسات الذي قوبل بالتجاهل والإنكار?!. هناك جملة من المسوغات التي سيقت لتمرير القانون لا أجدها جديرة إلا بالاعتراض, منها: - ان دكاترة الجامعات يستحقون راتباً يوفر لهم حياة لائقة وكريمة وهذا لا خلاف عليه فهو مطلب حق, علماً بان رواتبهم في الجامعات حتى قبل صدور القانون الجديد هي أعلى بكثير من رواتب زملائهم في مؤسسات الدولة الاخرى, لكن وبصرف النظر عن التباين السابق نسأل ماذا عن زملائهم دكاترة المؤسسات الأخرى الذين تخرجوا من نفس الجامعات ويحملون نفس المؤهل العلمي ويشاركون بعضاً من زملائهم في الجامعات سني التخرج وشهاداتهم غير مطعون بها فهي معدلة وفق القوانين والانظمة المعمول بها في سورية كذلك فان عملهم المهني لا يقل اهمية وصعوبة عن نظيره الجامعي (دكتور طبيب في مشفى يعالج العشرات من المرضى يومياً مجاناً - دكتور مهندس يصمم وينفذ مشاريع تنموية حيوية), ألا يستحق هؤلاء أيضاً راتباً يوفر لهم حياة لائقة وكريمة? أليس الحق في الكرامة حقاً عاماً يتساوى فيه الجميع أياً كان عملهم أو مؤهلهم العلمي? لا خلاف بأن هناك مشكلة كبيرة في الرواتب والاجور في سورية فحوالي 68% من مجموع العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص يتقاضون راتباً شهرياً يبلغ 7000 ل.س فما دون, واذا افترضنا ان وسطي الإعالة لدينا هي خمسة أشخاص فهذا يعني أن الدخل الشهري للفرد من هؤلاء العاملين واسرهم يقل عن 30 دولار شهرياً أي اقل من دولار واحد باليوم وهذا يعني أنهم جميعاً يعيشون تحت خط الفقر, اذاً المشكلة عامةمما يقتضي أن يكون الحل عاماً. اذا كان لابد من التخصيص على أساس المؤهل العلمي فليكن لجميع من يحمل هذا المؤهل وليس لجزء فقط كما حصل بنتيجة القانون الجديد, مما قاد بالتداعي الى تقسيم أهم مكونات رأسمالنا البشري الى قسمين: اولاد الست دكاترة الجامعات وأولاد الجارية يتامى المؤسسات. - ومن المسوغات التي تساق بأن دكاترة المؤسسات لديهم امتيازات لا تتوفر لدكاترة الجامعات مثل السيارة والمهمات الداخلية والخارجية... وللتوضيح نقول بأن تخصيص السيارات في مؤسسات الدولة يتم وفق الموقع الوظيفي وليس وفق المؤهل العلمي وهذا الامر ينطبق على الجامعة وغيرها, فكما أن مدير الشركة او المؤسسة مخصص بسيارة سياحية كذلك الحال بالنسبة لعميد الكلية او رئيس الجامعة وليس هنالك في سورية من خصص بسيارة لمؤهله العلمي إلا في الجامعة خلال فترات سابقة. أما من حيث المهمات فهذه تحددها حاجة العمل في الجامعة وخارج الجامعة, هنالك موفدون من الجامعات ومن خارج الجامعات وربما كانت نسبة الموفدين من الجامعات تفوق الذي يوفدون من خارج الجامعات (بحث علمي - مؤتمرات - ندوات ...). ومن تلك المسوغات أيضاً ان هذه التعويضات ضروريةلتنشيط البحث العلمي. وهنا نوضح بأنه سبق وصدر قانون التفرغ الجامعي منذ سنوات وأعطى دكاترة الجامعات تعويضات لا تقل عن 100 % من الراتب بالاضافة الى مكافآت مالية اخرى لقاء الأبحاث التي يمكن أن يقوموا بها. الزملاء في الجامعات يعرفون كما يعرف الكثيرون غيرهم انه بالرغم من ذلك كله لم يكن هنالك تفرغ للعمل الجامعي ولم يؤد هذا لتنشيط البحث العلمي. ما اعرفه ويعرفه غيري وانا لست بعيداً عن الجامعة - بالرغم من أنني لست من ملاكها - فقد عملت محاضراً في عدد من كلياتها وشاركت في نقاش عدد من الرسائل الجامعية وأشرفت على مشاريع تخرج, أن البحث العلمي في جامعاتنا قد اختزل إلى تأسيس وحدات عمل مهني تتنافس فيما بينها - وأحياناً تتناحر - للحصول على عقد للإشراف على مشروع لا علاقة له بالبحث العلمي. طبعاً لا أقصد من ذلك الاتهام أو المساس بمشروعية جهود زملائنا في الجامعات, لكن أردت التوضيح فقط بأن الامتيازات والمزايا السابقة لم تولد أبحاثاً علمية بل أعمالاً تجارية تحكمها قوانين السوق وعلاقاته وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن المزايا والامتيازات التي نص عليها القانون الجديد ستغير الوضع, فالبحث العلمي مناخ وليس نصوصاً وهو شروط قبل أن يكون أجوراً. بالإضافة الى كل ما سبق قد يكون من الضروري التذكير بأن الجامعات ليست جزراً معزولة, فمهما أعطينا للجامعات لن يشعر المجتمع بمردود جهودها إلا بتطوير مؤسساته الأخرى ومدخل ذلك هو احترام العاملين في تلك المؤسسات والاعتراف بحقوقهم. فلنعمل على إنصاف حملة المؤهلات العلمية العليا في المؤسسات الأخرى بإعطائهم حقوقاً موازية لزملائهم في الجامعات. ذلك ضروري لمحاصرة مشاعر الإحباط وكسر حالة السلبية التي أنتجها القانون الجديد لديهم, مما يعتبر أساساً لابد منه وشرطاً لاغنى عنه لتطوير مؤسساتنا وتحسين أدائها. لتكن رسالتنا لهم: الكل مطلوب ولكل دوره المرغوب... إذا كان العبء واجب الجميع فالمنفعة حق للجميع?! |
|