|
ثقافة
«مرمي على الرصيف» ليس مولودها الأول بل سبقه الى ذلك المجموعة القصصية» الرجل الذي أضاع رجولته وورد الاثنين» وهذه العناوين التي نغوص من خلالها الى عالمها الذي تميز بجرأة الطرح والتعبير على بساطة العبارة، فهي لاتجهدنا في البحث عما تريد الافصاح عنه كجرأتها عندما تغافل والدها الذي زرع الحديقة واجتهد في عنايتها لتأتي في يوم تحصد فيه كل الأزهار كرمى لعيني من تحب:
جمعت لك ورود حديقتنا كلها ولأن والدي كان ينتظر تفتحها.. فقد قررت أخذها إليك.. وفعلت وضعت الوردات الغافيات أمام الباب.. وأدرت ظهري للمرة الأولى لبيتك لاشك أن الشعر بوابتنا الى التواصل مع الواقع ترى كيف تحلق به شاعرتنا الى عوالم الروح؟ تقول الأديبة رنا علي في لقاء عقب توقيع مجموعتها الشعرية» مرمي على الرصيف» أنه حين يصير خيط القلم كالحلم يتشعب الفكر بعيدا عن الاحتكاكات الحقيقية، مايخلق رؤية جديدة لما هو كائن وما سيكون، ومن الضروري جدا وجود هذه الرؤية الافتراضية في التعبير الكتابي لأنها الوحيدة القادرة على إظهار الإبداع من خلال الخيال والتخيل. والتحليق الى عوالم الروح يحتاج الى مخزون ثقافي ومعرفة جمعية وتوارث فكري وكلها تتأتى من خلال القراءات والاطلاعات على كل شيء من دون نسيان الاعتماد على الحقيقة، فكل الأساطير كان فيها أساس من الحقيقة. أما عن رأيها في توجه الكثير من الشعراء الى الشعر الحديث بعيدا عن قيود الفراهيدي إن كان استسهالا أو هو رؤية جديدة فتقول إن الأمر لم يعد جديدا وليس استسهالا، فالكتابة من دون قيود تقيد أكثر لأن العفوية ليست مطروقة في الشعر مايؤدي بالكاتب الى التقيد بالمفردات المعروفة والتقيد أكثر باقترابها منه شخصيا، أما قيود الفراهيدي فهي الأساس، والانسياب بعيدا عنها يشبه بدء الكتابة بها ومن ثم الالتزام بما يجعل النص أكثر جذبا للمتلقي، والنثر الكتابي هو انسياق نحو اتساق الروح بحالتها لتقترب أكثر من المتلقي نفسه. ربما الطبيعة هي مصدر الهام الكثير من الشعراء وهذا ربما يوقعهم في مطب التقليد والتكرار فكيف تغلبت الشاعرة رنا على هذه المعضلة؟ تقول: كل الناس يرون الأمر الواحد برؤى مختلفة ولكن التميز هو الرؤيةالفضلى التي جعلت منه بعيدا عن التكرار الذي لابد وأن البعض قد قدر على تجاوزه، من خلال القراءات المتعددة والمتباينة للموضوع الواحد مايجعل القارىء المتحول الى كاتب يبتكر وجهة نظر جديدة لما عرفه السابقون. الشاعر لايمكن أن يغض الطرف عما يحيط به فكيف ترجمت ذلك شعرا؟ الكتابة مجرى دفق يتعايش في روحي وجدا وترجمتها على الورق بقدر سلا ستها هي من الصعوبة بمكان أيضا لأن الحالة الخاصة هي خاصة بالشخص نفسه، ويكمن التفرد في جعل القارىء يحيا هذه الحالة من خلال اسقاط التناصات التي يدركها الكاتب بعد تجربته الحياتية، والأمر يحدث معي لأنني كنت قارئة مرات وبقيت، ولذا أعرف ذلك القدر الذي يخولني إشراك القارىء بحالتي. نلاحظ تفوق الشعر في الوقت الحالي على الأجناس الأدبية الأخرى، ماهي الأسباب برأيك؟ لسهولة السرد سحر لايدركه قائل الشعر الذي يرتبط بشكل جذري بالوزن والقافية والدوائر العروضية، ولكن صدى الشعور الباذخ في سموه يتجاوزالقواعد الشعرية ويتحول الى نثر أو شعر مرسل أو خاطرة أو منمنمات، وهذه التشعبات لايمكن ابتكارها في القصة أو الرواية أو باقي أفراد الأسرة الأدبية، ولهذا نرى حملة القلم يرصفون الكلمة بشكل مسبوك شعريا أكثر. في كل مرة يستلني فيها الشعور قلما، يكون القلب هو الحاكم في القصة، لذا فأنا في المنمنمات النثرية خاصتي كنت رنا ورنا فقط، رنا العاشقة ورنا التي تحزن وتضحك مثل فراشات دار حولها الأولاد فلم تتنوع الموضوعات عندي أكثر مني نثريا، أما في القصة فيوجد كل الناس وكل النقاط الاجتماعية والسياسية والفكرية، وهذا مجالي الأكبر في الكتابة وإن كنت مقلة به. ومشروعي الشعري هو الارسال في الدفق وإن كنت ألامس الوزن القواعدي للأبحر موسيقيا. هي الشاعرة التي لايزال صوتها يسكن في أرجاء المعمورة وهي تقول: أذود عنه روحي القتيلة.. إنما أشاء بقائي طوعاً لابيسراه.. كخاتم العهد أبغي حياتي.. فيمضي صباحي وليلي وإياه.. فعساه يدري بوجدي وبأنني.. أبغيه لي.. خاتم النبيين عساه |
|