|
إضاءات الفرضيتين على ما يجري في العالم اليوم من أحداث سيما ما تعلق منها بالأزمات التي تعصف بمنطقتنا لوجدنا أنها تكتسب درجة عالية من المصداقية وبالعودة للماضي القريب والبعيد وفي إطار الإضاءة على العلاقة العربية التركية يمكننا وبالاستناد إلى تلك الفرضية لحظ حالة من النفور والتوجس والتردد تحكم تلك العلاقة وتحيط بها وغالبا ماتتأسس على خلفية الاحتلال العثماني الذي جثم لمدة تزيد على أربعة قرون ونيف على عالمنا العربي انتهى بخروج الأتراك العثمانيين من الوطن العربي ووقوع أغلب أقطاره فريسة سهلة بيد الاستعمار الأوروبي إضافة بحكم ما انتهت إليه أحوال الدول العربية الواقعة تحت الولاية العثمانية من جهل وتخلف وفقر واستبداد وضعف . لقد وسمت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط الإمبراطورية العثمانية وإعلان أتاتورك نهاية الخلافة مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي حالة من العداء وصلت في مراحل معينة إلى عراك سياسي وثقافي قادته نخب سياسية وثقافية من الطرفين العربي والتركي تمحورت حول الإجابة على السؤال الإشكالي ترى من يتحمل مسؤولية الوضع المزري الذي آلت إليه السلطنة العثمانية التي أطلق عليها الرجل المريض أهم العرب أم الأتراك العثمانيون!!!!! ومع أن العقود الثماني التي أعقبت ذلك لم تشهد مواجهات ساخنة بين العرب والأتراك خلا فترة الخمسينيات التي شهدت تناميا واضحا للعلاقة التركية الإسرائيلية يقابلها عداء واضح للدول العربية ألا أن العلاقة بين بعض الدول العربية وتركيا أخذت بالتحسن التدريجي منذ نهاية الحرب الباردة ترافقت مع علو أصوات من داخل الجمهورية التركية تنادي بالعودة بتركيا إلى محيطها الشرقي بعد رفض الغرب اعتمادها في ناديه السياسي والاقتصادي والثقافي أي الاتحاد الأوربي وقبولها عضوا في حلف الناتو ما يعكس نظرة أوروبا إلى تركيا كمنصة عسكرية أو شرطيا ورفضها شريكا اقتصاديا وثقافيا في اطار المواجهة مع الاتحاد السوفييتي سابقا وروسيا لاحقا وهراوة تلوح بها بمواجهة القوى الناهضة في المنطقة بعد نهاية حقبة الحرب الباردة وهذه مفارقة عجيبة توجب على الأتراك وغيرهم التوقف عندها مطولا بدلالاتها الحضارية والأخلاقية والسياسية ونتائجها الكارثية على الشعب التركي خاصة وأن المنطقة تعيش حالة تحولات استراتيجية كبرى لا تصب بمجملها في مصلحة قوى الهيمنة. راهنا تجد الحكومة التركية الأردوغانية صعوبة بالغة وهي تحاول الرقص في عرسين والعزف على أكثر من وتر في وقت واحد فهي تريد أن تكون عضوا فاعلا في النادي الأوربي الذي يرفضها لأنها لا تتناسب مع مواصفاته الحضارية انطلاقا من المعايير الديمقراطية التي يرى أن الحكومة التركية لا تراعيها ونراها الوقت نفسه تقدم نفسها لمحيطها الشرقي على أنها دولة إسلامية مشرقية الانتماء والهوى وبمعنى أدق أن الحكومة التركية حالها حال من يحاول الرقص الشرقي على إيقاع غربي وهو بقدر استحالته فنيا يستحيل سياسيا فالواضح أن الحكومة التركية تضع نفسها في مأزق حقيقي وهي تحاول الجمع بين المتناقضات وهي تدرك حقيقة استحالة ذلك في العمل السياسي وأهمية حسم الخيارات بهذا الاتحاد أو ذاك. إن حالة من التناقض لا التكامل تحكم طريقة التفكير الاستراتيجي التركي التي يقودها المطبخ السياسي الأخواني لحزب العدالة والتنمية وسببها الأساسي من وجهة نظرنا عدم النظر بواقعية إلى طبيعة البنية الداخلية للتركيبة الاجتماعية والثقافية والأثنية للجماعة السياسية التركية وانتمائها بمكونها الكلي للشرق ثقافة وحضارة والأهم من ذلك مصالح اقتصادية وأمنية وارتباطها وتناغمها مع محيطها من موقع التفاعل الإيجابي والانسجام الداخلي لا من موقع الهيمنة أو إعادة إنتاج أو استحضار نموذج السلطنة والباب العالي الذي يقفز إلى الذاكرة الجمعية لأبناء المنطقة بمجرد محاولة استحضار أي من مفردات خطابه أو آليات تفكيره . إن ذاكرة ممتلئة بصورة سلبية لا يجدر بأي سياسي يمتلك درجة من الكياسة والحكمة والعقلانية وبعد النظر إطلاق العنان لها لأنها ستتحرك بشكل غرائزي وتثير موجات من الكراهية واستحضار صور سلبية لا تزال تخزنتها ذاكرة جماعية يمكنها أن تأتي على كل ما تم إنجازه في فترات الحكمة والعقلانية والتوازن في المصالح والمنافع وهو ما لا يمكن لأحد انكار ما حققه من نجاحات خلال فترة قياسية انعكست إيجابيا على طرفي المعادلة العربية التركية وتحديدا السورية منها وهو ما جرى ويجري نسفه من قبل أردوغان نتيجة لمواقف حكومة حزب العدالة والتنمية من الأزمة في سورية ودعمها الواضح لجهة المعارضة الخارجية المسلحة ما انعكس سلبا على العلاقات السورية التركية حيث جرى خلال السنوات الماضية الإتيان على كل ما تحقق من إنجازات الماضي في ضل سعي واضح من الجانب التركي لهدم كل ما بني من جسور لتحل بدلا عنها أسوار من الكراهية والأحقاد يبدو واضحا للعيان أن المستفيد الوحيد منها الغرب الاستعماري وإسرائيل والساسة قصيرو النظر الذين غلبوا طموحاتهم الشخصية وعصابهم الأيديولوجي على مصالح شعوبهم بأبعادها الاستراتيجية khalaf.almuftah@gmail.com">المستقبلية. khalaf.almuftah@gmail.com |
|