|
لبنان وبين الأدمغة التي لعلها تجاوزت أو هي تجاوزت، فعلاً، أدمغة الأبالسة؟ وهل نحن بحاجة، كعرب، إلى دليل إضافي حول الأهوال التي تنتظرنا، وقد مارسنا على مدى عقود، وربما على مدى قرون، تلك البلاهة الاستراتيجية، والتاريخية، الفذة، وها نحن نتنقل، وبخيلاء كما تلاحظون، من مستنقع إلى مستنقع، بل من مستنقع دموي إلى مستنقع آخر، فيما استبقينا قضايانا، وأجيالنا، وفي أحيان كثيرة جداً قيمنا وأحلامنا، بين أظلاف القناصل حيناً وبين أظلاف الولاة حيناً آخر؟ وهل نحن بحاجة، كعرب أيضاً، إلى دليل إضافي لنعلم أن زعزعة سورية تعني زعزعة المنطقة العربية بأسرها، وأن أفغنة، أو صوملة، سورية تعني أفغنة المنطقة، وصوملتها، بأسرها؟ وهل ندرك جميعاً أنه بعدما أخفق الرهان على التدخل العسكري، وتبعاته، هناك من أعطى الضوء الأخضر لأيمن الظواهري، مع كل الدعم اللوجستي والعملاني، لنقل تورا بورا إلى الأرياف السورية، وإلى المدن السورية، وعلى مرأى من أصيبوا بالعمى السياسي، والتاريخي، وحتى بالعمى الأخلاقي. هذا إذا كانت الغرائزية التي يتم تسويقها علنا بالأقلام المذهبة أو بالأصوات المذهبة، تجعلنا نصم آذاننا وعيوننا، عن حقيقة باتت واضحة حتى للصحافة الأميركية والأوروبية، فالقاعدة لم تدخل إلى سورية عشوائياً، وبقرار من جماعة الكهوف أو بقدراتهم الذاتية، لا بل إن تنسيقاً على المستويات كافة قدحصل، وهو ما باتت تعرفه حكومات عربية، وحكومات أوروبية، تفكر الآن في ما يمكن أن تحمله الأيام التالية إذا لم يتم وقف السيناريو وفي هذه اللحظة بالذات. لكننا لا نراهن على أخلاقية الغرب، ولا على عشقه المفاجئ لنا، وإنما نراهن على الصحوة فينا، وعلى الجرأة فينا، وعلى تجاوز الذات فينا، حتى لا ننتقل من الحلقة المفرغة التي صنعوها لنا (أو صنعناها لأنفسنا) إلى الحلقة الجهنمية التي حتماً صنعوها لنا، والتي حتماً ينبغي أن نكسرها الآن، الآن، وإلا... وعلى هذا الأساس، فالحكومات السورية كما المعارضة السورية التي لم تؤخذ بسحر القاذفات، ولا بسحر الكازينوهات، ناهيك عن سحر السفسطة والتنظير، مدعوتان إلى اختراق الحلقة المفرغة إياها بخطوات شجاعة نحو الحوار المفتوح، وحول كل شيء، حتى لا تتحول سورية، ومعها المشرق العربي، إلى أثر بعد عين.. مرة ثانية: الآن، الآن! |
|