|
مجتمع وهذا الامر خلق حالة من الإحباط واليأس ما لبثت أن سيطرت بشكل كامل على سلوك وتصرف الكثيرين حتى تحولت الى شماعة ومشجب لتعليق الفشل والتهرب من الواجبات والمسؤوليات وحل المشاكل مهما كانت بسيطة وسهلة مختبئين خلف الظروف الصعبة ومتذرعين فيها لأنها باتت مظلة واسعة للوقاية من المساءلة والمحاسبة وتأنيب الضمير. وهذا الامر دفعنا لنسأل من باب الوطنية ومن باب الحرص والخوف على ما تبقى من قيمنا واخلاقنا، هل وقعنا فريسة سهلة لهذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن؟ وهل دخلنا جميعا ودون أن نشعر ذلك السباق المحموم لنهش جسد هذا الوطن من الداخل مقدمين أكبر خدمة لأعداء هذا الوطن الذين يحاولون بدورهم يائسين نهشه من الخارج؟ أسئلة باتت تلاحقنا في يقظتنا وأحلامنا، أسئلة بتنا نتلمسها في المنزل والشارع ومكان العمل وأينما حللنا وأينما تجولنا، فما علاقة الظروف الصعبة في تقاعس الموظف عن قيامه بواجباته وتبرمه من المراجعين وهروبه قبيل انتهاء دوامه، وما دخل الظروف في اختلاس المحاسب والمدير والمسؤول من خزينة الدولة، وما دخل الظروف في عصبية رب الأسرة وضربه لزوجته وابنائه ودفعهم الى الشارع ومغرياته ومتاهاته المظلمة، وما دخل الظروف في غش أصحاب المطاعم لمأكولاتهم، وما علاقة الظروف في غش بعض طلابنا في الامتحانات، وما دخل الظروف في عدم تشغيل سائقي التكاسي لعدادات مركباتهم، وما دخل الظروف لعدم التزامنا بالقوانين وعدم وقوفنا بانتظام وانضباط بالدور على الافران والحواجز، وما علاقة الظروف بعدم وفائنا ومحبتنا لبعضنا البعض وتحين الفرص المناسبة لطعن الأخ والقريب وزميل العمل وصديق العمر وابن الوطن، وما علاقة الظروف في ابتزاز التاجر وصاحب المصنع والمعمل ومدير الشركة واستغلالهم للمواطن بحجة الظروف الصعبة. مطية للفساد السيد عمار حسن قال ان هذه الحالة بات مبالغا فيها جدا عند بعض الأشخاص الذين يظنون انفسهم انهم وحدهم داخل دوامة الحرب واعصارها مضيفا انها جعلت هذه الظروف مطية للفساد والافساد وارتكاب الأخطاء والمحرمات بات ظاهرة خطيرة يجب التعامل معها بكل صرامة حتى لا تتحول الى عنصر جديد ضاغط على الدولة يضاف الى العناصر الكثيرة الخارجية منها والداخلية التي تستهدف افشال الدولة واضعافها والنيل من صمودها وقوتها، لان إشاعة أجواء الإحباط والياس داخل الوطن وبقصد او دون قصد والتذرع فيها هربا او تهربا من تحمل المسؤولية والواجب من شأنها ان تضعف النفوس وتحبط الهمم وتصيب المعنويات التي نحن في احوج ما نكون اليها في مقتل. بدورها قالت السيدة ندى طبنجة ان الاختباء وراء ظروف الحرب الصعبة من قبل الكثير ممن اقابلهم يعد استسلاما لأعداء هذا الوطن الذين يريدون ايصالنا الى حالة مزرية من الإحباط واليأس تقضي على آمالنا وطموحاتنا ومعنوياتنا وهذا يعني تدمير الدولة من الداخل ودق اسفين فيها وهذا يشبه السوس الذي سينهش الوطن من الداخل. السيد أبو علي جمعة قال ان التذرع بالظروف الصعبة التي يمر بها الوطن قد يكون امرا محتما وغالبا ولا مفر منه في بعض الأحيان لأنه واقع يجب مواجهته وألا نحاول مجانبته وتجنب رؤيته، لكن ان يتحول هذا الامر الى الشغل الشاغل للكثيرين فهذا امر غير منطقي لأنه يساهم في نشر مشاعر الإحباط والتوتر والياس عند عامة الشعب. حتى نسترد عافيتنا بالتأكيد اننا لا نُنظر ولسنا بعيدين عن الواقع لأننا نعيش في صلبه ومركز محرقه، فالمقصد من طرح هذا الموضوع هو تسليط الضوء على امراضنا وعيوبنا لا لفضحها بل لسترها وتجاوزها ومعالجتها من أجل ان نسترد عافيتنا ونستعيد بسرعة ما فقدناه خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتالي شحذ الهمم وانعاش الاحلام المتكسرة وايقاظ الضمائر المتمارضة والمتماوتة، فلا يزال هناك فسحات واسعة من الامل، ومساحات شاسعة من العمل المضني والجاد لإعادة البناء والاعمار حتى نعثر على ما ضيعناه بأيدينا ذات غفلة من الزمن تحت وطأة الشعارات البراقة والرنانة التي صدرها لنا الغرب بطرود من وجع وعذاب وألم. صحيح ان الحالة موجعة وصعبة ومؤلمة جدا وعلى جميع أبناء الشعب السوري، لكن الاستسلام لها موجع أكثر ومؤلم أكثر وخطوة على طريق الموت المحتم. |
|