تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من أين يبدأ أوباما؟

شؤون سياسية
الخميس 19-2-2009م
علي سواحة

يبدو أن كل الدلائل تجمع على أن الدور الامبراطوري للولايات المتحدة لا يمكن المحافظة عليه بعد سلسلة الهزات والهزائم التي منيت بها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش

وانعكست سلباً على مكانة أميركا في العالم الذي بدأ يطالب إدارة الرئيس الأمريكي الجديد أوباما بإعادة النظر بمجمل سياساتها الخارجية والدفاعية وتراجع مخططاتها في حربها الكونية تحت شعار محاربة الإرهاب.‏

ولا شك أن الإدارة الأميركية الجديدة تدرك قبل غيرها أن أهم الكوادر التي قادت السياسة الخارجية والحربية في عهد بوش كانت في الواقع من مؤسسي مشروع القرن الأمريكي الجديد للسيطرة والهيمنة على العالم أمثال (ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول وولفوتيز وآليوت ابرامز وريتشارد ارميتاج وجون بولتون وغيرهم كثر).‏

وقد تميزت عقيدة هؤلاء خصوصاً في السياسة الخارجية للهيمنة على العالم باعتمادها على أساليب الخداع والتمويه والكذب والعمل على إيهام العالم والتأثير عليه بصحة خططها وهذا ما حصل لغزوهم للعراق وأفغانستان والبلقان وتدخلهم السافر في مناطق أخرى كثيرة من العالم.‏

كما ثبت من جراء هذه السياسة التضليلية التي اتبعها بوش وفريقه على مدار ولايتيه الرئاسيتين وهذا ما يجب أن تضعه إدارة الرئيس الجديد أوباما نصب عينيها أن تلك السياسة الأمريكية الرعناء التي قادها بوش وفريقه تراجعت على الصعيدين الآيديولوجي والسياسي وتعثرت الخطط والبرامج العسكرية لتلك الإدارة البوشية خصوصاً بعد تورط القوات الأمريكية في المستنقع العراقي والأفغاني حيث راحت الفضائح إلى اليوم تتكشف وتطيح بالرؤوس الكبيرة الواحد بعد الآخر.‏

إن انهيار المشروع الإمبراطوري الأمريكي يجب أن يكون حاضراً وماثلاً لإدارة الرئيس أوباما ولطموحاته الجديدة في تقديم الصورة الأفضل لبلاده أمام العالم كقوة عظمى تعيد للعالم توازنه المفقود وعلاقاته القائمة على الاحترام المتبادل وسيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها.‏

وبوسع الرئيس الجديد أوباما أن يحقق ذلك طالما أنه قادر على الابتعاد عن السياسات اليمينية تلك التي انتهجها سلفه وبالتالي تغيير كما هو منتظر لأسلوبه وتكتيكاته وخصوصاً في موضوع الحرب على الارهاب الذي يتعين على أوباما ألا يربط الإرهاب بطموحات أميركا كما فعل بوش ما جلب للولايات المتحدة وللعالم من مآس لن تغفر له مدى التاريخ.‏

إن أمام الرئيس أوباما تحديات جسام وتركة ثقيلة ورثها له الرئيس بوش وهي تتطلب مسؤولية في إعادة الثقة العالمية بهذه الإدارة ولا سيما ثقة العرب والمسلمين التي بادلها سلفه كل العداء والظلم والقهر لصالح كيان مصطنع على أرض فلسطين العربية وهي تحديات ومهام ليس من المستحيل معالجتها وتجاوزها كي يتم تبشير العالم بأن عصراً جديداً من الأمن والأمان قادم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية