|
ملحق ثقافي
و استجابت لها قيادة الإتحاد ممثلة برئيسها الأستاذ «جمال قادري», فكان التصدي لهذه المغامرة التي أصابت الهدف بتقديم الجديد من حيث النص و الإخراج ما يشكل نقطة تحول فارقة في تاريخ اتحاد عمال دمشق «الإختيار والقرار» و يضيف بصمة و علامة مميزة الى المسرح, خاصة و ان جميع القائمين على العمل هم من الهواة و ليسوا محترفين, في الوقت الذي كانت فيه التوجهات باختيار عمل يكون من وحي الواقع العمالي, و أنا شخصيا كنت من مشجعي هذا الطرح بناء على ما كنا نتخيله عن مدى الصعوبة في التصدي لأعمال تتطلب توفر طاقات كبيرة و حرفية عالية للتنفيذ. وتأتي أهمية العمل /رحيل رقم -1-/ مما يلي: 1 - جديد المعالجة: حيث انه كثف الظاهرة و الزمن لأشكال متنوعة من العلاقات الوجودية المتبادلة و المتعدية داخل منظومة “الاجتماعي, و الفردي” و ما ينتج عنها من أزمات إنسانية, حررها “انس كنعان” من الزمان و المكان لصالح العالمية, في أسلوبية تحمل من الرمزية و الإيحاءات الشرطية, الكثير من الخاص المرتبط بعمق الرؤية و مداها داخل فكرة العمل, فتعددت اللوحات التي كان فيها الحوار حالة و ليس كلاماً و هذا ما قاربه من نصوص عالمية حديثة جدا و صعبة كالنص الذي ترجمته الدكتورة «ماري الياس» للكاتب الفرنسي «جان لويس غاليفيرت» و أخرجه في هذا الموسم الفنان «مانويل جيجي» في عمل بعنوان «غني ثلاث فقراء» و الذي يتقاطع معه عمل «انس كنعان» في نقطة ثانية, بالإضافة الى عالمية الأزمة, و هي «أسلوبية النص», اللوحات المنفصلة, المتحدة بالموضوع, و الفكرة المكثفة, و هذا النوع من النصوص يعطي المخرج المزيد من الحرية للتعبير عن رؤيته, الشخصية, لهذه اللوحة في تقديم الشكل التعبيري الخاص به. 2 - و يتلاقى العمل, كما تحدث في مداخلته الدكتور «أسامة غنم», مع مسرح الألمانية «بينا باوش» التي أسست لاتجاه في المسرح الحديث و هو المسرح التعبيري الراقص, الذي يولي الأهمية الأكبر الى جسد الممثل, و تلاقي هذه المدرسة الصدى الكبير في العالم, و من ضمن الذين يعملون عليه «لاوند هاجو», و هو المسرح الذي يترك للمثل ساحة الخلق الحرة الخاصة للشكل التعبيري, الجسدي, المرتبطة بطريقة التلقي الحسية, الفردية, للموسيقا المخصصة في العرض. فقد تضمن العرض عددا من لوحات الرقص التعبيري. 3 - الموسيقا كانت من اختيار «انس كنعان» و هي مقطوعات عالمية و بعضها للفنان المصري «عمر إسماعيل» و قد أثنى الدكتور «أسامة غنم» على اختيار موسيقى العرض ووصفها بالحديثة, كما و أثنت لجنة التحكيم على الإضاءة التي كانت مميزة. ما قدمه «انس كنعان» كان قريباً من التغريب لدرجة السوريالية. و كما وصفه الدكتور «اسامة غنم» بأنه كسر شرط المشاهدة بأن «اشتغل» على الإيقاع البطيء في عدد من اللوحات ما ازعج المشاهد الكسول الذي تعود على الاسترخاء. و استطاع, مع سبعة من الممثلين, أن يدخلونا في الكثير من العوالم الخاصة, فكانت روح العرض مزيجا من زياد رحباني و فيروز و بينا باوش و صاموئيل بيكيت و تفاصيل هائلة من تجارب لحياة حية شكلت الأدوات الأساسية للنص و الإخراج في فضاء مسرحي خلا إلا من حلمهم, الذي ملأ المكان, في تقديم رؤية بصرية جديدة على الداقة الفنية للمسرح. قد لا يكون العمل كاملا بالمواصفات الفنية القياسية, حيث ان احدى اللوحات كانت خارجة عن الخط العام لأسلوبية النص و الإخراج. و قد يحتوي على بعض الثغرات. و قد يحتاج الى التدريب الأكبر على الجسد, لكن ما شاهدناه لم يخف ذلك الحس العالي و الخيال اللامحدود و القدرات الإبداعية الإستثنائية عبرت عنها تجربة شبابية. |
|