تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اغتيال السلام

شؤون سياسية
الأحد 2/3/2008
حكمت فاكه

تمر المنطقة حالياً بأخطر مرحلة في تاريخها المعاصر. فالعمليات التدميرية والمجازر المفتوحة التي ترتكبها اسرائيل في فلسطين وامريكا في العراق,

انما تأتي في اطار اجندة سياسية اميركية - اسرائيلية هدفها إعادة رسم خريطة المنطقة. وتؤكد الخطوات العملية المتخذة من الولايات المتحدة اخيراً عدم وجود مصلحة لدى الادارة الاميركية في احراز تقدم حقيقي في عملية السلام في المنطقة. كما ان تحليلا للسياسة الاميركية في هذه المنطقة يؤكد عدم جدية البيت الابيض في ايجاد حل شامل, لانها تتبنى اصلا حماية المصالح الاسرائيلية ولن تكون وسيطاً نزيهاً في عملية السلام.‏

وأكبر دليل على ذلك تأكيد الرئيس بوش دعمه لموقف اسرائيل في اثنتين من قضايا الصراع المتمثلة في تجاهل تام منه لما يمليه منطق العدل والقانون الدولي: حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى بلادهم التي ارغموا على مغادرتها بالقوة عام ,1948 ودعم رغبة (اسرائيل) في الاحتفاظ ببعض الاراضي التي احتلتها بالقوة .‏

كما أعرب بوش عن انحيازه الى جانب اسرائيل فيما يتعلق بقضية المستوطنات, وان كان قد وصف العشوائية منها ب (عدم الشرعية) حيث لم يعلن اي رفض من جانبه للمستوطنات الاصلية بحد ذاتها, وهي التي يصفها القانون الدولي والمجتمع الدولي بعدم شرعيتها. وكانت محكمة العدل الدولية قد اكدت في عام 2004 عدم شرعية هذه المستوطنات المقامة في الاراضي المحتلة . بما فيها تلك القائمة في القدس الشرقية.‏

وبحكم ادراكهم لدعم واشنطن الثابت لهم في فرض شروطهم على نحو مستمر على الفلسطينيين, بغية استحداث المزيد من الحقائق على الارض, سرعان مااعلن القادة الاسرائيليون بعد مؤتمر -أنابوليس- بفترة قصيرة, عن خطط جديدة تهدف الى بناء المزيد من المستوطنات في الاراضي الفلسطينية. لذلك يجب النظر الى الحصار الجاري حاليا على الفلسطينيين في سياق حقائق القوة هذه.‏

وكانت قد صدرت إدانة المجتمع الدولي للحصار المفروض على قطاع غزة , وقطع امدادات الكهرباء والوقود عنه حتى تسفر هذه الاجراءات عن أزمة انسانية, الى جانب كونها تصل الى حد فرض العقوبات الجماعية على مجتمع مدني بكامله في انتهاك واضح للقانون الدولي.‏

وضمن ردود الفعل الدولية على هذه الاجراءات , وصفها -جون هولمز- نائب الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية , بأنها غيرمقبولة وغير مسوّغة اخلاقيا. ومن جهته حث الاتحاد الاوروبي (اسرائيل) على عدم تطبيق مااسماه (عقوبة جماعية) على فلسطينيي القطاع. بل ان منظمة (بتسليم) الاسرائيلية لحقوق الانسان, اوردت في تقرير لها لعامي 2006 و2007 ان القوات الاسرائيلية قتلت 816 فلسطينيا من بينهم 152 من القصَّر و48 طفلا دون سن الرابعة عشرة. كما نقل عن -يوفال ديسكن - رئيس وكالة الامن الاسرائيلية, ابلاغه لمجلس الوزراء الاسرائيلي عن اغتيال اسرائيل لما وصفهم ب1000 -إرهابي- في قطاع غزة خلال العامين الماضيين. وكما حدث في الماضي . فكلما لاحت مؤشرات السلام للحكام الاسرائيليين, صعدوا حملات العنف ضد الفلسطينيين وعلى هذا النحو تبقى الاستراتيجية الاسرائيلية تراوح مكانها. فإذا كان لامناص من ابرام اي اتفاق سلام مع الفلسطينيين, فإن على هذا الاتفاق ان يعكس بوضوح تفوق قوة المحتل, وليس الحقوق الشرعية لضحايا الاحتلال.‏

مايريده الإسرائيليون هواطلاق أيديهم بالكامل اثناء أية مفاوضات تجرى في الضفة الغربية كما تقول صحيفة (نيويورك تايمز) الاميركية, بهدف ممارسة المزيد من الضغط على مفاوضيهم الفلسطينيين. كما يرغب الاسرائيليون كذلك في نزع الصفة العسكرية عن الدولة الفلسطينية المستقلة, في مقابل انتزاع الحق لاسرائيل في رقابة الحدود وحراستها والسماح بنشر قواتها عندما تشعر (اسرائيل) بأي خطر اعتداء عليها من قبل فلسطين.‏

وبعبارة اخرى , ترغب (اسرائىل) في دولة فلسطينية بلاأسنان, بحيث تسهل اعادة احتلالها في طرفة عين.‏

هذا هومنطق الحرب الذي يبدو واضحاً في حصار اسرائيل لقطاع غزة . وعندما يكون الموقف الفلسطيني تفرقه الخلافات فلم تجد قيادته بداً لها أمام هذا العدوان الغاشم, الذي تشنه على شعبها آلة الحرب الاسرائيلية من الاستنجاد بالمجتمع الدولي, والتماسه بالتحرك لوقف الدمار الذي تلحقه اسرائيل بالشعب الفلسطيني وممتلكاته, ووضع حد لاستمرار هذه السياسات الاسرائيلية المقوضة لعملية السلام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية