|
مجتمع والده من سكان قرية (دير ماما)مصياف,هرب أيام الاحتلال العثماني إلى حمص واستقر في قرية الشعيرات وتزوج فيها ورزق بعدد من الأولاد منهم محمد,وسجل تاريخ ميلاده في البطاقة الشخصية عام/1910/ ولكنه ولد قبل هذا التاريخ حسب قوله. في جعبته الكثير من الحكايا أعادتنا بذاكرته الوقادة رغم تقدمه بالعمر إلى أيام خلت مليئة بالشقاء كانت فيها منغمسة بالدم.أيام الجوع (السفر برلك)كان الناس يأكلون حشاش الأرض. اضطر للهروب من قريته التي عاد إليها وعمره/17/سنة خوفاً من الجيش الفرنسي الذي كان يقتاد الشباب إلى صفوف الجيش الإجباري. بقي يتنقل من قرية لأخرى مختبئاً منهم أنيسه الوحيد/الربابة/التي لم تفارقه لحظة يحملها على كتفه في تنقلاته بين القرى سيراً على الأقدام يلقي الشعر ويغني العتابا حتى بلغ الستين من عمره.أولاده سبعة وبلغ عدد أحفاده وأولادهم (75) حفيداً. سألنا عن حياته الحالية وكيف يجدها مقارنة بالحياة الماضية التي مرَّ بها فقال: طغت المصالح على علاقات الناس هذه الأيام.وللأسف المصلحة غلفت كل تصرفاتهم ولا أحد يقف إلى جانب أخيه إلا إذا كانت مصلحته في المقدمة.. في السابق حياتي كانت مملوءة بالتعب وينقصنا كل شيء ولكننا كنا مبسوطين مع الأهل والجيران. أيام الأتراك وعن حكاية والده بالورقة السوداء قال:كان الحظ العاثر يلاحق والدي.وآخره عندما هرب إلى حمص خوفاً من بطش الجيش التركي به لأنه كان يأخذ شباب القرية للجيش,فكانوا يضعون جرة كبيرة فيها/أوراق بيضاء وأوراق سوداء/,ثم على شباب القرية سحب ورقة منها.الذي يمسك بالورقة البيضاء عليه أن يدفع /50/ليرة عصملية/وبالطبع لا أحد يملك ليرة واحدة,أما الذي يمسك بالورقة السوداء فستكون حياته أسود منها وسيذهب للجيش الإجباري ولهذا هرب والدي من القرية إلى سلحب حيث بيت /الباشا/ليحميه واختبأ هناك عدة سنين.. اعتبرونا من العصاة ويضيق العم محمد: بعد أن ولى العهد التركي عدت إلى قريتي وعمري/17/عاماً.وكان مجموعة من شباب القرية على اتصال مع الشيخ صالح العلي.لهذا كانت الدوريات الفرنسية تكثف دورياتها إلى القرية للبحث عن الأسلحة,?كنا نهرب إلى الجبال بعيداً عنهم كانوا يعتبروننا من العصيان ولن أنسى تلك الأيام الصعبة وذكرياتها القاسية كانوا يحرقون أقدام الرجال بالنار كي يعترفوا بوجود الأسلحة لديهم.. وقد اضطر صديقي الاعتراف بوجود بارودته في القرية المجاورة (اللقبة) كي يتخلص من العذاب,فأرسلوا معه اثنين من العبيد سيراً على الأقدام ليجلبها.وعند نهر اللقبة أثناء انشغال العسكر بالاغتسال,اغتنم الفرصة وهرب بين الجبال والأشجار. مرارة الفراق ويحدثنا العم محمد عن زوجته رفيقة دربه التي توفيت منذ /20/ سنة بأنها كانت مثالاً للمرأة المكافحة تشاركه العمل في الكروم وأيام الحصاد وفي البيت,ومن الصعب عليه وصف شعوره لفقدانها ولا سيما بعد أن كبر أولاده وتزوجوا وانشغلوا بحياتهم الخاصة. لكنه يزورهم باستمرار ويقضي أيامه بالتناوب عندهم فهم لا يتركونه يعيش وحده ويهتمون به.وعن أقرب وأحب أولاده إليه قال:المريض حتى يشفى,والغائب حتى يحضر والصغير حتى يكبر. |
|