|
he American Conservative وقال في ختام اجتماع مع إدارته : «سننسحب على نحو سريع من سورية، ونخرج في القريب العاجل. وندعهم يعالجون مشكلاتهم. ويمكن لسورية معالجة مشاكلها الخاصة سواء إلى جانب إيران، أو جانب روسيا، أو جانب العراق، أو جانب تركيا. نحن نبعد عنهم 7000 ميل» لم يكتف ترامب بالتأكيد على دعمه المتواصل لانسحاب أميركي سريع، بل استبعد الابقاء على أي دور في سورية في فترة ما بعد الحرب، الأمر الذي دفع بدبلوماسيين بقيادة جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، لبذل قصارى جهده لثنيه عن اتخاذ مثل هذا القرار. ويبدو أن تصريحات ترامب المرتجلة قد تلاشت كما يذوب الجليد في يوم صيفي من أيام واشنطن. بيد أنها بذات الوقت سلطت الأضواء مرة أخرى على الشكوك القائمة بأنه ليس البيت الأبيض وحده من يرغب ببقاء القوات الأميركية في سورية. وسواء بأوامر من ترامب أو دونها، فإنه من المنطقي أن يتعرض الاحتلال المتواصل لقاعدة عسكرية معزولة في التنف في البادية السورية لضغوط متزايدة. فمنذ إعلان ترامب شهر كانون الأول، اتجهت أنظار ساسة واشنطن ودبلوماسييها نحو احتواء التوترات مع تركيا في سورية في الجزيرة وتحديدا ما يسمى شرق الفرات، المنطقة الغنية بالموارد والتي تشكل ثلث مساحة البلاد والمسيطر عليها من القوات الكردية التي تحظى بالدعم الأميركي. وتقع هذه المنطقة في قلب النوايا الاستراتيجية التي تكنها واشنطن المتمثلة في حرمان الحكومة السورية من السيطرة على كافة أراضيها. ترابط القوة الاحتلالية الأميركية في منطقة التنف الواقعة في صحراء قاحلة عند نقطة التقاء الأردن والعراق وسورية، حيث تستضيف القاعدة الأميركية هناك ما يناهز 500 جندي، وتقع على مسافة قصيرة من مخيم الركبان للاجئين السوريين، الذي أقيم بالقرب من الطريق السريع الذي يربط بين العراق وسورية. في البداية هيمنت القوات الأميركية على تلك المنطقة باعتبار ذلك جزءاً من المعركة على داعش. ثم ما لبث أن قال مسؤولون أميركيون بأن إيران تمثل سببا للانتشار في المنطقة. وإبان زيارة قائد القوات المركزية آنذاك جوزيف فوتيل إلى قاعدة التنف شهر تشرين الأول الفائت، قال بأن الوجود الأميركي يشكل عقبة أمام الوجود الإيراني ويعيق جهود دمشق لاستعادة السيطرة على كامل البلاد. مستطردا القول: «لا ننكر أن لدينا نوعا من التأثير غير المباشر على مسار الأحداث» وضع قرار ترامب المعلن في شهر كانون الأول تلك الاستراتيجية تحت الخطر. وكجزء من الجهود المبذولة للتصدي لإعلانه، أكد مستشار الأمن القومي جون بولتون مرة أخرى على شعار البنتاغون، مؤكدا أن عمليات الولايات المتحدة في منطقة التنف ستستمر باعتبارها جزءا من الجهود الأميركية لمجابهة ما سماه بـ»النفوذ الإيراني» في سورية بما في ذلك قطع «الجسر البري» الذي يربط إيران والعراق بسورية ولبنان. يبدو أن خلافا جرى بين روسيا وأميركا بشأن الانتشار الأميركي في قاعدة التنف التي تمتد على مسافة 55 كيلومترا غربا، وقد رفضت واشنطن الاستجابة للمطالب الروسية ما أدى إلى حدوث توترات بين الطرفين. علما بأنه في تلك المنطقة يوجد 50,000 لاجئ سوري تحتجزهم أميركا رهائن بشرية ويمتد المخيم على طول الحدود الأردنية السورية في منطقة الركبان، التي تبعد مسافة قصيرة عن التواجد الأميركي في التنف، حيث لا يحظى المخيم المؤقت سوى بكميات محدودة من الغذاء كما يفتقر لشروط السكن الصحية. وهنا تبرز التناقضات في الموقف الأميركي تجاه سلامة وأمن اللاجئين. في شهر شباط الفائت، قال المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غريت كابلير: «رغم التحذيرات المتكررة، فإن أعداد الوفيات من الأطفال في مخيم الركبان الواقع على الحدود الجنوبية الغربية لسورية مع الأردن تتزايد بمعدل ينذر بالخطر. إذ منذ بداية العام يلاحظ زيادة في وفيات الأطفال بمعدل طفل كل خمسة أيام. وقد توفي خمسة من الرضع الذين لم تتجاوز أعمارهم سبعة أيام من أصل 12 طفلا توفي حتى الآن في هذا العام. ذلك لأن الساعات والأيام والشهور الأولى من العمر هي الأكثر أهمية لاستمرار الحياة لدى الأطفال. وعلى الرغم مما يبذل من جهود لتقديم الدعم في الحالات الطارئة، لكن ظروف المخيم ليست مؤهلة لولادة الأطفال ونشأتهم ورعايتهم» لا ريب بأن سورية وروسيا تحققان تقدما خارج المخيم. وفي الأشهر الأخيرة اختار عدد كبير من قاطني مخيم الركبان البالغ عددهم 50000 شخص مغادرة المخيم والعودة إلى أماكن سكناهم في الأراضي السورية. ويبدو أن ذريعة استمرار الوجود الأميركي في التنف تتضاءل يوما بعد يوم، فالرئيس الأميركي يسعى للوفاء بوعده القائم على الانسحاب، وبعد فترة وجيزة لن يكون هناك لاجئين في المنطقة للتذرع بحمايتهم، أو أعداء من المتطرفين لقتلهم. تصريحات ترامب الأخيرة بشأن سورية مرت أمام الجميع دون أن يلحظها أحد في واشنطن تائهة في ضوضاء السياسة الدولية. لكن تلك التصريحات لفتت أنظار أولئك الذين يبحثون عن مؤشرات لبقاء الولايات المتحدة أو عدم بقائها في سورية وأماكن أخرى. ثمة تساؤلات عن موقف البيت الأبيض وإن كان سيضرب صفحا عن التصريحات الأخيرة للرئيس، كما جرى بعد شهر كانون الأول؟ أم أن التطورات في مخيم الركبان والطبيعة المفتوحة للحملة على إيران في سورية تدفع لإعادة النظر في انتشار القوات الأميركية؟ ترجمة: ليندا سكوتي |
|