|
الصفحة الأولى وتقول صحيفة لو بوان الفرنسية إنه لما أعربت الغالبية العظمى من الأوروبيين أنهم من أنصار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، تميزت عنهم فرنسا بأن لديها أغلبية متزايدة من أنصار الخروج من عضوية الاتحاد، الأمر الذي يعكس شكوكاً متزايدة لديهم بأوروبا . ويلخص دومينيك مويسي من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية هذا الواقع بقوله «يعكس لنا ذلك علاقة فرنسا مع أوروبا في الوقت الحالي ويعكس علاقتها مع بريطانيا على الدوام .» هذا وقد التقت سلسلة استقصاءات أجرتها ثلاثة معاهد مختلفة خلال الفترة الممتدة بين نيسان وحزيران على تقييمها أن نسبة الفرنسيين الذين ينظرون بعين الرضا على تصويت جيرانهم البريطانيين لصالح قطع الحبال مع الاتحاد الأوروبي تبلغ 32% و 41% . وطبعاً تعتبر تلك النسبة قليلة مقارنة بنسب أخرى ترى أن خروج بريطانيا يعتبر خبراً سيئاً، والبالغة 58% إلى 62% . ولكنها مقارنة بنسب أخرى سجلتها دول أوروبية شريكة مع باريس، ولا سيما ألمانيا تعتبر الأعلى، حيث لم تبلغ في ألمانيا نسبة أنصار التصويت لخروج بريطانيا أكثر من 15% . ويصف الأستاذ دومينيك مويسي هذا الوضع بقوله «تعتبر بريطانيا، في الحقيقة أكثر قرباً لفرنسا، على الصعيد التاريخي، وهذا التقارب خلق بينهما تنافساً » مشيراً إلى ماضيهما المشترك بوصفهما اثنتين من أقدم القوى الاستعمارية في أوروبا. وتعرج الصحيفة إلى القائمة الطويلة من الأزمات التي اندلعت بين باريس ولندن خلال مرحلة بناء البيت الأوروبي . ومنها الفيتو المزدوج الذي اعترض فيهما الجنرال ديغول خلال أعوام الستينات على انضمام بريطانيا للسوق الأوروبية المشتركة، وكذلك «الصدامات» بينهما حول السياسة الزراعية المشتركة. وظلت الحادثة الأشهر تلك التي وقعت بينهما في عام 1988، حينما هاجم جاك شيراك، وكان يشغل حينها منصب رئيس الوزراء نظيرته البريطانية مارغريت تاتشر في معرض غضبه بسبب الشرط الذي وضعته المرأة الحديدية الخصم على مساهمة بلادها في الميزانية المشتركة بقوله «ماذا تريد أكثر من ذلك ربة المنزل هذه؟» وكان لا يعلم أن الميكرفون أمامه مفتوح . وبعد خمسة عشر عاماً، وكان قد أصبح رئيساً لفرنسا عارض شيراك مجدداً لندن في حربها على العراق . وإذا ما نظرنا إلى ما هو أبعد من العلاقات الودية بين الدولتين على مر قرون، فإن الجزء الأكبر لدى الفرنسيين من أنصار الخروج من الاتحاد، ولأسباب متضاربة هم من اليمين المتطرف المناهض للأوروبية، المطالبين بالسيادة وأنصار أوروبا الفيدرالية . أي وفق ما علق عليه مويسي «مزيج من السياديين والفيدراليين، ويتوجب علينا في حال قال البريطانيون «لا لأوروبا» إعادة النظر في أوروبا، وثمة فكرة أنه يمكن التفكير في أوروبا من دونهم «ومن جهته علق فرانسوا لا فوند بقوله «يعتبر ذلك بالنسبة لليمين المتطرف بداية النهاية، الإشارة التي ينتظرونها من زمن بعيد » . وهذا ما أشارت إليه مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا خلال زيارتها لفيينا العاصمة النمساوية بقولها إنها ترى في «قوى الخروج من الاتحاد» «مؤشراً قوياً» على «دينامية ربيع الشعوب» معتبرة أن لدى فرنسا أسباباً أكثر بألف مرة من البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي . معربة عن رغبتها بأن يتم «الطلب من جميع الدول الإعراب عن علاقتها مع الاتحاد الأوروبي» بينما، وفق ما تقوله الصحيفة، يرى أنصار الفيدرالية أن لدى الفرنسيين انطباعاً أن البريطانيين كانوا دائماً عقبة في طريق تعميق الاتحاد . والبعض يقول «إذا خرجت بريطانيا، يمكننا أن نفعل الكثير « ومن جهته أكد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق الاشتراكي ميشيل روكار في شهر كانون الأول عام 2015، والذي كان بمثابة المحامي الأكثر وضوحاً في هذا الاتجاه «بالطبع، لا يمكن أن تنطلق أوروبا دون أن يخرج البريطانيون منها.» وتخلص المجلة إلى القول إن مشاعر عدم الثقة بأوروبا ليست بالجديدة في فرنسا، حيث تم فيها سابقاً رفض الدستور الأوروبي خلال استفتاء أجرته باريس في عام 2005 . إلا أن تلك المشاعر تسجل ازدياداً. وتستشهد بدراسة أجراها معهد بيو للأبحاث في الولايات المتحدة تقول إن فرنسا هي الدولة التي شهد دعمها للاتحاد تراجعاً كبيراً خلال عام واحد ( - 17% نقطة إلى 38% ) وتشير نفس الدراسة إلى التناقض لدى الفرنسيين حيث 39% يعربون عن رغبتهم أن يمنح الاتحاد سلطات إلى الدول الأعضاء فيه، ولكن 34% هم بالعكس من أنصار تحويلها إلى أوروبا. |
|